30‏/4‏/2008

فليكن الخليج الإسلامي

معمر عطوي
من المُفارقة أن يُعلن الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، «الخليج الفارسي» خليجاً لـ«الصداقة والأخوّة»، في مناسبة «اليوم الوطني للخليج الفارسي» الذي تحتفل به إيران «الإسلامية» في كل عام، رغم الجدل الجغرافي والتاريخي الواسع بين العرب والفرس حول هويّته.المفارقة تكمن في الهوية الإسلامية التي تماهت معها إيران منذ ثورتها على يد الإمام الخميني في عام 1979، فيما تؤكد هذه الثورة على البُعد الثقافي القومي في كل مناسبة، رغم أن حدود الهوية الإسلامية تتجاوز مسائل الهويات القومية والوطنية والمذهبية.قد تحمل كلمة نجاد إلى المشاركين في الملتقى «الثقافي ــــ السياحي» لمناسبة «يوم الخليج الفارسي»، أول من أمس، مدلولات إسلامية لجهة دعوته إلى «التعاون الإيجابي» لشعوب المنطقة في هذا الخليج. بيد أن هذا الخطاب المؤكِّد على فارسية الخليج، يقود إلى كلمة تاريخية ذكرها الإمام الخميني في أوائل أعوام الثورة، حين سأله أحد الصحافيين عن إشكالية مُصطلح «الخليج الفارسي» وما يثيره من حساسيات لدى دول المنطقة العربية، فردّ عليه بالقول لنسمِّه «الخليج الإسلامي».يبدو أن الإيرانيين الغارقين في ولائهم الفارسي على غرار الكثيرين من العرب الغارقين أيضاً في ولائهم العروبي، لم يستلهموا من إمامهم الكثير. فبقي البُعد القومي غالباً على البعد الإسلامي لديهم. لعل أحد تجليات هذا الواقع ما أعلنه وزير العلوم الإيراني، محمد مهدي زاهدي، أمام المؤتمر نفسه، وبشيء من الاستفزازية، أن اسم «الخليج الفارسي سيبقى متلألئاً في جغرافية العالم ما دامت إيران والإيرانيون في العالم».لا يمكن حسم أصل التسمية لهذا الخليج الذي يقع في حوضه العديد من الدول العربية وإيران على السواء، من خلال محاضرة في مؤتمر أو مقال صحافي. بل من الإجحاف القول إن الخليج «فارسي» أو «عربي» من دون التدقيق في الوثائق التاريخية التي قد تُثبت صحة مقولة هذا الطرف أو ذاك. وقد لا تثبت أيضاً، على غرار أزمة الجزر الثلاث بين إيران والإمارات.والأجدى في هذا الإطار الخروج من دائرة التنظير ورمي الاتهامات، إلى مفاوضات جديّة وهيئة تحكيم دولية، مُدعَّمة بالوثائق والبيانات التي من شأنها أن تضع حداً لهذا السجال الطويل والجدل الذي لا طائل منه، بعيداً عن مائدة المفاوضات.وإلا فإن ظروف المنطقة الحسّاسة، في ظل الهيمنة الأميركية ــــ الإسرائيلية وضرورات تعزيز السياسة التي سار بها نجاد تجاه جيرانه الخليجيين، يفرضان نوعاً من التسوية بهدف نزع أي فتائل للتفجير بين الدول الفارسية والدول العربية. تسوية لا بد منها من أجل طمأنة العرب بأن إيران لا تمتلك مشروعاً للهيمنة على المنطقة على غرار المشروع الصهيوني، كما يُثار في الدوائر السياسية والإعلامية العربية هذه الأيام.وإلا لماذا تشنُّ إيران منذ فترة حملة على موقع «غوغل» الإلكتروني لاستخدامه تعبير «الخليج العربي» بدلاً من «الخليج الفارسي»، في وقت تقوم فيه إسرائيل بمحاولات تهويد كل فلسطين، وفي وقت تذرع فيه البوارج الأميركية هذا الخليج كما يحلو لها.أمام هذا الواقع يصبح اللجوء إلى اللغويين، الذين يؤكدون أن «لا مشاحة في الاصطلاح». فليكن «الخليج الإسلامي» أو «خليج الوحدة الإسلامية» الا يكون بذلك متوافقاً مع مبادئ الثورة حينها؟
الأخبار:٣٠ نيسان ٢٠٠٨

29‏/4‏/2008

إيران تلعب ورقة التكتّلات الاقتصاديّة

معمر عطوي
رغم ما تتعرّض له من ضغوط وعقوبات دولية، بسبب برنامجها النووي، لا تزال طهران تلعب ورقة التكتلات الاقتصادية، كبديل عملي لسياسة الأحلاف العسكرية والسياسية التي سادت خلال الحرب الباردة. لعلّ غناها بمصادر الطاقة يؤسس لظهور تكتل اقتصادي عالمثالثي، رغم امتعاض واشنطن. تدعم هذه الفرضية زيارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، إلى باكستان والهند، التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تذليل العقبات من أمام مشروع بدأ الحديث عنه في عام 1993، يقضي بتزويد إسلام آباد ونيودلهي بالغاز الإيراني عبر أنبوب بطول 2600 كيلومتر، يدعى «أنبوب السلام»، بتكلفة 7.5 مليارات دولار، على أن يبدأ نقل الغاز من حقل «غاز فارس» الجنوبي في سنة 2011.مشروع لم يُبصر النور حتى اللحظة، بسبب الخلافات بين باكستان والهند على رسوم الترانزيت والمسائل الأمنية، فيما يثير هذا التقارب بين نيودلهي وطهران امتعاض واشنطن.بيد أن الهند المُتعطّشة إلى مصادر جديدة للطاقة لتغذية اقتصادها المزدهر، تتطلّع إلى إيران كمورد للطاقة في الأجل الطويل، غير آبهة لامتعاض صديقتها الأميركية.لذلك كان الردّ الهندي شديداً حين طالبتها واشنطن بإقناع طهران بوقف برنامجها النووي، مشيرةً إلى أنها لا تحتاج إلى أي «خطوط إرشادية» في إدارة العلاقات الثنائية.على الخط الإيراني ــــ الباكستاني، لا يبدو أن ثمة مشكلات كبيرة في هذه القضية، وخصوصاً أن البلدين اتفقا في مطلع تشرين الأول الماضي، على مراجعة دوريّة لأسعار الغاز كل ثلاث سنوات عوضاً عن سعر مُثبّت على المدى الطويل. وجاءت محادثات مشرف مع نجاد في إسلام آباد لتؤكد ذلك، حيث اتفق الجانبان على حل جميع المسائل المتعقلة بالمشروع. كما اتفقا على أن تقوم إيران بتزويد باكستان بـ1100 ميغاوط من الكهرباء.لكن على الخط الهندي ــــ الباكستاني، كانت القضية شائكة بسبب مشكلات أمنية إلى جانب السعر الذي ينبغي أن تدفعه نيودلهي إلى إسلام آباد لنقل الغاز «الترانزيت».لذلك، تبدو زيارة نجاد إلى الهند اليوم، وكأنها تُكلِّل جهود العواصم الثلاث من أجل إنجاح هذا المشروع، ولا سيما أن طهران كانت قد أعطت في تشرين الثاني نيود لهي مهلة أربعة أشهر للانضمام إلى «مشروع السلام». وللعلم، فإن ثمة مشاريع أخرى بين إيران والهند، تصبُّ في إطار تعزيز التعاون بين البلدان الآسيوية، منها خطط تقوم بها مؤسسة النفط والغاز الطبيعي الهندية لتطوير حقول نفط وغاز إيرانية بالتعاون مع مجموعة «هندوجا».في المحصّلة، يمكن تصوير خط «مشروع السلام» المُرتقب بأنه يؤدي دوراً كبيراً في لعبة التجاذبات بين الولايات المتحدة وخصومها في المنطقة، ولا سيما أن الهند تشارك في خط مماثل للغاز، مع تركمانستان وأفغانستان وباكستان أو ما يُعرف بخط «تاب ـــ 1»، والذي يتلقى دعماً أميركياً لأنه يمثل مشروعاً منافساً لمشروع إيران لتصدير الغاز.لكن تكلفة مشروع السلام تبلغ أقل من مشروع «تاب ـــ 1»، كما إنه يمر عبر أراضٍ تعدّ أكثر أماناً، إضافة إلى أن أسعار الغاز الإيراني أقل من منافسها، ما يشير بوضوح إلى سياسة طهران «التجارية» التي قد تُحقِّق أهدافها السياسية من خلال تكتّلات ذات طابع اقتصادي بحت.
الأخبار: ٢٩ نيسان ٢٠٠٨

25‏/4‏/2008

البرلمان الإيراني المُقبل أسير المعركة الرئاسيّة


معمر عطوي

من المؤكد أن الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي تشهدها طهران اليوم، ستُحدّد من سيسيطر على المقاعد الـ82 الباقية في مجلس الشورى الإسلامي، التي لم تُحسم في الدورة الأولى التي أجريت في 14 آذار الماضي وسيطر خلالها المبدئيون (المحافظون) على غالبية المقاعد.وتأتي إقالة وزير الداخلية، مصطفى بور محمدي، لتؤكد التخبّط الذي يواجهه الرئيس محمود أحمدي نجاد، في ظل تصاعد حدة الانتقادات ضد سياسته من داخل معسكره.لقد فتحت معركة الرئاسة التي ستجرى في العام المقبل الباب أمام منافسة حادة بين أقطاب المبدئيين، فبات نجاد بسبب سياسته الاقتصادية غير المجدية، أضعف المرشَّحين، فيما بزغ نجم كل من الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني، وعمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف، والقائد الأسبق للحرس الثوري محسن رضائي، كمرشحين محتملين للرئاسة.ربما كان توصيف الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مهدي خالاجي، أقرب إلى الواقع، حين يقول إن حزب نجاد «رائحة الخدمة الزكية»، استطاع بتحالفه مع غيره من المبدئيين تحت عنوان «الجبهة الموحدة للمدئيين»، أن يغطّي على شعبيته المتراجعة خلال الانتخابات المحليّة وتلك المُتعلّقة بمجلس الخبراء في عام 2006. هذا الواقع دفع نجاد، في الانتخابات الأخيرة، إلى اتخّاذ قرار بإجراء تسوية مع المجموعات الأخرى من المحافظين من أجل الترشّح ضمن لائحة واحدة. لكن لاريجاني وأصدقاءه في لائحة «الائتلاف الموسّع للمبدئيين» فضّل الانفراد في بعض الدوائر عن اللائحة المحافظة الأم. انفراد تبيّن أنه متعلق بأجواء التحضير لخوضه معركة الرئاسة.لهذا، باتت لائحة المبدئيين تضم ثلاثة توجهّات فاعلة، وهي «رائحة الخدمة الزكية» الداعمة لنجاد، و«جبهة السائرين على نهج الإمام والقيادة»، و «المبدئيون الداعمون للتطور والفدائيون». أما الروافد لهذه التوجهات فضمّت مروحة من الأحزاب والجمعيات أبرزها: «الجبهة الشعبية للمبدئيين المستقلّين» و «حزب العدالة والتنمية» القريب من المعارضين للحكومة، و «حزب الله» و «الجبهة الموحدّة للنساء الأصوليات» و«حزب إيران الشامخة» و«مُجمّع الوحدة الإسلامية الإيرانية» و«ائتلاف المفكرين الأحرار».بأي حال، كانت نتائج الدورة الأولى غير واضحة لجهة فرز الخيارات السياسية، إذ ظهر التداخل بين تياري المبدئيين لجهة صعوبة تحديد انتماء أعضاء إلى هذه اللائحة أو تلك، ما جعل تحديد الفرق بين تيار نجاد وتيار لاريجاني أمراً شائكاً.وأصبح واضحاً أن معركة الرئاسة تتحكّم رسم صورة المشهد السياسي في طهران اليوم، ليصبح البرلمان المقبل أسير هذه المعركة، وخصوصاً بعد الجدل الحاد الذي دار أخيراً بين نجاد ورئيس مجلس الشورى غلام علي حداد عادل، الذي يسود الحديث عن رغبته بخوض معركة الرئاسة أيضاً.وبدا أن معظم من هم في صف المعارضة للرئيس اليوم، على خلفية سياسته الاقتصادية، التي تسببت بزيادة حجم التضخّم وارتفاع حاد في الأسعار، هم «مرشحون» لكرسي الرئاسة في الانتخابات المقبلة.لعلّ بعض فصول هذه المواجهة الشخصية بين الرئيس ومنتقديه قد تبلورت أكثر في مدينة قم الدينية في السادس عشر من نيسان الجاري، حين اتّهم نجاد بعض أركان إدارته بتجاهل سياسته في محاربة الفساد والاحتكار، وتوسّعت مروحة اتهاماته لتشمل معاونيه المقربيّن، من بينهم وزير المالية داود دانش جعفري الذي أقاله مع وزير الداخلية بور محمدي من منصبيهما الأسبوع الماضي.وحسب رؤية الباحث الإيراني في معهد واشنطن، فإن مجلس الشورى المقبل، لن يكون مختلفاً كثيراً عن صورته بحسب نتائج الدورة الأولى، لا سيما أن الإصلاحيين الذين حصلوا على أقليّة المقاعد، غير مؤهليّن في الدورة التي تجرى اليوم للحصول على ما قد يغيّر قواعد اللعبة.لكن نجاد بدوره، يواجه وضعاً صعباً، من خلال سياسة الإقالات التي اعتمدها منذ تسلّمه الرئاسة في عام 2005، لا سيما أن من بين المقالين شخصيات فاعلة على المسرح السياسي ومقرّبة جداً من المرشد علي خامنئي، مثل بور محمدي، والمفاوض النووي السابق الذي يمتلك الحظوظ الأكبر ليكون رئيس البلاد المقبل.
الأخبار: ٢٥ نيسان ٢٠٠٨

23‏/4‏/2008

القطاع الشرقي في أتون السجال السياسي


لا شك في أن الصورة تغيّرت بين ما قبل تموز 2006 وما بعده. سيارات المقاومة البيضاء «المدنية» لم تعد جزءاً من المشهد اليومي، بعد أن «استبدلت» بسيارات «اليونيفيل» البيضاء أيضاً، التي تحتل المشهد، حتى يكاد زائر القطاع الشرقي يعتقد أنه في ثكنة عسكرية لـ«قوات الطوارئ الدولية»



معمر عطوي



لم يعد الأمس شبيهاً باليوم على خطوط المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في القطاع الشرقي من الجنوب اللبناني. بمجرد عبورك منطقة «جنوب النهر»، تصبح في ما يشبه ثكنة عسكرية كبيرة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «يونيفيل» والجيش اللبناني. لكن المفارقة أن هذه «الثكنة» تضم بعض المدنيين الجنوبيين الذين لا يزالون في قراهم، رغم استمرار غياب سياسات التنمية وانعدام المشاريع الإنتاجية التي تؤمن ظروف العيش في ذلك الشريط المحروم على تخوم فلسطين والجولان المحتلَّيْن،الذي تغيّر كثيراً، سواء على مستوى القيم السياسية لأبناء المنطقة أو على مستوى الواقع الميداني. في الموضوع الأول تركت انقسامات الشارع اللبناني بين فريق داعم للمقاومة وفريق آخر يراها «ميليشيا» أثرها على أحاديث أبناء المنطقة، لا سيما «العرقوب» الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي، في سفوح جبل الشيخ وبعض قرى منطقة الوزاني. أما في الموضوع الثاني فقد أصبحت تحرّكات سيارات المقاومة «المدنية» التي كان معظمها باللون الأبيض (كما يردّد الأهالي) على غرار سيارات اليونيفيل، شبه معدومة، مع تأكيد الأهالي أن عناصر المقاومة لا يزالون موجودين وعلى أهبة الاستعداد «وهم يتحركون من دون أن يشتبه أحد من السكان أو القوى الأمنية بذلك».

على ضفاف الوزاني
في إحدى الاستراحات، على ضفاف الوزاني، التي لا يقصدها في هذه الأيام إلا المُتحرِّر من الخوف، يختلط صوت خرير المياه بهدير دبابات العدو وآلياته التي تجوب الشريط الحدودي «خوفاً من تسلل مقاومين». لكن مهمتها تتجاوز «الحماية» أحياناً، لتمثّل حالة من الرعب بالنسبة لأهالي المنطقة الذين يعتاش معظمهم من الزراعة. «منذ شهر تقريباً نزل الجنود إلى هذه الاستراحة، لكننا هربنا كي لا يعتقلوننا» يقول النادل السوري الذي يعمل بالقرب من «جولانه» المحتل. ويضيف صاحب الاستراحة «لم يقوموا بأي فعل ضدنا سوى اختراقهم الخط الأزرق وعودتهم إلى داخل المنطقة المحتلة». لكنه يستطرد «منذ مدة أطلقوا النار على بعض الرعاة هنا... الوضع ليس آمناً بسبب الخوف من اختراق صهيوني مفاجئ». العامل السوري، لدى سؤاله عن شعوره وهو ينظر إلى الجزء المحتل من بلاده، يقول «ليت الحدود تُفتح حتى نذهب إلى قريتنا. من هنا. نحن تواقون إلى مقاومة المحتل على طريقة حزب الله». ويضيف أن «الكثير من السوريين لديهم الحماسة لقتال إسرائيل... لكن ذلك بحاجة إلى قرار سياسي».


مقاومة سرية
ينفي أحد سكان الوزاني، النهر الذي ركّبت قوات الاحتلال منذ سنوات طويلة مضخّات لسرقة جزء من مياهه، وجود مظاهر لمقاومين في المنطقة. لكنه يؤكد أنّ تحركاتهم «أكثر سريّة مما نظن». ويشير إلى تعاون شبان تابعين لـ«جبهة العمل الإسلامي» بقيادة الشيخ فتحي يكن مع حزب الله في العمل المقاوم. لكن شاباً آخر مؤيداً للجماعة الإسلامية يقلل من أهمية هذا «الحكي» بالقول «عناصر جبهة العمل لا يمثّلون عددا كبيراً... نحن من نتعاون مع المقاومة ونحن أصل المقاومة».يتطوّر النقاش ليدخل في زواريب السجالات السياسية اللبنانية، فيتصدىّ أحدهم من قرية عين عرب الواقعة قرب معسكر المجيدية الذي كان مخصصاً لتدريب عملاء إسرائيل متسائلاً «لماذا المقاومة؟ لقد دفعنا ثمناً كبيراً، ألا يكفي استمرارنا في خوض معركة الأمة جميعها؟». يتساءل هذا الشاب «إلى متى ستبقى المقاومة؟ هذه الأرض التي نشاهدها (مرتفعات الجولان ومزارع شبعا) هي لسوريا فليحرّروها هم... بدنا نعيش يا عمي». ويثير شاب آخر إشكالية التعدّد المذهبي في الجنوب بقوله «الشيعة لا يريدوننا نحن السنّة أن نقاتل إسرائيل». يقاطعه رجل كبير السن بالقول «لكنهم أثبتوا أنّهم رجال... وهم يملكون الحيلة والخطة، لماذا نشكك بوطنيتهم. الواقع الديموغرافي في الجنوب يفرض أن يكون أبناء الطائفة الشيعية في وجه المدفع».لكن رجا، اليساري الذي قاتل في صفوف جبهة المقاومة اللبنانية، يتمنّى لو كانت المقاومة شاملة «نحن من بدأ المقاومة وحزب الله أكملها. كلنا في خط واحد لكن إمكانات حزب الله أكبر بكثير من إمكاناتنا، وسوريا أخطأت حين حصرت دور المقاومة بهم بالتنسيق مع إيران»، مستنتجاً أن «هذه الهجمة الداخلية الشرسة ضد المقاومة ما كانت لتظهر بهذا الشكل لو أن الجميع شاركوا في غرفة عمليات مشتركة ضد إسرائيل».
فتح لاند
في الطريق إلى كفرشوبا تصادفك دوريات عديدة مؤللة للقوات الدولية، إسبان وهنود ودوريات أخرى للجيش اللبناني، في حين أن السيارات المدنية لا تظهر إلا نادراً. هناك بالقرب من مزارع شبعا المسلوبة، وتحت أنظار المحتل في مواقع الرمثا والسماقة ورويسات العلم، يدور حديث خافت عن دور المقاومة والمتغيرات السياسية التي حصلت في لبنان خلال السنوات الأخيرة.هنا كانت «فتح لاند»، ومن هنا انطلق العمل الفلسطيني المقاوم. لم يحل انتماء جميع أبناء البلدة للمذهب السنّي دون تعاون بعضهم مع عناصر حزب الله الشيعي. بل ذهب بعضهم أبعد من ذلك بانخراطه في صفوف الحزب على طريقة «التشيُّع السياسي»، بينما اعتنق آخرون المذهب الشيعي من ناحية «عقائدية وتعبدية»، حسبما يقول أبو بلال المناضل اليساري السابق الذي يعمل «في خندق واحد مع المقاومة الإسلامية».يصف أبو بلال واقع كفرشوبا ومنطقة العرقوب بكثير من التفاؤل «ليس لأهل الصحوة خبز لدينا (يقصد جماعة 14 شباط)».



يؤكد ابن كفرشوبا الذي لم تنجح إغراءات أموال «الحريرية وجماعات الصحوة» ومساعداتها في تغيير مبادئ من نشأوا على حب المقاومة. «إن هناك قيماً لا تزال راسخة في ضمير الناس الذين دفعوا الكثير من أجل الكرامة الوطنية ومن أجل قضية فلسطين». يضيف مواطن من بلدة شبعا المجاورة «آسف لما يحصل في شبعا (التي شهدت سقوط أول شهيد لبناني من أجل فلسطين، الأخضر العربي في عام 1969) فقد سار بعض الناس خلف رائحة الأموال والغرائز المذهبية، ونسوا قضية مزارعهم».يحدّث رئيس بلدية كفرشوبا عزت القادري عن وئام يلف القرية التي دفعت العديد من الشهداء منذ نشوء قضية فلسطين. «هناك صور للشهيد رفيق الحريري وشعارات لتيار المستقبل، ونحن لا مانع لدينا من تعليقها، فالكل أحرار هنا في التعبير عن آرائهم». يؤكد القادري، الذي يؤيد استمرار المقاومة ويتمتع بتاريخ نضالي طويل بدأ مع حركة القوميين العرب واستمر مع المنظمات اليسارية، أن لا خوف على كفرشوبا من السقوط في نيران الفتنة «الكلّ متفق على عدم الانجرار إلى فتنة بين أنصار المقاومة المعارضة وأنصار 14 آذار». ويشير إلى أن الأزمة السياسية في البلاد انعكست على وضع المنطقة بشكل مباشر لقربها من الجبهة مع إسرائيل، لكنه يؤكد وعي الجميع لعدم الوقوع في فتنة بين أبناء البلدة».



لا أحد يصادر المقاومة



الوضع في الهبارية ربما ليس مشابهاً تماماً لكفرشوبا. ثمة نشاط للجماعة الإسلامية في هذه القرية كباقي قرى العرقوب الأخرى. «الجماعة شاركت إلى جانب حزب الله في المقاومة خلال سنوات الاحتلال وخلال حرب تموز» حسبما يقول الشيخ حسين. ويضيف «قد نختلف مع حزب الله في السياسة الداخلية، لكن مشروع المقاومة هو مشروع الأمة، ولا أحد يستطيع أن يصادره لا تحت شعار «بدنا نعيش» أو غيره».يضيف رئيس البلدية السابق شوقي يوسف أن بعض الناس «ينجرّون إلى حيث يريد الإسرائيليون، فيقعون في فخّ السجال السياسي والمذهبي». يؤكد يوسف بكلام هادئ أن «ما يربطنا بحزب الله أكثر مما يربطنا بتيار المستقبل... أهمه مشروع المقاومة والهم الإسلامي المشترك».من المؤكد أن الجدل بشأن مشروعية المقاومة قد أصبح وجبة يومية في نقاشات أهل القطاع الشرقي، حيث يعيش لبنانيون من مختلف الطوائف والمذاهب. ومن الواضح أن تحوّلات المشهد السياسي قد تركت أثرها سلباً على الواقع السجالي السائد بين أبناء المنطقة. منهم من بقي محافظاً على قيم النضال الوطني والقومي، وبعضهم أصبح ضد مبدأ المقاومة، مشيراً إلى أن التحرير لا يكون إلا دبلوماسياً، والبعض الآخر ينتظر سوريا لتُحرّك جبهة الجولان، «حتى لا نبقى وحدنا في الميدان».



«بازيللا» أبو شهاب والخط الازرق



في آخر تعديل على الخط الأزرق في بلدة العباسية، أعادت قوات الأمم المتحدة رسمه بطريقة جرى خلالها قضم المزيد من الأراضي اللبنانية.الطريف في الأمر أن ابو شهاب، وهو أحد ابناء العباسية، كان قد زرع حقلا صغيراً من البازيلاء ووضع أقفاص خاصة بتربية النحل بالقرب من الحدود. لكن الرسم الجديد للحدود صادر نحلات ابو شهاب ونصف حقل البازيلاء، بحيث أصبح الوصول اليها متعذراً ويحتاج الى قرار دولي. بل أصبح الوصول اليها عرضة للقنص من مواقع الاحتلال المقابلة، حيث تُسيّر دوريات مؤللة على مدار الساعة.الخط الأزرق هو الخط الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى في 7 حزيران عام 2000. وهو يمرّ على جبل السماق وشمالي قمة جبل روس حيث يبقى معظم منطقة مزارع شبعا جنوبا له. ويقطع "الخط الازرق" قرية الغجر السورية في وسطها ويقسمها الى شطرين: شمالي يقع تحت السيطرة اللبنانية، وجنوبي يقع تحت الاحتلال الاسرائيلي. ويحيط سياج بالقرية من جهة هضبة الجولان وفيه ثلاث بوابات هي عبارة عن حواجز عسكرية اسرائيلية فيما القرية مفتوحة من الناحية الشمالية باتجاه الاراضي اللبنانية.ورغم مطالبة لبنان بالسيادة على عموم هذه المنطقة، لم تفرض الأمم المتحدة حتى الآن الانسحاب منه على إسرائيل، لاعتباره جزءاً من سوريا الخاضع لسيطرة إسرائيلية حسب اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل. وما زالت قضية مزارع شبعا تثير العديد من المشاكل و الآراء والمناقشات بشأن السيادة عليها.
الأخبار:٢٣ نيسان ٢٠٠٨

انعطافة يساريّة


معمر عطوي
لم يجانب الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الحقيقة، حينما أعلن قبل سنوات خلت، أن «أميركا اللاتينية تشهد انعطافة كبيرة نحو اليسار معادية للولايات المتحدة»؛ فقد أصبح الرئيس الجديد للباراغواي، فرناندو لوغو، أحد مصاديق هذه الانعطافة إلى جانب العديد من زعماء دول أميركا الجنوبية المُنحدرين من التيارات اليسارية والفقراء.لكن ما غاب عن ذهن الزعيم الثوري، الذي يقود بالاشتراك مع كوبا حلفاً عريضاً ضد هيمنة الولايات المتحدة في المنطقة، أن هذه الانعطافة «الحمراء» لم تتوقَّف عند حدود أميركا اللاتينية، بل تعدَّتها إلى مناطق عديدة في العالم، بما يشبه «الصحوة» من سُبات طويل، أصبحت فيه العديد من دول العالم الثالث رهينة للبنك الدولي وإملاءات سياسة «الكبار».لقد فتح فوز «أبو الفقراء» في معركة رئاسة الباراغواي، الباب على مشهد جديد في العالم، بدأت إرهاصاته منذ فوز البوليفاريين في فنزويلا في عام 1999، وصولاً إلى فوز الشيوعي القبرصي ديميتريس كريستوفياس بمنصب الرئاسة في القسم اليوناني من الجزيرة المتوسطية الشهر الماضي.وما بين هذا وذاك سلسلة طويلة من النجاحات التي حققها اليساريون بتياراتهم المتعددة، إذ إن اليسار الجديد الذي يشهده العالم اليوم لم يعد مُتخّذاً تلك الصورة النمطية للشيوعية التقليدية التي عاشها الاتحاد السوفياتي السابق لأكثر من سبعين سنة.لقد أصبح اليسار متعدداً في رؤيته الاقتصادية وأبعاده الفكرية وأدائه السياسي ليتناسب مع المرحلة والتحولات العالمية. لذلك يشهد العالم اليوم أنماطاً مختلفة من اليسار: فنزويلا والإكوادور وبوليفيا والأوروغواي وتشيلي ونيكارغوا وكوبا وكوريا الشمالية، بلدان يسارية تنتهج سياسة أصلب تجاه المشروع الأميركي من الأرجنتين والبرازيل والصين والأحزاب الاشتراكية في أوروبا، على غرار حزب خوسيه لويس ثاباتيرو الحاكم في إسبانيا.لكن هذه النماذج، وإن كان تأثيرها محدوداً، استطاعت استنساخ نماذج أخرى، في تحولات غير مسبوقة، مثل فوز الماويين في النيبال في العاشر من الشهر الجاري بالانتخابات وتمكّنهم من إسقاط الملكية. لكن هذا النموذج الذي اعتمد الكفاح المُسلَّح ضد الملكية استطاع أن يبلور رؤية استيعابية للحكم تُمكّنه من العمل مع غيره من الأحزاب لصياغة دستور جديد للبلاد، في إشارة واضحة إلى أن صيغة الحزب الواحد لم تعد واردة في قاموس اليساريين الجُدد.وما تشهده ألمانيا على صعيد الانتخابات المحلية من تقدم لليسار، الذي لمع نجمه منذ تحالف زعيم الحزب الشيوعي السابق غريغوري غيزي مع المُنشق عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي أوسكار لافونتين، يشير إلى انخراط اليسار الجديد في لعبة تداول السلطة والخروج بأقل خسائر ممكنة على صعيد إيجاد صيغة للحكم تُعزز العمل النقابي من دون أن تلجأ إلى مصادرة الملكية الخاصة والتأميم الشامل للثروة.لعلَّ خير من عبّر عن هذه الرؤية الجديدة، الرئيس الإكوادوري رافاييل كوريا، بقوله: «إن هناك طرقاً جديدة للتفكير، وأحزاباً جديدة تتولى السلطة في المنطقة، وهم أكثر عدلاً ويخدمون واقع المنطقة».
الاخبار: ٢٣ نيسان ٢٠٠٨

22‏/4‏/2008

إيران تعزّز نفوذها في «الحديقة الخلفية» لأميركا

معمر عطوي
لا يبدو أن قرارات العقوبات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية الغربية على إيران، قد مثّلت نهاية التاريخ بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية؛ فالحراك السياسي الدولي، الذي تقوم به جمهورية الملالي، قد تجاوز «إخوة الدين» والجوار إلى الضفة الأخرى من العالم، حيث تتأسس كتلة من الدول اليسارية بقيادة فنزويلا لمواجهة الوحش الأميركي. وربما حاولت الجمهورية الإسلامية، من خلال تعزيز نفوذها السياسي وتطوير مصالحها الاقتصادية في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، تحقيق توازن مع عدوها «الشيطان الأكبر»، في وقت تنتشر فيه قواعد الاحتلال الأميركي على مقربة من الشواطئ الإيرانية في الخليج.لذلك كانت تلك العلاقات الاقتصادية، نتيجة حتمية للتشابكات السياسية، المتولدة من لعبة المحاور بين معسكرين «معسكر الخير» و«معسكر الشر»، حسب التعبير الأميركي، فيما يرى المعسكر الآخر أن أميركا هي من يقود سياسة الهيمنة و«البلطجة» في العالم.لعل أحد أهم إفرازات هذه العلاقات، إعلان شركة نفط «بتروفارس» الإيرانية أمس، رفع مستوى التعاون مع شركة النفط الفنزويلية وتأسيس شركة موحدة، من أجل زيادة ورفع مستوى التعاون بين البلدين. تعاون يتركز حالياًً على مجال توسيع عدد من قطاعات حقل نفط «اياكوتشو» في الدولة اللاتينية.ومن الطبيعي أن هذه الاتفاقات ما كانت لتتم لولا العلاقة القوية «الأخوية» التي تربط بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي يقود قوى المعارضة للمشروع الأميركي ـــــ الصهيوني في المنطقة، ونظيره الفنزويلي هوغو تشافيز، الذي شدد خلال زيارة إلى طهران في تشرين الثاني الماضي على أن « البلدين سيتمكنان معاً من هزيمة إمبريالية أميركا الشمالية».وفي أيلول الماضي، وقّع الرئيسان خلال زيارة قام بها نجاد إلى كاراكاس، 33 اتفاقية اقتصادية بقيمة ثمانية مليارات دولار، تشمل إقامة مصانع سيارات وشاحنات ومُجمَّع للبتروكيميائيات. كما تتضمن تمكين طهران من العمل في حقول النفط في فنزويلا، التي تقوم بدورها بمدّ إيران بالبنزين، الذي تستورد منه إيران أكثر من ثلث حاجاتها بسبب ضعف وسائل التكرير لديها.ولم تتوقف طموحات طهران عند عتبة كاراكاس، بل تجاوزتها إلى غيرها من دول أميركا اللاتينية، حيث زار نجاد بعض هذه الدول.هذه الزيارات آتت ثمارها من خلال توقيع الإكوادور اتفاقاً لتعزيز الاستثمارات والتبادل التجاري مع إيران: منها استثمارات إيرانية في مشروع ميناء بتكلفة 350 مليون دولار ومحطة لتوليد الكهرباء بطاقة المياه بتكلفة 120 مليون دولار.كما حصلت كوبا، القلعة الشيوعية الحصينة في مواجهة الولايات المتحدة في بحر الكاريبي، على استثمارات إيرانية في مشروعات للبنية الأساسية والإنشاءات وتفاوضت على عقود لتوريد تكنولوجيا طبية إلى إيران.وكان وزير التجارة الإيراني، سيد مسعود مير كاظمي، قد أبدى العام الماضي، خلال مؤتمر لدول عدم الانحياز في هافانا، استعداد بلاده للإسهام في كوبا بخبراتها في مجال الكشف عن البترول في المياه العميقة. كما أبرز إمكان زيادة الاستثمارات في العديد من القطاعات بعد إبرام اتفاق للامتيازات الجمركية بين البلدين.وعلى خط العلاقات مع مانغوا، صادق مجلس الوزراء الإيراني العام الماضي، على تخصيص قرض بقيمة 150 مليون يورو لنيكاراغوا.أمّا بوليفيا فقد وقعت العام الماضي مذكرة تفاهم مع طهران في مجال إقامة علاقات سياسية بين البلدين. وانعكست هذه العلاقات على الروابط التجارية والاقتصادية، وخصوصاً في مجالات صناعة الجرارات الزراعية وبناء مصانع إنتاج الألبان.لقد استطاعت إيران تعويض بعض النقص الذي نتج من قرارت العقوبات الدولية ضدها بسبب برنامجها النووي، مستغلة تراجع اهتمام واشنطن بحديقتها الخلفية من أجل خوض معاركها «النفطية» عبر المحيطات. وبذلك تمكنت من فتح أسواق جديدة وإيجاد استثمارات فقدتها في الجانب الأوروبي.
الاخبار: ٢٢ نيسان ٢٠٠٨

19‏/4‏/2008

ثغرة غربيّة في جدار المقاطعة لإيران

معمر عطوي

رغم قرارات العقوبات الدولية الثلاثة التي صدرت عن مجلس الأمن ضد إيران، ورغم الضغوط الأميركية على العديد من الدول لقطع علاقاتها التجارية والاقتصادية معها، لا تزال هناك العديد من الثُّغر التي تجد فيها طهران متنفسّاً يمكن أن يُعوّض عليها بعض ما خسرته من الجانب الآخر. لعل هذه الثُّغر هي التي دفعت طهران الى أداء دور «المستغني»، حين أعطت شركتي «توتال» الفرنسية و«رويال شل» مهلة تنتهي في حزيران، لوضع اللمسات النهائية على اتفاقات في شأن تطوير مشروعين رئيسيين للنفط والغاز في الخليج، وحذرتاها من أنها ستخسر العقود.لكن الثغرة الأهم في جدار المقاطعة الغربية، التي دفعت مسؤولين أوروبيين للاعتراض عليها بشكل غير مباشر، كانت الاتفاق الذي أجرته الشركة الإيرانية لتصدير الغاز مع الشركة السويسرية لتجارة الطاقة، والذي يقضي بتزويد سويسرا بالغاز الإيراني من الآن حتى 2011. ثغرة فتحت عيون بعض الدوائر الغربية على هذا «الخرق» لنظام العقوبات، ما دفع رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، إلى القول «خلال الأسابيع القليلة المقبلة، نريد توسيع الإجراءات والعقوبات (المفروضة على إيران) لتشمل الاستثمارات في قطاع الغاز الطبيعي المُسال».وإذا كان انتقاد براون مبطناً في هذا الإطار، فإن الاتفاق الإيراني ـــ السويسري، الذي ينص على تزويد الشركة السويسرية بـ5.5 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، كان محل احتجاج واضح لدى الجانبين الأميركي والإسرائيلي: رأت واشنطن أنه يمثّل «رسالة سلبية»، ووصفته بأن «تورط... بموجب القوانين الأميركية». أماّ تل أبيب فقد أثارت أزمة دبلوماسية مع بيرن واستدعت السفير السويسري لدى تل أبيب، فولتر هابنر، «لمحادثة توبيخ».الردّ السويسري على التصريح الأميركي كان مُفعماً بالثقة، إذ حرصت بيرن على التوضيح أن العقد «مطابق للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة... ولا يتعارض مع التوجهات الأميركية ضد التجارة مع طهران».ورغم وجود حوالى عشر دول، بينها اليابان وفرنسا وإيطاليا، ترتبط مع إيران بعقود مماثلة، تعرضّت بيرن لانتقادات يهودية لاذعة، لا سيما من جمعية «انتي ديفاماسين ليغ» اليهودية ـــ الأميركية، التي اتهمتها بتمويل الإرهاب، في إشارة إلى أن «الأموال التي ستدفع لإيران ستستخدم في تمويل إطلاق صواريخ حزب الله في لبنان، وهجمات انتحارية في غزة، والبرنامج النووي الإيراني، أو تمويل مجموعات إرهابية عبر العالم».وفي السياق، استطاعت طهران تحويل مسار علاقاتها الاقتصادية من الغرب إلى الشرق، في ظل مواصلة المفاوضات مع عدد من الشركات الآسيوية، التي من المرجّح أن تحل محل «توتال» و «شل».إلاّ أن المفارقة تكمن في تردد بعض الشركات الأوروبية تجاه العمل في الجمهورية الإسلامية، وخصوصاً أن الاستثمار في قطاع النفط والغاز هناك يدرّ عليها أرباحاً وافرة. تردُّد قد يكون أحد أبرز تجلياته تصريح للرئيس التنفيذي لشركة «شل»، كريستوف دو مارغيري، حين قال في شباط الماضي «لم نحرق جسورنا مع إيران... سنتوصل إلى حلول للحفاظ على وجودنا في المدى الطويل».لقد يمّم الإيرانيون وجههم شطر الشرق، فوسّعوا من نطاق التعاون مع روسيا في قطاعات حقل فارس الجنوبي. ويسعون في الوقت نفسه، بالتعاون مع المسؤولين في الكرملين، إلى إنشاء منظمة مصدّري الغاز في العالم على غرار منظمة «أوبك».وثمة عقود وُقّعت بين إيران والصين تصبّ في هذا الإطار، وكان آخرها في كانون الأول الماضي، بقيمة ملياري دولار، ويخص تطوير حقل يادافاران النفطي.إلى جانب ذلك، هناك مفاوضات متواصلة مع الجانبين الهندي والباكستاني بشأن مشروع بناء أنبوب غاز بين إيران وباكستان والهند. إضافة إلى خطط تطوير حقول نفط وغاز إيرانية بالتعاون مع مجموعة «هندوجا» الهندية.وأدت الروابط الدينية داخل منظمة الدول الإسلامية دوراً في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين طهران وبعض دول شرق آسيا العملاقة، مثل أندونيسيا وماليزيا، حيث تطوّر شركات في هذه الدول حقولاً نفطية، بما يشير إلى أن قرارات العقوبات لن تُدمّر البنية الاقتصادية للنظام الإسلامي، رغم إصابتها ببعض الخلل.
الاخبار١٩ نيسان ٢٠٠٨

10‏/4‏/2008

الجزر الثلاث حكاية صراع «بارد»




مع انعقاد القمّة العربية في دمشق الشهر الماضي، عادت قضية الجزر الثلاث الخلافية بين إيران والإمارات إلى واجهةالأحداث، لتؤكّد عمق الأزمة في الخليج بين ضفتيه الفارسية والعربية، بعد تأكيد الأطراف العربية، وبينها سوريا، «السيادة» الإماراتية على الجزر الثلاث
معمر عطوي


من الصعب حسم الخلاف القائم بين إيران والإمارات منذ عقود على هوية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. خلاف لا تظهر ملامحه إلا من خلال تصريحات متناقضة بين حين وآخر، تؤكّد كل دولة من خلالها ملكيتها التاريخية لهذه الجزر.وبحكم العلاقات التجارية والتداخل الاستراتيجي بين الدولتين الفارسية والعربية، بقي النزاع على هذه الجزر «بارداً». إذ إن طهران، التي تؤكد في كل مرة نيّتها توسيع مروحة العلاقات مع الدول العربية، وخصوصاً الخليجية منها، تتجنّب الخوض في هذا الملف الخلافي. وهذا ما تجلّى خلال الزيارات الخليجية للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي توّجها بحضوره قمة مجلس التعاون في الدوحة في كانون الأول الماضي.


حتى الإمارات، التي تطالب دوماً بفتح الملف وعرضه على لجنة تحكيم دولية، تتجنّب التصعيد في مواجهة إيران، في محاولة منها للحفاظ على مصالحها التجارية والاقتصادية، ولا سيما أن مئات الإيرانيين ناشطون اقتصادياً في الإمارات، التي تحوي أيضاً عدداً لا بأس به من المواطنين من أصول إيرانية، فيما تجد الجمهورية الإسلامية في دول الخليج متنفَّساً تجارياً لها يُخفِّف عنها الضغوط الدولية المفروضة عليها منذ نجاح الثورة الإسلامية عام 1979.المحطة الأخيرة في النزاع على الجزر كانت قمة دمشق، التي تضمَّنت مقرراتها التشديد على الهوية العربية للجزر، وتكليف الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الحوار مع الإيرانيين لإحالة القضية على التحكيم الدولي. موقف ردّ عليه وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكّي، الذي كان حاضراً أعمال القمّة، بقوله «هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، الجزر إيرانية».

أماّ سبب هذا التمسك من كلا الجانبين بملكية الجزر فلا يقتصر على ما تحتويه من معادن وثروات طبيعية فقط، بل يستند إلى موقعها الاستراتيجي، من حيث إطلالتها على مضيق هرمز الحيوي في الخليج، الذي تمر عبره ناقلة نفط كل اثنتي عشرة دقيقة.القواسم والبريطانيونقد تكون المحطة البارزة في قضية الجزر هي مرحلة ما بعد انسحاب الاحتلال البريطاني من الخليج، وانتشار القوات الإيرانية في الجزر الثلاث في 30 تشرين الثاني 1971. لكن هذه الجزر في الأصل، وبحسب الروايات الإماراتية، كانت ترتبط بتاريخ قبائل القواسم، التي سادت على المنطقة ما بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر. ولم تكن آنذاك قد ظهرت إمارات الخليج العربي على الساحل العماني بعد. فقد كانت قوة القواسم لا تضاهيها قوة في المنطقة، وكانت عاصمتهم إمارة رأس الخيمة، قبل أن ينقلها الشيخ سلطان بن صقر (1803 _ 1856) إلى الشارقة. وتبعية الجزر كانت آنذاك لدولة القواسم التي تتكوّن من رأس الخيمة والشارقة وإمارات خليجية أخرى ظهرت في ما بعد.في عام 1820، سيطر البريطانيون على المنطقة بعد مواجهات ضارية مع القواسم، الذين أُجبروا على الدخول في معاهدات الحماية والأمن المشترك مع البريطانيين، وطردوا من الساحل الإيراني، فيما بقيت سيطرتهم على عدد من الجزر منها جزيرة «صيري» وميناء لنجة على الساحل الإيراني وطنب الكبرى وطنب الصغرى.غير أن الإيرانيين تمكنوا عام 1887 من السيطرة على ميناء لنجة واستولوا بعد ذلك على جزيرة صيري وهنكام، بينما ظلّ حاكم الشارقة، الذي كانت رأس الخيمة جزءاً من إمارته، صاحب السيادة على طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.وبعد مشاكل عديدة وقعت بين التجّار العرب والإيرانيين في تلك المنطقة، سيطرت القوات الإيرانية عام 1904 على الجزر الثلاث، ورفعت العلم الإيراني بدلاً من علم الشارقة، ووضعت عليها حراسة جمركية إيرانية.هذا الإجراء استفزَّ حاكم الشارقة الذي لجأ إلى البريطانيين، طالباً منهم التدخُّل. فما كان منهم إلا أن سارعوا إلى إجراء مفاوضات مع الجانب الإيراني، مستغلّين وضع جزيرة صيري التي كانت بيد الشارقة، ليؤكدوا أن الجزر الثلاث أيضاً للإمارات.ومنذ عام 1907 دخلت الجزر في مرحلة جديدة من التنافس الاستعماري، بين بريطانيا وألمانيا، بعدما حصل أحد رجال الأعمال الألمان على امتياز استخراج أوكسيد الحديد، الذي تحتوي عليه الجزر، من حاكم الشارقة، الذي ما لبث أن تنازل عن هذا التصريح بعد ضغط من الإنكليز، الذين طردوا الألمان من الجزر بالتعاون مع الشارقة.والوثائق والمراسلات الرسمية البريطانية تدلُّ على أن الحكومة البريطانية كانت منذ القرن الماضي وحتى عام 1971 تُقرّ بالسيادة الإماراتية على هذه الجزر.شرطي الخليجبعد انفصال رأس الخيمة عن الشارقة سنة 1919، دخلت الجزر الثلاث مرحلة جديدة، واقتسمت الإمارتان ملكيتها، فحصلت الأولى على جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، بينما بقيت جزيرة أبو موسى تحت سلطة الشارقة.وجرت محاولة إيرانية ثانية للسيطرة على الجزر عقب إطاحة الأميركيين حكومة محمد مصدق الوطنية في طهران عام 1953، وترويج الغرب لدور شاه إيران محمد رضا بهلوي كشرطي في الخليج والمنطقة؛ في عام 1964، سيطرت إيران على جزيرة أبو موسى. لكن هذا الإجراء لم يدم سوى عشرين يوماً بسبب ما واجهته من احتجاجات عربية واسعة، ما دفع طهران إلى تبرير هذه السيطرة بمناورة حربية طارئة اشترك فيها الأسطولان الإيراني والأميركي.وإثر خروج البريطانيين من المنطقة، عادت القوات الإيرانية عام 1971 إلى الجزر الثلاث وتمكّنت من فرض سيطرتها الكاملة عليها.الثورة و«التنظيف»عقب نجاح الثورة الإسلامية عام 1979، اتهم الرئيس الإيراني آنذاك أبو الحسن بني صدر الأنظمة الخليجية بأنها حكومات غير مستقلة، وتعهّد «تنظيف منطقة الخليج» من الوجود الأميركي ومن كل ما هو مرتبط بالولايات المتحدة، قائلاً «إن دولة الإمارات وقطر وسلطنة عمان والكويت والمملكة العربية السعودية ترتبط بالولايات المتحدة وليست مستقلة».وأضاف بني صدر، الذي لم يدم طويلاً في منصبه بسبب إقالته، إن ايران لن تُعيد الجزر العربية الثلاث. وأعلن صراحةً سبب تمسك إيران بالجزر قائلاً «في طرف الخليج هناك مضيق هرمز الذي يمر عبره النفط، وهم خائفون من ثورتنا، فإذا سمحنا لهم بالحصول على هذه الجزر، فإنهم سيسيطرون على الممر، أي إن الولايات المتحدة ستسيطر على هذا الممر، فهل يمكن أن نقدم هذه الهدية إلى الولايات المتحدة؟».

ومنذ تلك الفترة، تحمّل الإمارات إيران مسؤولية عدم إحراز أي تقدم في المباحثات بشأن «الجزر المحتلة»، مشيرةً إلى أن الطريق مسدود في هذا السياق، ولا سيما أن طهران لا تزال إلى اليوم ترفض التحكيم الدولي في مسألة النزاع على الجزر الثلاث، وهي المهمة الموكلة اليوم إلى العقيد القذافي، الذي يبدو أن وساطته لم تبدأ بعد بانتظار مؤشّر ليونة من الجانب الإيراني.
الجزر الثلاث

طنب الكبرى جزيرة تابعة لإمارة رأس الخيمة، تقع على مدخل مضيق هرمز إلى الشمال من جزيرة أبو موسى وتبعد عنها مسافة 50 كيلومتراً. وهي تقابل إمارة رأس الخيمة وتبعد عنها نحو 30 كيلومتراً. يبلغ طول الجزيرة 12 كيلومتراً وعرضها 7 كيلومترات وتُقدّر مساحتها بنحو 80 كيلومتراً مربعاً. وهي دائرية الشكل، غنية بمعادن الأكسيد الأحمر والنفط. نزح سكانها، وكلهم من قبائل تميم وحريز العربية، إلى الشارقة ورأس الخيمة عام 1971.
طنب الصغرى تسمى أيضاً «نابيو طنب» وهي إحدى الجزر التابعة لإمارة رأس الخيمة، تقع عند مضيق هرمز على بعد 10 كيلومترات غرب جزيرة طنب الكبرى وتبعد عنها مسافة 12 إلى 14 كيلومتراً. مساحتها 20 كيلومتراً تقريباً. والجزيرة مجدبة غير مأهولة بالسكان نظراً لعدم توافر المياه العذبة فيها. وفيها كميات كبيرة من النفط. وهي غنية بالأكسيد الأحمر.
أبو موسى هي أكبر الجزر الثلاث. تبعد عن الشارقة نحو 43 كيلومتراً. كانت تسكنها قبل السيطرة الإيرانية، نحو مئتي أُسرة عربية تعتاش على صيد السمك، وينزح إليها السكان من الشارقة لصيد الأسماك والبحث عن المرعى. وتمتاز هذه الجزيرة بمياهها العميقة الصالحة لرسو السفن، وبتوافر معدن أكسيد الحديد الذي يجري استثماره وتصديره إلى الخارج.
عدد الاخبار ١٠ نيسان ٢٠٠٨

2‏/4‏/2008

موسكو و«الورقة» الإيرانيّة

معمر عطوي
من الواضح أن الموقف الروسي تجاه إيران بدأ يشهد بعض التذبذب منذ تصويت موسكو على قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1803 في 3 آذار الماضي، الذي فرض مجموعة جديدة من العقوبات على النظام الإسلامي، بخلاف موقفها السابق حين امتنعت عن التصويت على القرارين 1737 و1747.لعلّ أحد أبرز الإشارات إلى هذه السياسة، توجيه مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أول من أمس خطاباً نقدياً للسياسة النووية لإيران، بسبب رفضها فكرة إجراء مفاوضات مع القوى العالمية الست الكبرى. نقد حمل مدلولات إضافية أكدت استمرار نيّة روسيا في دعم البرنامج النووي الإيراني السلمي، مع احتكارها مسألة تزويد الإيرانيين الوقود النووي، كي تضمن عدم خروج أهداف هذا البرنامج عن الطابع السلمي.وبات من المؤكد، أن موسكو التي تلعب الورقة الإيرانية في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، أرادت أن تُبقي جارتها الإسلامية تحت رقابتها النووية، واصفة برنامج التخصيب الايراني بأنه «غير منطقي من الزاوية الاقتصادية»، بحسب تشوركين، الذي أشار إلى أن «بمقدور طهران أن تشتري الوقود النووي الروسي بتكلفة أقل كثيراً»، مع التذكير هنا، بأن موسكو أرسلت في وقت سابق ثماني شحنات بحمولة إجمالية تقدَّر بـ82 طناً من هذا الوقود إلى محطة بوشهر الكهرو ـ ذرية (جنوب إيران)، كانت آخرها في 28 كانون الثاني الماضي.ويبدو أن وريثة الاتحاد السوفياتي، التي لا تتمنَّى نشوء قوة نووية إسلامية على حدودها، لم تقطع شعرة معاوية مع إيران، في إطار الحفاظ على مصالحها في هذا البلد الذي أصبح يعاني ضعف الاستثمارات الأجنبية على أراضيه، بسبب الضغوط الغربية والقرارات الدولية. لذلك، ترافقت هذه السياسة الصارمة تجاه إيران مع بقاء خيوط التعاملات الاقتصادية مفتوحة على مصراعيها.وربما باتت روسيا إلى جانب بعض الدول الآسيوية إحدى أهم الدول المتعاملة مع طهران في هذا المجال، ولا سيما أن لشركة «غازبروم» نشاطاً في إيران منذ سنوات، استثمرت خلالها نحو أربعة مليارات دولار بين عامي 2000 و2007. ومن الطبيعي أن تستفيد إيران من خلال هذا التعاون الذي يفتح ثغرة في جدار العقوبات الدولية، ويفتح الباب أمام وصول مصادر الطاقة لديها إلى بلدان أخرى في أوروبا، مع احتكار موسكو ـ طبعاً ـ لسوق الغاز الأوروبي.من خلال هذا الواقع، تبدو موسكو، عشية لقاء فلاديمير بوتين بنظيره الأميركي جورج بوش في منتجع سوتشي، كأنها تسعى إلى تسوية مع واشنطن قبل انتهاء ولاية بوتين، وخصوصاً بعد تسجيل الأخيرة نقطة في مرمى الأولى من خلال استقلال كوسوفو.بأي حال، ليس من مصلحة روسيا أن تستعدي إيران، شريكتها التجارية وإحدى أهم زبونات منتجاتها من الأسلحة. لكن الدب الروسي يفضّل أن يلعب على حبلين على طريقة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم». من هنا، علقت روسيا صفقة بيع النظام الصاروخي «أس. 300» لإيران حتى الآن من دون أن تعلن رفضها لذلك. فمراهناتها على إنجاز بعض الملفات الخلافية مع واشنطن لا يمكن أن تنجح من دون استخدام الورقة الإيرانية في ذلك.
الاخبار: ٢ نيسان ٢٠٠٨