معمر عطوي
أينما وليّت وجهك في لبنان تسمع سُباب وشتائم للشعب اللبناني؛ في سيارة الأجرة وحافلة النقل العمومي وعند أمين الصندوق في أي متجر أو مخبز، أو مطعم. حتى في المدارس والجامعات والم
نتديات على انواعها، ثمة من يخرج ليقول «الشعب اللبناني أخو شر…طة».
أينما وليّت وجهك في لبنان تسمع سُباب وشتائم للشعب اللبناني؛ في سيارة الأجرة وحافلة النقل العمومي وعند أمين الصندوق في أي متجر أو مخبز، أو مطعم. حتى في المدارس والجامعات والم
نتديات على انواعها، ثمة من يخرج ليقول «الشعب اللبناني أخو شر…طة».
الكلمة النابية التي نتحفظ على ذكرها بالكامل تعني العاهرة، وهي نوع من السباب الذي تتميز به المجتمعات الذكورية من القارة الأميركية مروراً بالقارة الأفريقية وصولاً الى آىسيا. سُباب يطال المرأة الأم والبنت والأخت وربما الجدة والحفيدة، للتشفي من الشخص الموجَّه إليه السُباب.
طبعاً، باستثناء بعض الدول القليلة في العالم وأهمها دول أوروبا الشمالية، اعتاد البشر أن ينالوا من المخلوق «الأضعف» أو «الأقل مرتبة» من الرجل، أي المرأة. هذه الشتيمة لها بعدان؛ البُعد الأول يعبّر عن الذهنية الذكورية التي تتعاطى مع الأنثى كآداة إمتاع ومخلوق «ناقص عقل ودين» يعمل على خدمة الأب والأخ والعم والجد والزوج وحتى الولد وصولاً الى رب العمل. والبُعد الثاني يتعلق بقضية الشرف التي تثير الرجل وخصوصاً الشرقي، الغيور على عرضه، حين يسمع بأن الشتيمة النابية تطال أخته أو زوجته أو والدته أو أي من محارمه وقريباته.
لذلك يستسهل اللبنانيون إطلاق شتيمة تنال من الأنثى لإثارة الشخص المُستهدف، بينما في بعض دول أوروبا خصوصاً الواقعة في الشمال تنحصر الشتيمة بالشخص المُستهدف من دون ذكر لأي من أفراد عائلته أو أصدقائه.
فتراهم يصفونه بالخنزير أو البراز أو الحقارة وما الى ذلك من ألفاظ لا توسّع من مروحة المعركة ليشمل أي أحد آخر. وفي ذلك تطبيق دقيق للآية القرآنية «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، فلا يتم تحميل المسؤولية لأي أحد سوى للفاعل أو المخطيء أو صاحب القضية. وهذا هو أساس الأخلاق إذا أردنا المحاكمة بموضوعية.
في لبنان تسمع الشتائم الموجهة الى الأخت أو الى الأم بأبشع صورها مع ذكر العضو الانثوي بصراحة في الشتيمة، وغالباً ما تسمع اي لبناني يقول «الشعب اللبناني اخو شر..» أي أخ عاهرة. وبالتالي يصبح نحو مليويني مواطن ذكر، إما أخ أو أب أو ابن لعاهرة، وتصبح كافة نساء لبنان عاهرات. هذا الى جانب أنواع أخرى من السُباب أكثر إباحية وصفاقة حين يهدد الشخص الأخر بأنه سيغتصب أمه أو أخته وما الى ذلك.
المفارقة المُضحكة التي يتميز بها هذا الشعب المُحب للحياة والطليق اللسان الى حد البذاءة، هو أنه حين يتناقش اثنان في السياسة يطلقان شتيمة على الدولة «ك..س اخت الدولة» وهذه الأكثر شيوعاً اليوم، بينما تكاد تُجمع الغالبية على سب الشعب وتحميله المسؤولية بما يوافق القول «كما تكونوا يولىّ عليكم»، لكن هذه المرة بعبارة نابية يقولها الجميع «اخت الشعب اللبناني» أو «الشعب اللبناني أخو شر..طة»، وبالتالي يصبح السامع متفاجئاً؛ اذا كان كل لبناني يسبّ مواطنيه ويحمّلههم المسؤولية عن كل مشاكل البلد الاقتصادية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية فمن هو النظيف يا ترى؟ بالفعل «إخت هالشعب»!
"برس نت" في 1 تموز 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق