4‏/2‏/2008

كتاب «إلى مطر قديم» لإسماعيل حيدر


سيرة «الأنا» وإشكالية النوع الأدبي
2008-02-04 جريدة العرب-الدوحة
بيروت - معمر عطوي
حين يختار الكاتب النوع الأدبي ليحكي تاريخه، قد يقع في إشكالية «الأنا» التي تجعل روايته أو نصوصه أو قصصه، تفتقد إلى الجانب النقدي، أو الإضاءة على الأماكن السلبية من شخصيته وسلوكياته. لكن بأية حال قد تكون «حكاية «الأنا» في هذا المجال مفتوحة على مشاهد أخرى تغني النص وتحوله إلى حكاية مكتملة الشروط.ربما وُفق إسماعيل حيدر في السير نحو هذا الاتجاه، بيد أنه لم يصبه. والإشكالية هنا، إضافة إلى استغراقه في لعبة الذاتية، أنه ترك تحديد النوع الأدبي لكتابه «إلى مطر قديم» (الصادر عن الدار العربية للعلوم في بيروت)، للقارئ من دون أن يضع في أسفل الغلاف كلمة «شعر» أو «قصص» أو «نصوص نثرية». عرفت إسماعيل صحافياً وكاتباً ملتزماً في بدايات حياته، لكن لم أعرفه ذلك الأديب الذي أراد أن يعبر عن اشتياقه لعالمه الماضي، من هناك حيث مكان عمله في صحراء دبي، بالتعبير عن الصخرة وشجر التين والزيتون وشقاء الطفولة.ربما كان إسماعيل حيدر متسرعاً في نشر كتابه الذي أراده «أحوال شخصية لم تكتمل»، إذ دمج فيه أنواعاً أدبية متباينة، الأمر الذي أفقده السياق المطلوب في العمل الأدبي. كان من الممكن أن يكتفي بما كتبه من قصص عن قريته في الجنوب اللبناني وأحوال أهلها وعلاقاته الطفولية البريئة وعالمه الخاص، في قصص أو رواية مصغرة، بدلا من هذا الهجين.هذا الهجين وان كان يحمل الكثير من جمالية العبارة ودقة الوصف والتعريف وينضح بالبعد الإنساني، فإنه فقد «هيبته» بسبب هذه الفوضى التي ربما أراد من خلالها تقديم نوع أدبي جديد أو قد يكون بهدف استكمال الشروط الصورية للكتاب من أجل الدفع به إلى المطبعة.على سبيل المثال، ثمة مقاطع تصلح لأن تكون تحت عنوان الشعر مثل «استرجاع» التي يقول فيها: حالما تتبدد المعتقدات، يصير المرء كخفاش، تائهاً في نهار.. ثم يهوي في بئر بلا قعر.أو في «كينونة» التي جاء فيها هذه العبارة فقط: أيتها المتوغلة في سرائري، محفوظة في السر، محفوظة في الجهر.كذلك كتب عبارات شاعرية بسيطة مثل «العمر»: يهرب مثل سارق.. فلا ندركه، إلا في لحظة الاستيقاظ الأخير.عناوين عدَّة كان يمكن تصنيفها على حدة لما تحمله من قوة المعنى وجمال العبارة وصورة الشعر. أما العناوين الأخرى على غرار، «أطياف التكوين» و «طير الذهب» و «حمام أبيض فوق الأسلاك» وغيرها.. فيمكن إدراجها تحت باب «النصوص النثرية».يقسم الكاتب عمله الجديد إلى أربعة أبواب: تبدأ بـ «أطياف النشأة الأولى» وتمر بـ «استئناف الوصل» و «تقاطيع الفصل» لينتهي بـ «أطياف النشأة الثانية». من خلال هذه العناوين كان يريد الكاتب القول إن ما كتبه يتعلق في سياق، لذلك بدا عمله بمثابة صور متلاصقة تحكي تجربة شخصية غنية، بيد أن هذه الصور تباينت في نوعها وشكلانيتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق