20‏/6‏/2000

مرآة


أذكر يومــًا أني إصطدت مرآة
وعرفت أن المعنى يحلق في دنيا الأحلام..
وأن اللحظة الكبرى .. منظارًا
أبصر فيه كل صفــات الإنســان..

لــو كــان قلبــي غــابة
وضــميـري طرقــات في الأدغــال..
لــو كــان رأســي قطعة عــظم
ولــساني آلــة تســجيل ٍ
تــحفـظ كلمــات الأقــران..

لــو كــنت أنا غــيري
جســدي مرتديـًا روح بشــر ٍ آخــر
لأكون مـا شــئت ,مـا تشـائين.. مـا يشـاؤون
لكن مرآتي تبقى أنت
وتــبقى روحك تحمــلني كأفنان..

أتــعرق حين أرى طيفك
حتى لـو كنت في عز البرد..
تقفز كل قردة أعصــابي في تلك اللحظة..
لكني لم أفهم ..لم أعقل معنى الأشــجان..

تقولــين" ساذج" لابأس
وإن قلت أني جننت..لابأس
وإن قلت أني أحلم في دنيـًا أخرى
لابأس..
لكني لا أعرف ما موقفك لو أخبرتك :
أني أشاهدك في كل مكان..

لــيت الأمل يبقى إسمًا
والحب قصيدة سـائبة ً دون إيقاع ٍ أو ألحان..

ليت الوجد يبقى فعلاً حلوليًا
والشغف تعبيرًا سورياليًا
وهــيام القلب أضغاث أحلام..

ليت البحر يرشفني
كي يستر كل جنوني..
ليت أمواجه بركــان..

ســتكون حياتي قصيدة
وأفكاري مقالا ً لا يقرأه أحد ٌ
وخواطري ستجول في الصحف
لكن ذلك يبقى في طي النسيان..

لي أمل فيك يـا أملي
لا أدري كيف أحققه
في ظل البعد يصاب المرء بالغثيان..

بالأمس كنت مـعك..
كــنـا في في وضع ٍممتاز
أحسست أني أعيش الدهر بحنـان..

أحببت أن أبقى معك دون أن أييأس
أحسست أني ضـلـع مـنـك
وأنك ضلع مني..
وكنا نصير كالصبيان..

يا أمواج بحري الهائج
يا كلمات ٍ تسبح في عمق المعنى..
يــا أشعارًا يلــقيـها لساني دون أن أدرك معناها..
يا شريان فؤادي الأبهر
كيف تكون لوحاتي في دنيا الألوان..

وآراك أحببت اللون القاتم ..
بالله عليك
كيف لملاك ٍ أن يتشـاءم
وأن يظهر ما ليس في الحســبان.

جدة في: 20/6/2000
معمر عطوي.


3‏/6‏/2000

ويذوب الشوق


نعود اليك والأرض يباب..
ولظى الشوق يبّخر بعد المسافة
بين القلب والأوردة ..
يحرق أوهام الفرح
ويحول السراب الى واحة بعذوبة المكان ..

* * *
اثنان وعشرون عامًا وينتهي دفتر الحنين
بعد طول انتظار..
كنا ننظر اليك من البعيد
نشهد طفولتنا في خوابي الزيت
وبين وريقات الزيتون..
وعلى "الجداول المنسابة من ثلوج الجبل الشامخ..

* * *
اثنان وعشرون عامًا مرت كالنار تحرق التراب
ويطول صمت الناي عند أبراج الحديقة..
ويعتم النسيان ليل البعد الجارح
فوق أجنحة الزمان..

* * *

" حرمون " نعبرك بصمتنا بأوجاعنا
بحنيننا المجبول بندب العشق" العاملي"
على ربى الجليل ومشارف الجولان..
* * *

بعبيرك الوضّاء نشدو على خارطة الحرمان..
قريتي.. اليك نعود ..واللهفة احتضان..
وتحت نسيم الشوق يلفحنا شذاك في "الصحراء"
حيث البعد والتمزق يعبرنا
بنصال الحسرة والآلام..
* * *

برجوعك الينا نحتفل
بعد زوال الدنس
والذكرى تنضح بالمجد والأفنان..
* * *
اثنان وعشرون عامًا والخوف يزول بخناجرنا
ويعود الجبل للشطآن..
آلام تتكاثر تبتعد ..تتعثر
بجموع الناس زاحفة من خلف غيوم الغضب
والظفران..
تحمل كل حنين عجائزنا
وكروم التين ..والماعز..
وربابة راع ٍ ترك قطيعًا للطوفان..

* * *

سنوات مرت مجبولة بقطرات الدمع
وآهات الذل والأحلام..
وسراب الوقت يزول
حين تعبر امرأة باحثة عن عبق شهيدٍ..
خلف الأكوام..
ويلتمع أمل الوجد
ويذوب الشوق وآهات النسيان..

* * *

وتعود القرية محررة ً
ويفر الذئب وتنتصر الأغنام..
تتمرد فوق سواترهم
وتحول الوجع لقصيدة..
تعزف على وتر بنادقنا
المرفوعة بين الوهد والوديان..

* * *

اثنان وعشرون عامًا
وتعود سواعدنا للزرع وتنمو الأغصان..
ونسجل في صفحات دفاترنا
أن العودة قد تمت
والحب يعود مع السيلان..

* * *

لكن الجبل ما زال يذكرنا
أن الأرض خراب..
و"الأقصى" في أيدي السجان..
معمر عطوي- جدة
عكاظ في :3/6/2000.
ملاحظة: كتبت بعد اسبوع من اندحار العدو الصهيوني عن جنوب لبنان.
الى قريتي "الهبارية".