6‏/4‏/2014

ألا يغتصب الرجل زوجته؟

معمر عطوي
لا يكفي أن يقر مجلس النواب اللبناني قانون “حماية النساء من العنف الأسري”، من دون أن يكون هناك تربية واسعة تبدأ من الصفوف المدرسية حول أهمية التخلص من العنف الذكوري والذهنية البطريركية الأبوية المتعالية. إذ أن استمرار منحى العقل الجمعي بالصورة التي هي عليه الآن تجاه المرأة لا يلغي صور وأسباب العنف المتعددة والتي يشرعنها جهابذة الفقه الديني أحياناً ويعززها العُرف الاجتماعي أكثر ويباركها القانون المدني الذي يتماهى كلياً مع شرائع الغيب في لبنان.

لقد أقر مجلس النواب القانون من دون التعديلات التي طالبت بها الجمعيات الحقوقية الناشطة في مجال حق المرأة والأسرة. وكان الإعتراض الأهم على عدم تجريم الإغتصاب الزوجي الذي ورد في القانون تحت مسمى “إستيفاء الحق الزوجي”.

فمما لا يمكن القبول به بعد اليوم أن يكون الرجل صاحب حق في مضاجعة زوجته متى شاء ذلك بقطع النظر عن وضعها النفسي أو الصحي أو جهوزيتها أو رغبتها. المفارقة أن المجتمع لا يؤمن بوجود اغتصاب بين زوجين وهذه من مساويء التربية الذكورية التي تعطي للذكر حقوقاً تمكنه من جعل الأنثى مجرد مطية لنزواته، وجسداً لإشباع غرائزه، فضلاً عن دورها كمربية لأولاده، وخادمة للقيام بأعمال المنزل من طبخ ونفخ وتنظيف وترتيب الخ.

ناهيك باعتماد الرجل على راتب زوجته الشهري الذي تجنيه من عملها أو مهنتها خارج المنزل. وفي الأخير يخرج علينا المشايخ ليتحدثوا عن حصة الذكر “مثل حظ الأنثيين” في الإرث ويزعمون أن الشرع عادل.

لقد قرر نواب لبنان الذين هم صورة حقيقية عن المجتمع البطريركي بتعاليهم على شعبهم واستغلالهم له، أن يعمموا القانون ليصبح مفعوله متعلقاً ليس فقط بالمرأة بل بكافة أفراد الأسرة، على اعتبار أن هناك رجالاً أيضاً يتعرضون للتعنيف. وفي ذلك حيلة واضحة على قانون مفترض أن يكون واضحاً في خصّ المرأة بالعناية والحماية.

المرأة بحاجة الى حماية ممن ينظر اليها “بوصفها عاراً” (كما تحدثت في مقال سابق في هذه الزاوية). هي بحاجة للحماية من مجتمع ينظر لها على أنها خطيئة تمشي حتى لو كانت أطهر من الطهر نفسه.

لعل الرجل الخبيث السيئ بنظرته الحسيّة الغرائزية للمرأة هو الذي يعطي الانطباع هذا عنها مع أن ما يظنه في زوجته أو إبنته أو أخته أو حتى جارته ما هو الا انعكاساً لسوء نظرته للنساء وحقيقة تعاطيه معهن كأدوات جنسية “بنصف عقل” أو على مبدأ بونابرت “كل النساء عاهرات”.

تُرى لماذا لا يطلقون على صنف الرجال اللعوب أيضاَ عواهر؟ أليست هذه من مساويء أعرافنا المتخلفة الظالمة؟.

نعم المرأة هي الأم والأخت والإبنة والصديقة والحبيبة والزوجة وهي الحنان والتضحية. هي العاملة في البيت وخارجه وسبب وجود الإنسان واستمراره، ومع ذلك لا زلنا نطالب بحمايتها من مخلوق غريب عجيب يزعم أنه كامل العقل لكنه لم يدرك بعد كنهها وأهميتها وبأنها أكثر منه اتّزاناً وقوةً وتقديراً للمشاعر حتى في علاقتها بالجنس الآخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق