معمر عطوي
ثمانية وثلاثون عاماً مرّت على اندلاع شرارة الحرب الأهلية اللبنانية (13 نيسان 1975) ولا تزال تداعياتها حاضرة في كل تفاصيل حياتنا، رغم مرور 23 عاماً على انتهائها، في حين لا تزال صورها تمر بين وقت وآخر عبر الأحداث الأمنية المتنقلة بين المناطق. ماذا يقول مقاتلو الأمس الذين كانوا آداة حرب اقليمية دولية، أسماها البعض خطئاً حروب الآخرين على أرضنا، بينما كان اللبنانيون هم الآداة والضحية.
المقاتلون الذين اختبروا المعارك على الأرض موتاً او اصابة او اعتقالاً أو ندماً مُستداماً، كان لكل منهم وجهة نظره التي سوّغت له المشاركة في الحرب، ففي رأي الجندي اللبناني أو عبدالله، الذي انشق في بداية الأحداث عن الجيش والتحق بصفوف جيش لبنان العربي بقيادة الضابط المُنشق أحمد الخطيب، فإن الانحياز الواضح للدولة الى جانب عناصر حزب الكتائب اللبنانية، دفعه مع بعض رفاقه إلى الانشقاق ورفض الأوامر بقتال قوات الحركة الوطنية التي كانت تضم شيوعيين وناصريين وقوميين سوريين وفصائل فلسطينية على رأسها حركة فتح والجبهة الشعبية بفرعيها (جورج حبش وأحمد جبريل).
يروي أبو عبدالله لـ “برس نت” قصة انشقاقه عن الجيش اللبناني قائلاً “كان ذلك في شهر آذار عام 1976، حين بدأ الكتائب وبدعم من الجيش بترتيبات لحماية منطقة الفنادق في بيروت، نظراً لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة لهم، ان من ناحية المراقبة او من ناحية القنص والقصف.
وكانت هذه الفنادق القريبة من عين المريسة بمثابة “المنطقة الخضراء” حسب التوصيف العراقي، كونها المنطقة التي تشكل مقصداً للمسؤولين والسياح والصحافيين الأجانب والدبلوماسيين، لذلك حرصت “الكتائب” المدعومة من الجيش على عدم سقوطها وفشلت في رهانها.
رفض أوامر الجيش
حين قرر الجيش خوض المعركة رفض أبو عبدالله وثلاثة عسكريين آخرين بينهم أحد الموالين للحزب القومي السوري الاجتماعي قرار المشاركة وفروا من منطقة النورماندي حيث كان يُفترض تمترسهم، لكن توتر الوضع وارتفاع نغمة الطائفية ورواج شعار القوى المسيحية بإخراج المسلمين والفلسطينيين من المنطقة، ألهب المشاعر الدينية والقومية لدى الكثير من العسكريين بينهم الضباط أحمد الخطيب وعزيز الأحدب ووليد سكرية، فانقسم الجيش وانقسمت البلاد الى منطقة شرقية وأخرى غربية وأصبح القناص هو صاحب الكلمة الفصل على خطوط التماس.
أبو عبدالله الذي استمر يقاتل على خطوط التماس من بيروت وصولاً الى الشياح ومار مخايل والحدث، يقول إن “الكتائب” استخدموا الجيش للحصول على مكاسب في المعارك وكانوا مسلحين بشكل جيد بما يؤكد استعدادهم للحرب قبل العام 1975، حيث كانوا يتدربون في الكيان الصهيوني. لذلك كانوا يطلقون على الجيش اللبناني آنذاك صفة “الجيش الفئوي”.
ثمانية وثلاثون عاماً مرّت على اندلاع شرارة الحرب الأهلية اللبنانية (13 نيسان 1975) ولا تزال تداعياتها حاضرة في كل تفاصيل حياتنا، رغم مرور 23 عاماً على انتهائها، في حين لا تزال صورها تمر بين وقت وآخر عبر الأحداث الأمنية المتنقلة بين المناطق. ماذا يقول مقاتلو الأمس الذين كانوا آداة حرب اقليمية دولية، أسماها البعض خطئاً حروب الآخرين على أرضنا، بينما كان اللبنانيون هم الآداة والضحية.
المقاتلون الذين اختبروا المعارك على الأرض موتاً او اصابة او اعتقالاً أو ندماً مُستداماً، كان لكل منهم وجهة نظره التي سوّغت له المشاركة في الحرب، ففي رأي الجندي اللبناني أو عبدالله، الذي انشق في بداية الأحداث عن الجيش والتحق بصفوف جيش لبنان العربي بقيادة الضابط المُنشق أحمد الخطيب، فإن الانحياز الواضح للدولة الى جانب عناصر حزب الكتائب اللبنانية، دفعه مع بعض رفاقه إلى الانشقاق ورفض الأوامر بقتال قوات الحركة الوطنية التي كانت تضم شيوعيين وناصريين وقوميين سوريين وفصائل فلسطينية على رأسها حركة فتح والجبهة الشعبية بفرعيها (جورج حبش وأحمد جبريل).
يروي أبو عبدالله لـ “برس نت” قصة انشقاقه عن الجيش اللبناني قائلاً “كان ذلك في شهر آذار عام 1976، حين بدأ الكتائب وبدعم من الجيش بترتيبات لحماية منطقة الفنادق في بيروت، نظراً لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة لهم، ان من ناحية المراقبة او من ناحية القنص والقصف.
وكانت هذه الفنادق القريبة من عين المريسة بمثابة “المنطقة الخضراء” حسب التوصيف العراقي، كونها المنطقة التي تشكل مقصداً للمسؤولين والسياح والصحافيين الأجانب والدبلوماسيين، لذلك حرصت “الكتائب” المدعومة من الجيش على عدم سقوطها وفشلت في رهانها.
رفض أوامر الجيش
حين قرر الجيش خوض المعركة رفض أبو عبدالله وثلاثة عسكريين آخرين بينهم أحد الموالين للحزب القومي السوري الاجتماعي قرار المشاركة وفروا من منطقة النورماندي حيث كان يُفترض تمترسهم، لكن توتر الوضع وارتفاع نغمة الطائفية ورواج شعار القوى المسيحية بإخراج المسلمين والفلسطينيين من المنطقة، ألهب المشاعر الدينية والقومية لدى الكثير من العسكريين بينهم الضباط أحمد الخطيب وعزيز الأحدب ووليد سكرية، فانقسم الجيش وانقسمت البلاد الى منطقة شرقية وأخرى غربية وأصبح القناص هو صاحب الكلمة الفصل على خطوط التماس.
أبو عبدالله الذي استمر يقاتل على خطوط التماس من بيروت وصولاً الى الشياح ومار مخايل والحدث، يقول إن “الكتائب” استخدموا الجيش للحصول على مكاسب في المعارك وكانوا مسلحين بشكل جيد بما يؤكد استعدادهم للحرب قبل العام 1975، حيث كانوا يتدربون في الكيان الصهيوني. لذلك كانوا يطلقون على الجيش اللبناني آنذاك صفة “الجيش الفئوي”.
وكانت استعانة القوى الوطنية وعلى رأسها حركة الناصريين المستقلين (المرابطون)
بفصائل الثورة الفلسطينية أمر لا بد منه لإعادة التوازن بين القوى “فلولا
الفلسطينيين لما حققنا اي انجاز”، كما يعبّر الجندي المنشق.
ويضيف انه بعد تلك المعارك “انتقلنا للدفاع عن تل الزعتر لكن دخول سوريا على الخط وبداية رسم الخطوط الحمراء دولياً أجهض مشروعنا في الدفاع عن عروبة لبنان ومناصرة القضية الفلسطينية. فمن أجل العروبة عشقت البندقية وليس من أجل القتل أو لدوافع طائفية كما كان يعتقد مقاتلو الفريق الآخر”.
لا ينفي أبو عبدالله أن بعض من شارك في هذه الحرب كان هدفه السرقة، لكن في
الوقت نفسه “كان هناك شرفاء قلة ومعظمهم توفى”.
“لست نادماً”
هاني أبو ناصر كان مقاتلاً في “المرابطون”، شرح كيف تمت معركة الهوليدي إن وسيطر المقاتلون بمساعدة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وحركة فتح على منطقة الفنادق، فيما كان لا يزال أحد القناصة كتائبي مختبئاً في غرفة حمام في الطوابق العليا واستطاع اغتيال القائد الميداني في “المرابطون” عمر مكداشي، مشيراً الى أن القناص تم قذفه من أعلى الفندق ذي الثلاثين طابقاً.
أبو ناصر لا يعبّر عن أي ندم لمشاركته في الحرب لأنه كان يقاتل “دفاعاً عن عروبة لبنان وبناء دولة مدنية غير طائفية”. لكن المقاتل الذي يحزن على رفاق قُتلوا خلال الحرب من دون تحقيق طموحاتهم، ينتقد بعض ممارسات القوى التي نزلت الى الأسواق وشارع المصارف للسرقة فقط، مشيراً الى قيادات في القوى الوطنية والفلسطينية تبنت عمليات السرقات المنظمة.
“الهدف هو فلسطين”
الصحافي يونس عودة كان مقاتلاً في صفوف حركة فتح، وأصيب في بيروت خلال حرب الفنادق، يروي لـ “برس نت” أن دافعه للمشاركة في المعارك “حصول المجازر التي قتلت العشرات في الكرنتينا والدكوانة والمسلخ والاعتداءات التي طالت الأطفال والبنات”، مشيراً الى ان “الكتائب” هي من حول الحرب الى حرب عنصرية وطائفية ضد الفلسطينيين وضد المسلمين، لكن نحن كنا بمعظمنا قوى تقاتل دفاعاً عن عروبة لبنان والثورة الفلسطينية وكانت توجهاتنا يسارية وعلمانية على الأغلب. “لذلك كنا نسمي قوات الكتائب والأحرار بالقوى الفاشية والانعزالية”.
ويؤكد عودة اللبناني الذي التحق بفصيل فلسطيني خلال الحرب، أن هدفه كان ولا يزال “تحرير فلسطين من الصهاينة”، لافتاً الى أن الحرب اللبنانية أضعفت الثورة الفلسطينية وشتت فصائلها وأحدثت شرخاً بين اللبنانيين والفلسطينيين كان في غير مصلحة القضية المركزية.
وعن أحلام الحركة الوطنية التي أجهضها الدخول السوري العسكري الى لبنان يقول عودة “كان رأينا أن السوريين دخلوا لإنقاذ ما تبقى من القوى الإنعزالية، لكن رؤية الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد آنذاك، كانت ضرورة حماية الوجود المسيحي في لبنان وعدم تهجيرهم من المنطقة”.
ويضيف انه بعد تلك المعارك “انتقلنا للدفاع عن تل الزعتر لكن دخول سوريا على الخط وبداية رسم الخطوط الحمراء دولياً أجهض مشروعنا في الدفاع عن عروبة لبنان ومناصرة القضية الفلسطينية. فمن أجل العروبة عشقت البندقية وليس من أجل القتل أو لدوافع طائفية كما كان يعتقد مقاتلو الفريق الآخر”.
لا ينفي أبو عبدالله أن بعض من شارك في هذه الحرب كان هدفه السرقة، لكن في
الوقت نفسه “كان هناك شرفاء قلة ومعظمهم توفى”.
“لست نادماً”
هاني أبو ناصر كان مقاتلاً في “المرابطون”، شرح كيف تمت معركة الهوليدي إن وسيطر المقاتلون بمساعدة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وحركة فتح على منطقة الفنادق، فيما كان لا يزال أحد القناصة كتائبي مختبئاً في غرفة حمام في الطوابق العليا واستطاع اغتيال القائد الميداني في “المرابطون” عمر مكداشي، مشيراً الى أن القناص تم قذفه من أعلى الفندق ذي الثلاثين طابقاً.
أبو ناصر لا يعبّر عن أي ندم لمشاركته في الحرب لأنه كان يقاتل “دفاعاً عن عروبة لبنان وبناء دولة مدنية غير طائفية”. لكن المقاتل الذي يحزن على رفاق قُتلوا خلال الحرب من دون تحقيق طموحاتهم، ينتقد بعض ممارسات القوى التي نزلت الى الأسواق وشارع المصارف للسرقة فقط، مشيراً الى قيادات في القوى الوطنية والفلسطينية تبنت عمليات السرقات المنظمة.
“الهدف هو فلسطين”
الصحافي يونس عودة كان مقاتلاً في صفوف حركة فتح، وأصيب في بيروت خلال حرب الفنادق، يروي لـ “برس نت” أن دافعه للمشاركة في المعارك “حصول المجازر التي قتلت العشرات في الكرنتينا والدكوانة والمسلخ والاعتداءات التي طالت الأطفال والبنات”، مشيراً الى ان “الكتائب” هي من حول الحرب الى حرب عنصرية وطائفية ضد الفلسطينيين وضد المسلمين، لكن نحن كنا بمعظمنا قوى تقاتل دفاعاً عن عروبة لبنان والثورة الفلسطينية وكانت توجهاتنا يسارية وعلمانية على الأغلب. “لذلك كنا نسمي قوات الكتائب والأحرار بالقوى الفاشية والانعزالية”.
ويؤكد عودة اللبناني الذي التحق بفصيل فلسطيني خلال الحرب، أن هدفه كان ولا يزال “تحرير فلسطين من الصهاينة”، لافتاً الى أن الحرب اللبنانية أضعفت الثورة الفلسطينية وشتت فصائلها وأحدثت شرخاً بين اللبنانيين والفلسطينيين كان في غير مصلحة القضية المركزية.
وعن أحلام الحركة الوطنية التي أجهضها الدخول السوري العسكري الى لبنان يقول عودة “كان رأينا أن السوريين دخلوا لإنقاذ ما تبقى من القوى الإنعزالية، لكن رؤية الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد آنذاك، كانت ضرورة حماية الوجود المسيحي في لبنان وعدم تهجيرهم من المنطقة”.
انهيار الدولة
على الضفة الأخرى يتحدث المقاتل الكتائبي السابق جو إدة، الذي تولى خلال الحرب قيادة عمليات عسكرية في بيروت، فيقول إن نجاح القوى الوطنية والفلسطينية في تحقيق انجازات على الأرض “أثر سلباً على هيبة الدولة اللبنانية فكانت وكأنها خسرت قرارها السياسي، خاصة بعد تاريخ 8 آذار 1976 حيث قام جيش لبنان العربي بقيادة أحمد الخطيب باحتلال ثكنات للجيش في الجنوب والسرايا الكبير في بيروت، وفي 11 آذار حصل انقلاب عزيز الأحدب”.
وهكذا انتقل القرار من السلطة السياسية الى يد الأحزاب المسيحية في الشرقية والفصائل الفلسطينية وحلفائها في الغربية، فانهارت الدولة، حسب تعبير إدة.
ويشير إدة الذي الذي كان من رفاق بشير الجميل منذ بداية الحرب، إلى “اختلال موازين القوى عدداً وعدّةً، لمصلحة الطرف الآخر. فكان التجهيز العسكري للقوى الفلسطينية وحلفائها متفوقاً على المقاتلين الكتائبيين، كما أن خبرة الشباب في قتال الشوارع كانت في بدايتها. ومن الناحية العددية أصبح عدد أكبر من الغرباء المتطرفين يقاتلون في صفوف الفلسطينيين”.
لقد كانت الحرب نتيجة لهواجس طرفين كل طرف يعتقد أنه يدافع عن لبنان من وجهة نظره، بينما كان يدافع عن مجموعته الطائفية أو السياسية. واللافت أن هذه الهواجس لا تزال تسيطر على اللبنانيين وهذه المرة على مستوى مذهبي أكثر حدة، فهل نعيش ارهاصات حرب جديدة؟ هذا ما يخشاه معظم اللبنانيين اليوم.
على الضفة الأخرى يتحدث المقاتل الكتائبي السابق جو إدة، الذي تولى خلال الحرب قيادة عمليات عسكرية في بيروت، فيقول إن نجاح القوى الوطنية والفلسطينية في تحقيق انجازات على الأرض “أثر سلباً على هيبة الدولة اللبنانية فكانت وكأنها خسرت قرارها السياسي، خاصة بعد تاريخ 8 آذار 1976 حيث قام جيش لبنان العربي بقيادة أحمد الخطيب باحتلال ثكنات للجيش في الجنوب والسرايا الكبير في بيروت، وفي 11 آذار حصل انقلاب عزيز الأحدب”.
وهكذا انتقل القرار من السلطة السياسية الى يد الأحزاب المسيحية في الشرقية والفصائل الفلسطينية وحلفائها في الغربية، فانهارت الدولة، حسب تعبير إدة.
ويشير إدة الذي الذي كان من رفاق بشير الجميل منذ بداية الحرب، إلى “اختلال موازين القوى عدداً وعدّةً، لمصلحة الطرف الآخر. فكان التجهيز العسكري للقوى الفلسطينية وحلفائها متفوقاً على المقاتلين الكتائبيين، كما أن خبرة الشباب في قتال الشوارع كانت في بدايتها. ومن الناحية العددية أصبح عدد أكبر من الغرباء المتطرفين يقاتلون في صفوف الفلسطينيين”.
لقد كانت الحرب نتيجة لهواجس طرفين كل طرف يعتقد أنه يدافع عن لبنان من وجهة نظره، بينما كان يدافع عن مجموعته الطائفية أو السياسية. واللافت أن هذه الهواجس لا تزال تسيطر على اللبنانيين وهذه المرة على مستوى مذهبي أكثر حدة، فهل نعيش ارهاصات حرب جديدة؟ هذا ما يخشاه معظم اللبنانيين اليوم.
"برس نت" 2013/04/13
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق