بيروت - معمر عطوي
لم تكن ماريا أيخ التي تناولتها رواية «عشيقة بريشت» الحاصلة على جائزة كونكور الفرنسية، للروائي الفرنسي جاك- بيار أميت، المرأة الوحيدة في حياة الكاتب المسرحي والأديب الألماني المعروف برتولت بريشت (1898-1956)، بل حفلت حياته بالكثير من المغامرات النسائية التي تعددت مثل أعماله الغزيرة وأسفاره المتواصلة. لقد كان بريشت زير نساء بامتياز، لاسيما إنه كان أبا لثلاثة أولاد من ثلاث نساء مختلفات منذ كان في السادسة والعشرين من عمره. وهو الذي كان يعتقد أن الحب والجنس متلاحمان لا يمكن فصلهما عن بعضهما. ولعل هذه العلاقات تركت تأثيرات إيجابية على أعماله الأدبية. إذ كان عشقه للعديد من النساء حافزاً ليكتب قصيدته الغزلية الأولى وهو في سن مبكرة.تعّرف ابن أوسبورغ في الثامنة عشرة من عمره بـ «باولا بانهولزر» وبعد ثلاث سنوات رزق منها بولده فرانك، ومع ذلك لم يتزوج بريشت باولا. لكنه في العام 1922 تزوج من مغنية الأوبرا ماريان زوف ولم يدم هذا الزواج طويلا. وتعرف بريشت بالممثلة هيلين فيغل، أثناء العرض الأول لإحدى مسرحياته في برلين، وبعد أربع سنوات رزق منها بولد.في سنة 1929 بعد ما يقارب مرور الخمس سنوات على ولادة ابنه الأول ستيفان وقبل نصف سنة من ولادة ابنته بربارا، دخل بريشت مرحلة جديدة من حياته هي مرحلة دخول العش الزوجي، لكن لم يكن هناك إخلاص.لقد تزوج من صديقته القديمة هيلين ودام هذا الزواج طوال حياته رغم تعدد علاقاته النسائية ومعرفة هيلين بها. فقد اعتنت هيلين بأطفالها ورافقت زوجها «الزير» في هجرته إلى الولايات المتحدة، وساهمت معه في تأسيس «برلينر إنسامبل» أي الفرقة البرلينية 1954. وكان من ثمار هذا الزواج طفلته بربارة التي ولدت سنة 1930. وبذلك أصبح لديه 3 أطفال خلال سنوات قليلة.المرأة الأخرى في حياته، كانت إليزابيث هاوبتمان التي ترجمت بعض أعماله من الإنجليزية إلى الألمانية، هي أفضل صديقة لبريشت كمؤلفة ومترجمة وكصديقة حميمة فهمت أعماله جيدا. وكان لها القدرة على محاورته ومناقشته. والمفارقة أن هذه العلاقة كانت قائمة، في وقت استمرت فيه علاقته بماريان وهيلين. ورغم ابتعاد إليزابيث عنه لفترة بسبب زواجها، فإنها عادت إليه خلال السنوات الأخيرة في المنفى.ولم تتوقف علاقاته عند هذا الحد، فقد ارتبط بعلاقة حميمة أيضاً مع زميلته وصديقته مارغريتا شتيفن، التي رافقته وعائلته حتى موتها بسبب إصابتها بمرض عضال. كما أقام علاقة مع الممثلة روث برلاو، ثم مع ماريا روز أمان، التي تعرفت إليه في حصة اللغة الإنجليزية وكان يبتغي إقامة علاقة طويلة معها لكنها لم تدم. وهناك أسماء أخرى في حياته مثل ماريا أستن وكيبر وزابينة وغيرهن.في 28 فبراير 1933، بدأ بريشت هجرته نحو المنفى الاختياري بسبب الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في أوروبا في زمن الرايخ الثالث، فتنقل بين العديد من الدول وكان له العديد من العلاقات خلال هذه الأسفار التي مرَّ خلالها في العاصمة التشيكية براغ ثم العاصمة النمساوية فيينا وسويسرا والدنمارك، لينتهي به المطاف في فنلندا.وفي العام 1941، اختار بريشت الولايات المتحدة التي بقي فيها إلى ما بعد سقوط ألمانيا الهتلرية فعاد بعد تقسيم ألمانيا مباشرة سنة 1948 مختارا العيش في الشطر الشرقي من برلين، حيث تعرّف إلى عشيقته ماريا أيخ النمساوية التي كانت تتجسس عليه لمصلحة جهاز الاستخبارات (شتازي) والتي تحولت إلى بطلة الرواية الآنفة الذكر.لم يستمر هذا القلب الذي ظل يخفق بحب العديد من النساء طوال مرحلة تميزت بعطاء إبداعي زاخر، فأصيب في 14 أغسطس 1956 بذبحة أودت بالكاتب الكبير، الذي ترك تراثا عظيما قد يكون لنسائه دور كبير في إنجازه، ألا يجوز لنا القول إن وراء كل رجل عظيم نساء، رغم أن زوجته التي آزرته وصبرت على خياناته المتكررة كانت صاحبة الدور الأبرز في صناعة هذه العظمة.
13-3-2008 جريدة العرب-الدوحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق