29‏/12‏/2007

إيران: «نصر» نووي ينتظر ترجمة داخلية

إيران: «نصر» نووي ينتظر ترجمة داخلية
معمر عطوي
يمكن وصف عام 2007 بالنسبة إلى إيران بأنه العام النووي بامتياز، إذ شهد احتدام الجدل بين طهران والغرب، على خلفية البرنامج النووي المثير للجدل، ووصلت المواجهة بينهما إلى ذروتها، لتخرج الجمهورية الإسلامية في نهاية المطاف «منتصرة» بتقرير استخباري أميركي يثبت أنها أوقفت الأنشطة النووية العسكرية منذ عام 2003يصح القول إن طهران انتهت عام 2007 من «الفترة الصعبة» للقضية النووية، على حد تعبير ممثل المرشد الأعلى في مجلس الأمن القومي، علي لاريجاني، الذي أوضح أن بلاده، بعد مضي أكثر من عامين، «توصلت إلى قدرة نووية لا يستهان بها».ويبدو أن التقرير الأميركي، الذي أعده 16 جهازاً استخبارياً، والذي «برأ» طهران من قضية العمل على إنتاج قنبلة ذرية في الوقت الحالي، ساعد طهران على تجنب رزمة جديدة من العقوبات الدولية، وذلك بعد معارضة كل من روسيا والصين لقرار جديد في مجلس الأمن الدولي، ولا سيما أن العام الجاري شهد قراراً مماثلاً، هو الثاني من نوعه في غضون سنتين، حمل الرقم 1747.وإذ قالت طهران، على لسان رئيسها محمود أحمدي نجاد، إن هذا القرار هو مجرد «قصاصات ورق» لا قيمة لها، واصلت واشنطن تشديد إجراءاتها الأحادية، التي تمارسها على المصارف والشركات الدولية الكبرى لردعها عن الاستثمار في الاقتصاد الإيراني، وأصدرت قراراً تاريخياً باعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.وظهر الانقسام بين القوى الكبرى عند منعطفات عديدة، حيث فشلت الدول الست (5+1) في التوصل إلى قرار بالعقوبات المشددة. وتجلى الانقسام أكثر إثر التقرير الاستخباري الأميركي، فبدت واشنطن، ومن خلفها لندن وباريس، من دعاة تشديد العقوبات مع إبقاء خيار الحرب مطروحاً على الطاولة.على الجانب الروسي، كانت العلاقة جيدة مع طهران لولا المماطلة التي سارت بها موسكو لأشهر بشأن إنهاء مفاعل بوشهر الكهروذري، الذي كان من المفترض تدشينه في أيلول الماضي. غير أن العقدة شهدت أخيراً بعض الحلحلة، بعدما توصّل الجانبان إلى تسوية تقضي بتدشين المفاعل في ربيع العام المقبل.طهران دخلت المشهد السياسي العالمي من بابه الواسع في عام 2007، إذ تمكنت من تعزيز صناعاتها الدفاعية والعسكرية، فأعلنت إنتاج صواريخ يصل مداها إلى 1800 و2000 كيلومتر وغواصات حربية وطائرات مقاتلة وقنابل ذكية عملاقة. وفي الوقت نفسه، واصلت عمليات تخصيب اليورانيوم، وزادت من عدد أجهزة الطرد المركزي المعدة للتخصيب في مفاعل ناتنز، ليصل عددها في أيلول إلى ثلاثة آلاف جهاز، وهي عتبة تسمح لها نظرياً، في ظروف تشغيل جيدة، بالحصول في غضون سنة على كمية من اليورانيوم العالي التخصيب تكفي لصنع قنبلة ذرية.هذه التطورات ترافقت مع مناورات عسكرية كبيرة قامت بها جميع الأجهزة العسكرية من جيش وحرس ثوري وقوات تعبئة «باسيج». وشكّلت ردوداً غير مباشرة على مناورات أخرى قامت بها القوات الأميركية في مياه الخليج قبالة السواحل الإيرانية.في المقابل، أبدت الجمهورية الإسلامية بعض المرونة في التعامل مع المجتمع الدولي، فسمحت لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة مواقع حساسة وأبدت استعدادها للكشف عن جوانب غامضة في برنامجها النووي. وجاءت النتيجة في تشرين الثاني في تقرير المدير العام لوكالة الطاقة، محمد البرادعي، الذي أكّد رفع مستوى التعاون الإيراني مع الوكالة، وإن تخوف من استمرار عمليات تخصيب اليورانيوم.وفي محاولة لتطويق ذيول أي حرب مفترضة تُشَنُّ على النظام الإسلامي، شهدت العلاقات الإيرانية ـــــ الخليجية، تحسناً ملحوظاً، إذ حاول نجاد الانفتاح على هذه الدول، التي تحتضن مواقع عسكرية أميركية كبرى. ورغم التهديدات التي أطلقها مسؤولون عسكريون إيرانيون ضد دول الخليج إذا حوّلت أراضيها إلى منطلق للهجمات الأميركية، تميزت سياسة نجاد بزيارات عديدة شملت بعض هذه الدول، ولا سيما السعودية التي زارها ثلاث مرات، فيما كان لافتاً حضوره قمة الدول الخليجية الست في الدوحة.التطورات الدولية المتسارعة سارت بالتوازي مع أزمة داخلية حادة، كان الاقتصاد أحد أبرز عناوينها الرئيسية، تمثلت بتزايد في مستوى التضخم ليتجاوز الـ 16 في المئة نتيجة ارتفاع حجم المداخيل بالعملات الأجنبية بفضل ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة. حصل ذلك نتيجة لسياسة حُسن نية اتّبعها نجاد للإيفاء بتعهد قطعه يقضي بوضع «أموال النفط على الطاولة».هذه الطفرة النفطية لم تساعد نجاد بنظر معارضيه من الإصلاحيين والمعتدلين، في تحسين سياسته الاقتصادية، وخصوصاً أن سياسة تقنين توزيع البنزين على السائقين، في بلد هو رابع دولة منتجة للنفط في العالم، أصبح يمثّل نقطة سوداء في تاريخ هذا النظام، بعدما أدى التوتر، على خلفية قرار التقنين، إلى افتعال أحداث شغب وحرق محطات توزيع للوقود في طهران وبعض المدن الأخرى.لعل ما وقعت فيه حكومة المحافظين، إلى جانب الورطة الاقتصادية، كان موضوع حرية الرأي، إذ شدّدت من السيطرة على المجتمع، فلاحقت طلاباً وسياسيين وأكاديميين بتهم عديدة، أدت إلى تحرك منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران والعالم.ولا يمكن فصل ما شهدته إيران من استقالات في قيادة الحرس الثوري وأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي وحاكمية المصرف المركزي ووزارات التعليم والصناعة والنفط، وغيرها من المراكز، عن السياق العام لسياسة نجاد. وفسر المراقبون هذه التغييرات بأنها تأتي في سياق الاستعداد لحرب مقبلة على الجمهورية الإسلامية، بينما رأى آخرون أنها تصّب في سياسة تعزيز الجبهة المحافظة الداخلية في وجه الإصلاحيين تمهيداً لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة التي تليها انتخابات رئاسية في عام 2009.لهذا نشط المعتدلون، وفي طليعتهم الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، والإصلاحيون بقيادة الرئيس السابق محمد خاتمي، والمحافظون الوسطيون بقيادة رئيس مجلس الشورى السابق مهدي كروبي، في العمل على تشكيل حلف ضم أكثر من 20 حزباً لخوض الانتخابات النيابية في آذار المقبل، موحدين في وجه المحافظين.يبدو أن القطار النووي الإيراني الذي تجلى بأقوى صوره هذا العام، يسير من دون توقف، في ظل استبعاد قيام الولايات المتحدة بضربة عسكرية لإيران. لكن الصورة السياسية خلال الأشهر المقبلة قد تحمل تغييرات في هيكلية النظام، قد تكون إحدى نتائجها إعادة الإصلاحيين والمعتدلين إلى السلطة لتنسجم سياسة طهران المقبلة مع مناخات التسويات المرتقبة، ولا سيما بعدما نجحت ثلاث جولات من المفاوضات بين واشنطن وطهران في ضبط إيقاع المقاومة العراقية.
(الأخبار)عدد السبت ٢٩ كانون الأول

27‏/12‏/2007

دموعك تصنع كآبتي

دموعك تصنع كآبتي

شفافة أنت مثل أيقونة
تشعرين باليأس حيناً
فينهمر مطر عينيك في أخاديد السواد
يجرف أفنان الارادة من دون جذورها
يطرق رذاذه صفيح قلبي، فيصنع كآبتي.

شفافة أنت مثل قنديل البحر
ُتمسك مجساته بتلابيب نخوتي
تعتصر ألمي
تولج حزنك في متاهات رؤاي.


أهرول لانتشالك من غياهب الاحباط
لنصعد معًا او نبقى في قعر الخضوع
نشق طريقنا في أرض يباب
مكسوة بأشواك المقدس وأهوال التقاليد.

تصادر الاوراق الصفراء حلمنا
تصنع حواجز بين الحب والاوردة
تقتلنا في اليوم الف مرة
بعدد مرات التقاء عيوننا
بقوة رحيق العطر يفوح من جسدك.

لا تشكريني حين انتشلك من اليأس
لاني انتشل نفسي
انا الغارق في يأسك
أنا أسير هذا التمثال الحاضر في عرشك
أنا الكئيب بدموعك...

لا تشكريني، فأنا محتاج
الى دموعك كإحتياجي لحبك.



تجمعنا طيبة القلب
ورهافة الحس
وصبر الانتظار.

قلبي سيفك المسلول في وجه التشاؤم
تنعتينني بالمغامر
نعم... انا المغامر
طامح الى مابعد النجوم
وانت مغامرتي ونجمتي وطموحي
قلبي منديل يكفكف دمعك
يسد مآقيه بقبلة، بقصيدة، بحبر الكلمات المهذبة...
معمر عطوي
27-12-2007
بيروت

19‏/12‏/2007

الحاج نجاد

معمر عطوي
لا يمكن تفسير زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الى السعودية، بأنها مجرد تلبية لدعوة وجهها إليه الملك السعودي عبد الله، لتأدية فريضة الحج، وخصوصاً أنها تأتي بعد تحولات مشهودة في الموقف الإيراني تجاه دول الخليج العربي.وقد يرى البعض أن رمزية الزيارة هي في كونها أول زيارة لرئيس إيراني يؤدي فريضة الحج بدعوة من ملك سعودي منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. لكن ما شهدته المنطقة من تطورات سياسية في الآونة الأخيرة، تجعل لهذا الحج دلالات سياسية تتجاوز الطابع الرمزي الى مرحلة من الغزل السياسي بين البلدين.في هذا المجال، من المفيد الإشارة الى أن الحاج نجاد قد كثّف من خطابه الإيجابي تجاه دول الخليج، التي كانت تخشى أن تتحوَّل بعض أراضيها الى منطلق لضربات عسكرية أميركية مفترضة لأهداف في إيران.وبما أن السعودية هي القطب الأبرز من بين هذه الدول، فإن سياسة نجاد تجاهها أصبحت تشير بوضوح إلى وجود نية إيرانية في كسب ودّ الخليج الذي يحاول التملص من التورط في حرب تخوضها الولايات المتحدة، وقد ظهر هذا جلياً أثناء الاجتماع الأمني الذي عقد قبل أسبوعين في المنامة، حيث لاقى تحذير وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس لهذه الدول من التهديد الإيراني، استهجاناً من بعض المسؤولين الذين وجدوا أن إسرائيل أخطر من جارتهم المسلمة.ولا بد من النظر بإيجابية الى تحركات الحكومة الإيرانية المكثّفة نحو دول الخليج، سياسياً واقتصادياً، التي تكلّلت بتقديم نجاد خلال حضوره التاريخي قمة دول مجلس التعاون الست في الدوحة أول الشهر الجاري، مقترحات شملت التعاون الاقتصادي والأمني. وقد أصبح نجاد أول رئيس إيراني يزور السعودية للمرة الثالثة منذ تولّيه الحكم في صيف 2005، في ما يبدو أنه محاولة جادة لتقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية، لينعكس ذلك بدوره إيجاباً على أكثر من بقعة توتر مذهبي في العالم العربي.المفارقة أن الرياض التي انتقدت دمشق مراراً متهمة إياها بأنها «تابعة» لنظام الملالي، هي من يتجه أكثر نحو تعزيز العلاقات مع طهران، في الوقت الذي تواصل فيه إطلاق سهام نقدها تجاه سوريا ونظامها.غزل سعودي ـــــ إيراني لا بد أن يجد انعكاساته الإيجابية على أكثر من ملف خلافي في المنطقة، وخاصة بعد سقوط الخيار العسكري الأميركي، وحتى خيار تشديد العقوبات حيال إيران. لكنه بالتأكيد لا يعني قراراً سعودياً بتغيير تحالفاتها في المنطقة والعالم.
عدد الاربعاء ١٩ كانون الأول

18‏/12‏/2007

صفقة بوشهر» وطموح طهران نحو الاكتفاء «النووي»

معمر عطوي
تحمل الموافقة الروسية على إرسال شحنات من الوقود النووي إلى محطة بوشهر الكهرو ـ ذرية الإيرانية، دلالات واضحة على تبدُّل في موقف موسكو تجاه بعض القضايا الاستراتيجية في المنطقة، رغم أن هذا الموقف يبقى أسير مصالح مفترضة مع الغرب.ويأتي تصريح رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيراني، غلام رضا آغازادة، أمس، عن وصول أول دفعة من الوقود النووي إلى محطة بوشهر، بعد مخاضات عسيرة شهدتها المحادثات الثنائية بين البلدين، من أجل مواصلة بناء هذا المفاعل، و«تزويده بالوقود على مدى شهرين»، حسبما قال مصدر في شركة «آتوم ستروي أكسبورت» التي تشرف على بناء المحطة.دلالات هذا التبدل في الموقف الروسي بدأت تظهر شيئاً فشيئاً منذ زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى إيران لحضور قمة دول بحر قزوين في 17 تشرين الأول الماضي. لكن مؤشرات نجاح هذه المحادثات تجلّت أكثر مع زيارة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي إلى العاصمة الروسية الأسبوع الماضي، حيث توصل مع المسؤولين الروس إلى اتفاق على موعد إكمال مشروع بناء محطة بوشهر.زيارة متكي هذه، لا يبدو أنها تنفصل عن تحولات عديدة شهدتها المنطقة، منها التقارب الإيراني ـــــ الخليجي والتقرير الأخير لوكالات الاستخبارات الأميركية حول الأنشطة النووية الإيرانية، وازدياد حجم التباينات بين أميركا وروسيا حول العديد من القضايا مثل كوسوفو والدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا وغيرها.لقد بدا الروس هذه المرة واضحين في موقفهم حين دحضوا نقطة أساسية من التقرير الاستخباري الأميركي أفادت عن توقف أنشطة نووية عسكرية منذ عام 2003، لينفوا علمهم بوجود أي نشاط عسكري نووي إيراني حتى قبل هذا التاريخ، علماً بأن الأشهر السابقة شهدت مماطلة بين البلدين حول بناء المفاعل، وتسليم الوقود، وذلك على خلفية اتهامات روسية لإيران بالتأخر في دفع المستحقات المالية التي تترتب عليها، الأمر الذي كانت تنفيه طهران المتخوفة من نجاح ضغوط واشنطن على الدب الروسي لعرقلة هذا التعاون. بيد أن بوتين عزا التأخير إلى معدات قديمة مهترئة تحتاج إلى تجديد، ما يشير إلى أن أسباب المماطلة ليست مالية كما يقول الروس.ثمة قراءة أخرى، يحاول من خلالها الجانب الأميركي تفسير سبب تسليم روسيا وقوداً نووياً لبوشهر. هذه القراءة أتت أمس على لسان الرئيس جورج بوش، الذي رأى أن تسليم روسيا اليورانيوم إلى إيران يعني أنها ليست بحاجة إلى أن تقوم هي نفسها بعملية التخصيب، مكرراً اتهام طهران بأنها تشكل تهديداً للسلام.غير أن اللافت في المسألة هو أن طهران، لا يمكنها الوثوق بموسكو دائماً؛ فبعد مسيرة طويلة من المماطلة، اكتشفت طهران أن الحل الوحيد هو السعي نحو الاكتفاء الذاتي. موقف كررّه الإيرانيون مراراً، وجدّده أمس رئيس منظمة الطاقة الذرية غلام رضا آغازادة، من خلال رفضه الربط بين قيام روسيا بتسليم طهران وقوداً نووياً واستمرار إيران بعمليات التخصيب.وذهب المسؤول الإيراني أبعد من ذلك، ليعلن بناء مفاعل نووي آخر « بقوة 360 ميغاوات في دارخوين» في ولاية خوزستان الغربية، مؤكداً في هذا السياق أن «الحصول على الوقود لهذه المحطة ينبغي أن يكون من (محطة التخصيب في) ناتنز».أما مدير مركز دراسة إيران المعاصرة في موسكو رجب صفاروف، فقد كشف عن أن «القيادة الإيرانية ستعرض على روسيا بناء محطتين أخريين بقدرة 3 آلاف ميغاواط وبكلفة 4 مليارات دولار أميركي تقريباً». لعل هذه المعطيات كافية لتأكيد الطموح النووي الإيراني المكتفي بذاته.
عدد الثلاثاء ١٨ كانون الأول

14‏/12‏/2007

صباح المطر


صباح المطر يا جرح قلبي
ينهمر بغزارة كأنه نظراتك العاتبة
او كأنه كلماتك العذبة
ينظف شراييني من صدأ السنين

ينهمر مطر كانون كرذاذ مشاعري
يحمل الي رسائل حبك
ألقي بمظلتي الى العابرين.

ينغرس الرذاذ بين شتات أفكاري
فأنسى العذاب ويتركني الأنين


أسابق الريح
أمتشق كلماتي اللطيفة
وعدة النحو والصرف وتعابير الحنين.

اركض من دون التفاتة نحو الوراء
او الشمال او اليمين.

أنظر نحو البرق باسماً
غير آبه لتبلّلي
انا الغريق في بحر عينيك ِ.


مطر ينهمر بغزارة
فوق سطح قلبي.

معمر عطوي
14-12-2007

12‏/12‏/2007

القطبة المخفيّة


معمر عطوي
لا يمكن تفسير الكشف عن مضمون تقرير وكالات الاستخبارات الأميركية عن الأنشطة النووية الإيرانية، الذي صدر مطلع الشهر الجاري، بمعزل عن قراءة التحولات السياسية التي يمر بها الشرق الأوسط والعالم. ذلك أن السماح لـ16 جهازاً استخبارياً بنشر تقرير يتضمّن معلومات حساسة تناقض تصريحات متكررة للإدارة الاميركية وللرئيس جورج بوش، لا يمكن أن يكون قد تم بمعزل عن موافقة البيت الابيض.لكن ثمة قطبة خفية في نسيج العلاقة بين الاستخبارات والإدارة السياسية، يمكن من خلالها استشفاف لعبة توزيع أدوار، بين رئيس مصرّ على وجود خطر نووي إيراني وجواسيس يؤكدون وقف الأنشطة النووية العسكرية الإيرانية في هذا الإطار منذ 4 سنوات، وبين مؤسسات أمنية وعسكرية ترفض الوقوع مجدداً في فخ أكاذيب أسلحة الدمار العراقية.غير أن التطورات التي مرََّّت بها منطقة الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، يمكن أن تحمل مسوّغات مقنعة للإدارة الأميركية، بالرضوخ لبعض المطالب الايرانية، بهدف الخروج ـــــ بأقل خسائر ممكنةـــــ من المستنقع الذي علقت في وحوله منذ غزوها أفغانستان ومن ثم العراق، إذ يبدو أن بوش، الذي تحوَّل خطابه من تهديد بحرب نووية عالمية الى تلويح بفرض عقوبات مشدّدة على النظام الإسلامي، قد وجد سبباً مقنعاً دفعه لأن يسمح بكشف مضمون التقرير الاستخباري. لعل هذا السبب المركَّب، يبدأ من إيمان بوش العميق بأن نفوذ إيران في العراق، ورقة رابحة في يد من كان يظنهم «ملالي مجانين». وربما ينتهي هذا السبب في لبنان، حيث فشلت أميركا، ومعها إسرائيل، العام الماضي في القضاء على حزب الله، وحيث لا تزال تواجه عقبات كبيرة تحول دون نجاح مشروعها السياسي.لعبة توزيع الأدوار هذه، التي تحفظ للرئيس الأميركي «كبرياءه»، تتمحور بين ضغط سياسي كبير يواجهه داخل إدارته، تقوده وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس من أجل الدخول في تسوية مع إيران، وبين جنرالات يعملون على إجهاض أي مشروع حرب جديدة قد تقودها الولايات المتحدة وراء البحار.ومن الواضح أن الرئيس الأميركي قد وجد في هذا التقرير مُبرراً لتغيير لهجته «الاستعلائية» تجاه طهران، وخصوصاً بعد ما فقده من أوراق قوة منذ غزو جحافل جيوشه المنهزمة لبلاد الرافدين. تغير ربما يستهدف الانتقال من المواجهة المباشرة «إدارة أزمة» بانتظار السيد المقبل للبيت الأبيض، أو محاولة التوصل إلى تسوية مع النظام الإسلامي، لا بد أن تكون «مذلة» إذا ما قورنت بمعايير إدارة بوش.مهما يكن من أمر، تبدو واشنطن حريصة على الحفاظ على خط الرجعة. حرص قد يكون أبرز دليل عليه تصريح وزير الدفاع روبرت غيتس الاسبوع الماضي في المنامة عن «خطر إيراني» يتهدد دول الخليج، ودعوتها الى إقامة نظام دفاعي صاروخي جوي لمواجهته.
عدد الاربعاء ١٢ كانون الأول

10‏/12‏/2007

انتظر مجيئك

في كل يوم انتظر مجيئك
أشعر بصوت حذائك يطرق بلاط فؤادي
تبزغين من باب الغرفة كأنك الشمس
تتوهج أحاسيسي
أغالب مكابرتي بإختلاس نظرة سريعة الى وجهك
يقفز قلبي مسرعاً لاستقبالك
بيننا وريد من الوجد
أشعر انك مرآتي... تقوِّم صورتي
أبصر نفسي بين ثنايا شعرك الناعم
طيفك أقوى مني
يتخطّى الحواجز ليرافقني
يسمو بروحي فوق الكلمات
أنتظر مجيئك لتنزعي عني كآبتي
لتحضنيني بتعابير وجهك البريئة
لأشعر اني لست وحدي.
معمر عطوي
10-12-07
بيروت

7‏/12‏/2007

عندما يترنّح «الصقر»

معمر عطوي
عندما يعترف نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بأن التقرير الأخير لوكالات الاستخبارات الأميركية، الذي أفاد عن توقف البرنامج النووي الإيراني العسكري في عام 2003، يمكن أن يعرقل الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة في مواجهة طهران، فإن المسألة تستحق النظر بتمعّن أكثر في قضية العقوبات التي لا تزال محور مشاورات بين المديرين السياسيين للدول الست الكبرى (5+1).المفارقة هنا هي أن تشيني، الذي حذَّر ايران سابقاً من «العواقب الوخيمة» التي يمكن أن تواجهها ما لم توقف تخصيب اليورانيوم، قد تراجع في خطابه بعد صدور التقرير الاستخباراتي، الى القول «أعتقد أنه من المهم أن نواصل الطريق ونحاول إقناع إيران بالوسائل الدبلوماسية».أمام هذا «الصقر» الأميركي الوحيد الباقي الى جانب الرئيس جورج بوش، الذي يرى أنه مرشده الروحي، يصبح الحديث عن تبدُّل أو تليين في موقف كل من روسيا والصين، ضرباً من قصر النظر.يدعم هذا الاستنتاج رأي للمستشار الرئاسي السابق لشؤون الشرق الأوسط، بروس ريدل، الذي يقول إن التقرير الاستخباري «ساند روسيا والصين في تأكيدهما على عدم امتلاك ايران برنامج أسلحة، ولن تؤيدا الآن عقوبات جديدة» ضد طهران.وإذا كانت موسكو وبكين من الإساس قد حالتا لأشهر دون توصل القوى الكبرى الى اتفاق على عقوبات مشددة في مجلس الأمن ضد ايران، فإن التقرير الأميركي ذهب أبعد من ذلك بسحب مسألة العقوبات من التداول نهائياً، على الأقل في المدى القريب.فمندوب الصين لدى الأمم المتحدة كان واضحاً، غداة صدور التقرير، عندما أكد أن الاتفاق المبدئي، الذي جرى التوصل اليه السبت في باريس بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا لصياغة مشروع قرار عقوبات جديد، قد يخضع للمراجعة في ضوء ما أفاد به تقرير الاستخبارات الأميركية.أمّا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقد ذهب أبعد من ذلك، بقوله إن بلاده لا تملك معلومات تفيد أن إيران كان لديها برنامج نووي عسكري قبل عام 2003، مشيراً إلى أن التقرير الأميركي «سيكون عنصراً هاماً» يحسم قضية الحاجة الى فرض عقوبات جديدة على إيران. في المقابل، فإن الولايات المتحدة بذهنيتها «الإمبراطورية» المكابرة، وبريطانيا بما تحمله من إرث استعماري، تصرّان على السير في خيار العقوبات المشددة.لكن ترنّح الصقر الأميركي يشير إلى أن جلسة مجلس الأمن في الثامن عشر من الجاري قد ترسي أسلوباً جديداً في التعامل مع «نظام الملالي»، على غرار ما فعله التقرير الجديد للاستخبارات.
عدد الجمعة ٧ كانون الأول

6‏/12‏/2007

دلالات وعبـر

معمر عطوي
يمكن وصف التقرير الاستخباري الأميركي الأخير عن إيران بأنه حمّال أوجه، رغم أنه يدحض تقريراً سابقاً صدر عن الجهة نفسها في عام 2005 عن «تصميم» طهران على تطوير أسلحة نووية.الوجه الأول يتعلق بسحب الذرائع من صقور الإدارة الاميركية، وخصوصاً الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني، لجهة ما أفاد به عن إيقاف إيران عام 2003 خططها لحيازة السلاح النووي.أما الوجه الثاني، فمن شأنه إبقاء فرضية الحرب الاستباقية على بساط البحث لدى هؤلاء الصقور، لجهة إشارته إلى احتمال إيران إنتاج كمية من اليورانيوم المخصَّب تكفي لصنع سلاح نووي «بين عامي 2010 و2015». وإلى أن الاستخبارات لديها «احتمال ضئيل» و«ثقة بدرجة متوسطة» بأن أقرب موعد يمكن أن تصبح فيه إيران قادرة تقنياً على إنتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصّب لإنتاج أسلحة هو عام 2009.لكن الوجه الثالث يرسِّخ «رؤية وسطية» يدعمها دعاة سياسة العصا والجزرة (الحل الدبلوماسي والعقوبات المشددة)، وفي مقدمهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الخزانة هنري بولسون ووزير الدفاع روبرت غيتس، ومن ورائهم جنرالات الجيش.بأي حال، يُعبِّر التقرير عن «تجربة وعبرة» استفادت منها المؤسسات الأمنية والعسكرية الأميركية، بعد فشلها في إثبات تقاريرها الكاذبة عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل في عام 2002 والتي أعطت الإدارة الأميركية وحلفاءها مسوّغاً «أخلاقياً»، لغزو العراق في عام 2003!أما الحديث عن «ضغوط دولية» أجبرت طهران على وقف برنامجها كما جاء في التقرير، فلا يبدو دقيقاً، في ظل تمسك النظام الإسلامي بتخصيب اليورانيوم رغم تهديدات الغرب.ومن المفيد هنا الإشارة إلى ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» أمس من أن توقيف إيران لبرنامجها النووي في عام 2003 تلازم مع زوال خطر نظام الرئيس صدام حسين.ثمة أمر آخر أوردته الصحيفة الأميركية قد يكون أقرب إلى المنطق، يتحدث عن تبدّل في الرؤية النمطية التي كانت سائدة لدى الدوائر الأميركية عن «نظام الملالي المجانين»، وقناعة هذه الدوائر بأن حكام إيران «عقلانيون يملكون وعياً سياسياً وحنكة دبلوماسية».مهما يكن، لقد أعاد تقرير الاستخبارات خلط الأوراق من جديد على الصعيد الأميركي الداخلي من خلال تعزيز الجبهة الرافضة للحرب، والمطالبة «بسياسة جديدة حيال إيران». أماّ على الصعيد الخارجي، فيؤكد التقرير صحة وجهتي نظر الصين وروسيا الرافضتين لتشديد العقوبات على طهران، بما ينزع فتيل «تفجير» قرار جديد بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي.
عدد الخميس ٦ كانون الأول

العداء للسامية ام تقديس الاجرام

معمر عطوي
لم تنجح ثورات التغيير الثقافي في أوروبا، في انتزاع الصورة النمطية للصهيونية، من رواسب العقدة التاريخية المحملة بالذنب، من منظورذهنية مفترض ان تكون موضوعية، في تعاطيها مع المسالة اليهودية.
لعل الجدل السياسي والثقافي الذي تحمله الينا صفحات الجرائد الغربية، يظهر كيف تخرج الاراء المنتقدة للسياسة الاسرائيلية في الشرق الاوسط على استحياء وسط سهام الاتهام بالعداء للسامية.
ربما تشكل بعض الاضاءات، التي تزخر بها كتابات مثقفين وسياسيين غربيين بين وقت وآخر، ارهاصات لحراك سياسي- ثقافي جديد ينسجم مع ذهنية موضوعية مفترضة، في مرحلة «ما- بعد عصور الظلام»، لعل الكاتب النرويجي جوستين غاردر هو احد صانعي هذه الاضاءات بانضمامه الى قافلة مناوئي «تابوهات
النيو- ليبرالية»، امثال آنا ليند والاب بيار وجان جينيه، وروجيه غارودي، ويورغن موليمان ونعوم تشومسكي وجورج غالاوي الخ...
كل ما قاله الكاتب والروائي النرويجي هو ان اسرائيل بمجازرها واعتداءاتها المتواصلة على العرب خسرت شرعية وجودها. منطلقا من فكرة اساسية ان الدفاع عن النفس الذي تحاول الدولة العبرية من خلاله تسويغ مجازرها وشرعنتها لا يعطيها الحق في رفض القوانين الدولية.
من الطبيعي ان هذا الرأي لا يعجب شريحة واسعة من أعضاء «الانتلجنسيا» الغربية التي تزعم محاربة التطرف الديني والسياسي بالتسلح بتطرف آخر اسمه«معاداة السامية» الذي تحول الى « فزاعة» جعلت من قيمة الحرية في الغرب قيمة استثناءات.
يمثل هذا الاتجاه الكاتب السياسي الالماني رالف غيوردانو الذي حمل رسالة الدفاع عن الصهيونية ليشوه وجه هذه الحرية التي طالما اعتبرناها نحن في الشرق امثولة التحول نحو الافضل، متهما «زميله» النرويجي« بالعداء للسامية».
غيوردانو المولود من ام يهودية، يأبى الا ان ينضم الى قافلة الُمطبلين لـ«العهر» الصهيوني مدافعا عن مقولة «شعب الله المختار» ومدعيا ان ما قاله غاردر لا يثير اهتمامه طالما انه اعتاد هذا النوع من النقد في الاوساط الالمانية.
ربما ساهمت سياسة «طول الجلد» التي يعتمدها بعض النخب العربية، في تمسكها بالحقوق المشروعة، في احياء نهضة بدأت تنخر المجال السياسي انطلاقا من معطيات ثقافية أدركت خطورة استمرار التعامي عن هذه الحقوق التاريخية والامعان في اتهام المدافعين عنها بالارهاب، فبات من غير المقبول لدى شريحة متنورة في الغرب اليوم المزج بين الايمان بالحرية وتقديس الاجرام. لعل هذا النقاش الساخن بين كاتبين اوروبيين يشيرالى تصاعد وتيرة الحراك الثقافي واتساع مدى الرؤية السياسية الى خارج المحظورات التاريخية وتُرهات «عقدة الذنب» لعل في ذلك عودة الامورالى نصابها.
تحولات عدد 28 الخميس 6 كانون الأول (ديسمبر) 2007.

5‏/12‏/2007

بين «أثننة» السياسة وتسييس الإثنيّات



معمر عطوي
«صناعة» الإرهاب نتيجة مصادرة الحقّ في المقاومة«مصادفة الولادة» تعبير استعاره الكاتب الألماني كارستن فيلاند من جملة للسلطان صلاح الدين قالها لناتان الحكيم، ونقلها الفيلسوف الألماني غوتهولد افرايم ليسنغ (1729ـــــ1781) في إحدى كتاباته.هي مصادفة لكنها سرعان ما تتحوّل إلى مشروع كامل يبدأ من العصبوية القبائلية الصغيرة ويطمح إلى بناء دولة ـــــ أمّة تضمّ المشتركين في هذه «المصادفة»، لجهة روابط العرق واللغة واللون والتقاليد، واستطراداً الدين. انطلاقاً من هذه الفرضيّة، يعالج الكاتب الألماني موضوع الإثنيات وتأثيرها في تشكيل الكيان السياسي، ودور السياسة في تحويل الإثنية من حالة اجتماعية إلى مشروع سياسي قومي. وذلك في كتابه «الدولة القومية خلافاً لإرادتها» الذي نقله إلى العربية محمد جديد، ونشرته دار المدى في دمشق.يخصّص الكاتب عمله لمعالجة موضوع «تسييس الإثنيات وأثننة السياسة»، مخصّصاً بحثه حول واقع عاشه ميدانياً من خلال عمله صحافياً، في البوسنة والهرسك والهند وباكستان. لذلك كانت القوميّة عنده مرتبطة بالدين حتّى أنه جعل الدين هنا أحد العناصر المشكِّلة للقومية. ثنائية لا يبدو أنها دقيقة ما دام الدين لا يطرح ذاته وسط قومية معينة أو إثنية بحدّ ذاتها.يقول فيلاند «حين خرج الكتاب في عام 2000 إلى المكتبات، بدا كأنّ عقداً من السياسة الدولية قد اختتم، وكان حافلاً بألوان الصراع الإثني، وكانت معظم الأزمات والمناقشات الدولية تدور حول انموذج الإثنية بعد انحلال النماذج القديمة من الصراع أيام الحرب الباردة في أنموذج الدول القومية».بمعنى آخر، ارتبط مفهوم الإرهاب بالجماعات الإثنية التي تطالب بحقوقها السياسية، أو بتلك الجماعات، ولا سيما الأقليات، التي سمحت لنفسها أن تصبح لقمة سائغة يستخدمها اللاعبون على رقعة الشطرنج الدولية، من أجل تحقيق مصالحهم.نعم، لقد دخلت «الإثنية» و«الإرهاب» في تحالفات، وحاول الغرب أن يلصق هذه الاثنية بجماعة دينية على غرار المسلمين بعد أحداث 11 ايلول الشهيرة. لكن فيلاند هنا يرى أنّ من النادر أن يقوم التحالف بين الإثنية والأصولية الدينية، مستثنياً بذلك باكستان «التي نشأت عن طريق قومية إثنية إسلامية، وطوّرت نفسها في اتجاه الأصولية الإسلامية بعدما تمّ تحقيق مشروعها القومي الإثني».يتحدّث الكاتب هنا عن الغاية السياسية من توظيف الايديولوجيا، التي تتغذّى حكماً من مصادر الدين والثقافة، معتبراً أنّ محاولة مكافحتها قلّما تجدي على الصعيد السياسي حصراً.ويقع الكاتب في مغالطة كبيرة حين يقول إنّ «الحرب التي تتسم بالسمة الانغلو ـــــ أميركية بوجه خاص كما حدث ضدّ العراق في 2003، كانت نتيجة مباشرة لأحداث 11 أيلول، على الاقلّ عندما يتابع المرء البادئين بالحرب». يتناسى الكاتب هنا أنّ هذا الحلف الانغلو ـــــ أميركي هو من أسس ظهور العصبويات الإثنية في فلسطين والعالم العربي، وهو ما أسهم إلى حدّ كبير في ايجاد مناخات ملائمة لتطوّر جماعات إثنية أو ايديولوجية أو قومية أو دينية، تستخدم المقاومة المسلحة لتحقيق أهدافها. هذه السياسة التي دعمت الدولة العبرية، تصبّ في خانة أثننة السياسة، ومحاولة جعل دولة اليهود دولة ذات ثنائية قومية ـــــ دينية ولو بالقوّة.ثمة مغالطة تجعل مشروعية الضحية في تحصيل حقّها، سبباً للاعتداء عليها، هي الذهنية السائدة في أكثر «البلاطات» السياسية، حيث تؤدّي سياستها ذات المعايير المزدوجة ومصادرتها لحقّ الإنسان في المقاومة من أجل تحصيل حقوقه، إلى ظهور حالات متطرّفة تغذيها أفكار دينية وقومية، لتخرج بها عن سياق الحقّ المكتسب بالدفاع عن النفس وتحقيق الأهداف إلى العمل الإرهابي.هذه السياسة هي التي صنعت الإرهاب، وهي التي توظّفه سواء من خلال عصبوية إثنية أو دينية أو مذهبية في معاركها من أجل تحقيق مطامعها وأهدافها الاقتصادية.

نجاد وحلم "الدول السبع"

معمر عطوي
لم يعد الحديث عن تطمينات متبادلة بين إيران ودول الخليج العربي الست، مغرياً، على الأقل من الناحية الإعلامية، بعدما تحوَّل حضور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القمة الخليجية في الدوحة، إلى حدث بعينه، حمل بحد ذاته العديد من الدلالات.فقد تجاوز الرئيس الإيراني قضية بث تطمينات إلى الجانب الخليجي على غرار المعزوفة المكررَّة عن أن «البرنامج النووي سلمي»، وأن «التهديدات العسكرية لا تستهدف الضفة العربية من الخليج الفارسي»، ليؤدي دور المسؤول الذي يحمل همّ «الأمة» الإسلامية ويسعى إلى لمّ شملها وإبعادها عن التدخل الأجنبي، متجاوزاً مسألة «نحن» و«هم»، في جملة مقترحاته التي تتحدث عن تعاون «الدول السبع» بدلاً من «الدول الست». بيد أنه في الوقت نفسه جهد ضمناً لإفهام القادة الخليجيين أن هناك قضيتين خارج النقاش معهم، وهما البرنامج النووي الإيراني ونفوذ بلاده في العراق.وكان واضحاً أن الرئيس الإيراني تجنّب الخوض في الملفات الخلافية، وأبرزها مشكلة الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) المتنازع عليها مع الإمارات. كما تجنّب إثارة العديد من الملفات الإقليمية المثيرة للجدل وبينها الحشود العسكرية الأميركية في الخليج.ولعل أبرز الإشارات التي حملها نجاد إلى الحضور كان دخوله المفاجئ ممسكاً بيد الملك السعودي عبد الله، الذي شهدت العلاقات بين بلاده وإيران توترات منذ انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979. ودلالة هذه «الحميمية» بين الزعيمين تكمن في ما يمكن أن تتركه من انطباع إيجابي على العالم الإسلامي برمّته، حيث تؤدي السعودية دور المرجعية بالنسبة إلى الكثير من أتباع المذهب السنّي، فيما تؤدي إيران الدور نفسه بالنسبة إلى الشيعة.ربما أراد الرئيس الإيراني من خلال حضوره، الذي جاء بناءً على طلبه، تذكير الدول الخليجية بالأهمية الاقتصادية والاستراتيجية والأمنية لإيران، وما يمكن أن تقدمّه هذه الدولة «الثورية» لجاراتها «الليبرالية» من فوائد، بدلاً من التهديد والوعيد.لهذا كان تركيزه على مسألة التكامل في العديد من المجالات، ولا سيما الأمنية، مُستخدماً تعبير «مجلس تعاون أمني»، على اعتبار أن «أمن دول المنطقة متشابك». وحين يقدم نجاد اقتراحاً أمنياً بهذه الصورة، تصبح مسألة «التطمين النووي» تفصيلاً لا فائدة منه. لقد حملت السلّة الإيرانية 12 مقترحاً، تدل في معظمها على نيّة إيرانية بالانتقال من مرحلة «إبداء حسن النيات» في العلاقة مع دول الخليج الست، إلى مرحلة تأسيس مجلس «لدول الخليج السبع» بضفتيها الإيرانية والعربية.لكن السؤال الذي يطرح نفسه على قادة هذه الدول، التي «تستضيف» على أراضيها قواعد عسكرية أميركية كبرى، كيف يمكن أن يتحّول كل ما قدّمه نجاد من «مغريات» الغاز والماء و«السياحة النزيهة» إلى فكرة يُمكن البناء عليها في ظل المفاضلة بين تعزيز العلاقات مع «دولة مارقة» أو «شيطان أكبر»؟
عدد الأربعاء ٥ كانون الأول

3‏/12‏/2007

قمّة «التطمينات المتبادلة» في الدوحة اليوم

قمّة «التطمينات المتبادلة» في الدوحة اليوم
معمر عطوي
ربما كان لافتاً حضور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، التي تبدأ اليوم في الدوحة، في وقت تتصاعد فيه حدّة الأزمة النووية الإيرانية، التي باتت معظم دول الخليج ترى فيها تهديداً مباشراً لأمنها، وهي التي تسعى إلى إطلاق برنامج نووي مشترك في ما بينها.وقد يكون حضور نجاد، الذي يعدّ الأول من نوعه لرئيس إيراني منذ تأسيس مجلس التعاون عام 1981، فرصة لتبادل التطمينات. تطمينات لم يترك المسؤولون الإيرانيون في الآونة الأخيرة فرصة إّلا وبثّوها، في محاولة لكسب ودّ جيرانهم الذين تزوّدوا بأسلحة أميركية بلغت قيمتها عشرات المليارات من الدولارات.تطمينات لا بد منها، في وقت يواجه فيه البرنامج النووي الإيراني أزمة دولية قد تُفضي إما الى حرب أو الى عقوبات مشددة. وهي فرصة تجدّد من خلالها الدول الخليجية تأكيدها أنها لن تكون طرفاً في أي ضربة محتملة ضد إيران. لكنها في المقابل، تحتاج الى تطمين إيراني بأنها لن تكون هدفاً لصواريخ طهران التي تطوّرت الى درجة بالغة التعقيد.وقد تكون القمة فرصة لترتيب البيت الخليجي بضفتيه الفارسية والعربية قبل حدوث أي تطور عسكري محتمل في المنطقة. ترتيب يندرج في سياقه حضور الملك السعودي عبد الله، رغم ما يسود من فتور في العلاقات بين بلاده وقطر.لعل الحاجة أصبحت متبادلة لدى الإيرانيين والخليجيين، على السواء، الى مثل هذه اللقاءات. حاجة تنبع من اعتبارات عديدة: منها ضرورة تعزيز العلاقات مع الرياض من أجل امتصاص التوتّرات المذهبية في لبنان والعراق، واستكمال المحادثات الإيرانية ـــــ البحرينية، التي بدأت قبل أسبوعين، مع زيارة نجاد الى المنامة بغرض طمأنة الجزيرة الخليجية إلى أن لا أطماع إيرانية فيها.وتعزز هذه الفرضية زيارة قام بها وفد عسكري عماني الى طهران أمس، بينما تدعو إيران باستمرار إلى إبرام معاهدة للتعاون الأمني مع دول الخليج باعتبارها الحل الأمثل لتأمين المنطقة وتخليصها من القوات الأميركية. رغم أن هذه الدعوة تقابلها دول الخليج بالتجاهل، نظراً لارتباطها بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة التي تحتفظ بقواعد عسكرية كبيرة على أراضي هذه الدول.من المؤكد أن هناك مشكلات عديدة لا تكفي التطمينات لحلِّها، لعل أبرزها مشكلة الجزر الثلاث بين إيران والإمارات (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، والمؤجّلة الى حين. لذلك استبقت أبو ظبي زيارة نجاد بتأكيد تصميمها مجدداً، على استعادة الجزر، داعيةً طهران، على لسان الرئيس الإماراتي خليفة بن زايد آل نهيان الى مفاوضات ثنائية مباشرة أو اللجوء الى التحكيم الدولي لتسوية هذا النزاع.وربما كانت النكسة الثانية لإيران، عشية هذه القمة، إعلان الرياض عن استبعادها فك ارتباط عملتها بالدولار، بعدما دعت الإمارات إلى إصلاحات في نظام صرف العملة في المنطقة.هذا الإعلان السعودي، الذي كان هاجس إيران وفنزويلا في قمة الدول المصدرة للنفط «اوبك» في الرياض الشهر الماضي، ورد على لسان وزير المالية السعودي إبراهيم العساف عقب اجتماع لوزراء مالية مجلس التعاون في الدوحة أمس.من اللافت هنا الإشارة الى أن وزراء المالية والخارجية في دول مجلس التعاون قد ناقشوا أمس، في اجتماعات مشتركة ومنفصلة، جدول أعمال القمة التي ستبحث الوضع الإقليمي المتوتر جراء أزمة الملف النووي الإيراني ومشروع الوحدة النقدية الخليجية المترنّح وضعف الدولار الذي يؤجّج التضخّم في دول الخليج ويقضم عائداتها النفطية.وبرأي دبلوماسي غربي في الدوحة تحدث أمس لوكالة «فرانس برس»، فإن الدوائر الدبلوماسية الغربية في الخليج تنظر «باهتمام بالغ» إلى زيارة نجاد «غير المتوقعة»، التي تمثّل «خبطة إعلامية».كما يرى المحلّل والكاتب السعودي، خالد الدخيل، أن مشاركة نجاد في القمة «لافتة جداً»، لأنها تأتي في هذا الوقت تحديداً بعد مؤتمر أنابوليس وفشل المحادثات الأخيرة بين طهران والاتحاد الأوروبي. ويرى الدخيل أن «الظروف توحي أنه إذا استطاع الخليجيون أن يجعلوا إيران تشعر بمزيد من الارتياح إزاء نيّاتهم تجاهها وهم حلفاء واشنطن، فإن ذلك قد يسهم في دفع طهران باتجاه التجاوب مع المطالب الدولية».لكن ثمة مسلّمة ثنائية يبدو أن نجاد سيشدّد عليها في لقاءاته، هي طمأنة جيرانه إلى أن أراضيهم لن تكون عرضة لصواريخ بلاده، وفي الوقت نفسه إصرار طهران على المضي قدماًَ ببرنامجها النووي رغم ما يثيره من جدل.
(الاخبار)عدد الاثنين ٣ كانون الأول