6‏/12‏/2007

العداء للسامية ام تقديس الاجرام

معمر عطوي
لم تنجح ثورات التغيير الثقافي في أوروبا، في انتزاع الصورة النمطية للصهيونية، من رواسب العقدة التاريخية المحملة بالذنب، من منظورذهنية مفترض ان تكون موضوعية، في تعاطيها مع المسالة اليهودية.
لعل الجدل السياسي والثقافي الذي تحمله الينا صفحات الجرائد الغربية، يظهر كيف تخرج الاراء المنتقدة للسياسة الاسرائيلية في الشرق الاوسط على استحياء وسط سهام الاتهام بالعداء للسامية.
ربما تشكل بعض الاضاءات، التي تزخر بها كتابات مثقفين وسياسيين غربيين بين وقت وآخر، ارهاصات لحراك سياسي- ثقافي جديد ينسجم مع ذهنية موضوعية مفترضة، في مرحلة «ما- بعد عصور الظلام»، لعل الكاتب النرويجي جوستين غاردر هو احد صانعي هذه الاضاءات بانضمامه الى قافلة مناوئي «تابوهات
النيو- ليبرالية»، امثال آنا ليند والاب بيار وجان جينيه، وروجيه غارودي، ويورغن موليمان ونعوم تشومسكي وجورج غالاوي الخ...
كل ما قاله الكاتب والروائي النرويجي هو ان اسرائيل بمجازرها واعتداءاتها المتواصلة على العرب خسرت شرعية وجودها. منطلقا من فكرة اساسية ان الدفاع عن النفس الذي تحاول الدولة العبرية من خلاله تسويغ مجازرها وشرعنتها لا يعطيها الحق في رفض القوانين الدولية.
من الطبيعي ان هذا الرأي لا يعجب شريحة واسعة من أعضاء «الانتلجنسيا» الغربية التي تزعم محاربة التطرف الديني والسياسي بالتسلح بتطرف آخر اسمه«معاداة السامية» الذي تحول الى « فزاعة» جعلت من قيمة الحرية في الغرب قيمة استثناءات.
يمثل هذا الاتجاه الكاتب السياسي الالماني رالف غيوردانو الذي حمل رسالة الدفاع عن الصهيونية ليشوه وجه هذه الحرية التي طالما اعتبرناها نحن في الشرق امثولة التحول نحو الافضل، متهما «زميله» النرويجي« بالعداء للسامية».
غيوردانو المولود من ام يهودية، يأبى الا ان ينضم الى قافلة الُمطبلين لـ«العهر» الصهيوني مدافعا عن مقولة «شعب الله المختار» ومدعيا ان ما قاله غاردر لا يثير اهتمامه طالما انه اعتاد هذا النوع من النقد في الاوساط الالمانية.
ربما ساهمت سياسة «طول الجلد» التي يعتمدها بعض النخب العربية، في تمسكها بالحقوق المشروعة، في احياء نهضة بدأت تنخر المجال السياسي انطلاقا من معطيات ثقافية أدركت خطورة استمرار التعامي عن هذه الحقوق التاريخية والامعان في اتهام المدافعين عنها بالارهاب، فبات من غير المقبول لدى شريحة متنورة في الغرب اليوم المزج بين الايمان بالحرية وتقديس الاجرام. لعل هذا النقاش الساخن بين كاتبين اوروبيين يشيرالى تصاعد وتيرة الحراك الثقافي واتساع مدى الرؤية السياسية الى خارج المحظورات التاريخية وتُرهات «عقدة الذنب» لعل في ذلك عودة الامورالى نصابها.
تحولات عدد 28 الخميس 6 كانون الأول (ديسمبر) 2007.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق