28/12/2012
19/12/2012
18/12/2012
كل عام وأنتم بخير
معمر عطوي
لست ممن يتماهون كثيراً مع الأعياد الدينية، مع أني قد أكون مُجبراً على عيش بعض أجوائها بحكم الجو العائلي أو المناطقي. بيد أن الوجه الآخر من هذه الأعياد قد يكون إيجابياً بحيث يصبح عيش هذه الظاهرة العابقة بالفرح واجباً اجتماعياً وعائلياً، وما أكثر الواجبات في مجتمعنا الشرقي.
لست ممن يتماهون كثيراً مع الأعياد الدينية، مع أني قد أكون مُجبراً على عيش بعض أجوائها بحكم الجو العائلي أو المناطقي. بيد أن الوجه الآخر من هذه الأعياد قد يكون إيجابياً بحيث يصبح عيش هذه الظاهرة العابقة بالفرح واجباً اجتماعياً وعائلياً، وما أكثر الواجبات في مجتمعنا الشرقي.
17/12/2012
القابضون على الجمر
معمر عطوي
لا أحد من المسؤولين في الوطن العربي يلتفت إلى تلك الشريحة المنفية في وطنها، المُهمّشة، التي لا صوت لها في ظل تعالي أصوات اليمين واليسار والوسط، والجلبة الصاخبة التي تقض مضاجع الشوارع العربية بمشاحنات سياسية تصب في خدمة هذا الطرف او تلك الآيديولوجيا أو في مصلحة فلتان وعلتان.
لا أحد من المسؤولين في الوطن العربي يلتفت إلى تلك الشريحة المنفية في وطنها، المُهمّشة، التي لا صوت لها في ظل تعالي أصوات اليمين واليسار والوسط، والجلبة الصاخبة التي تقض مضاجع الشوارع العربية بمشاحنات سياسية تصب في خدمة هذا الطرف او تلك الآيديولوجيا أو في مصلحة فلتان وعلتان.
17/11/2012
فوائد الهجوم على غزة
معمر عطوي
بعيداً عن كل المآسي التي لحقت بأهل قطاع غزة وفلسطين نتيجة العدوان
الصهيوني الغادر، لا يمكن إغفال ايجابيات حصلت على صعيد تقويم الأوضاع المحلية
والإقليمية والدولية، تصب في مصلحة وضع الأمور في نصابها.
إجازة من عهر السياسة
معمر عطوي
جميل أن يرتاح المرء ولو لإسبوعين فقط من عناء متابعة مهاترات سياسيي لبنان والعالم العربي في محطات التلفزة والإذاعات والصحف وصفحات الانترنت على اختلافها.
جميل أن يرتاح المرء ولو لإسبوعين فقط من عناء متابعة مهاترات سياسيي لبنان والعالم العربي في محطات التلفزة والإذاعات والصحف وصفحات الانترنت على اختلافها.
12/11/2012
شهداء... ولكن!!
معمر عطوي
من السهل إطلاق الألقاب المقدسة على أعمالنا، ووصفها بالطهرانية المُتسامية، والأسهل من ذلك أن نجد مسوّغات لجرائمنا وأفعالنا المشينة فنجعلها واجبات أو تكاليف شرعية، فإذا ما مات أحد منا دون تحقيق هذه الأفعال وصفناه شهيداً ووضعنا اسمه على لائحة «أنبل بني البشر» الذين «هم أحياءٌ عند ربهم يُرزقون».
من السهل إطلاق الألقاب المقدسة على أعمالنا، ووصفها بالطهرانية المُتسامية، والأسهل من ذلك أن نجد مسوّغات لجرائمنا وأفعالنا المشينة فنجعلها واجبات أو تكاليف شرعية، فإذا ما مات أحد منا دون تحقيق هذه الأفعال وصفناه شهيداً ووضعنا اسمه على لائحة «أنبل بني البشر» الذين «هم أحياءٌ عند ربهم يُرزقون».
5/11/2012
السياسة تقتل الثقافة فينا
معمر عطوي
بؤس بكل معنى الكلمة نعيشه هذه الأيام، حيث تقوم السياسة بغزو عقولنا وقلوبنا وتسلبنا حتى لحظاتنا الحميمية من غرف نومنا، لصالح شغف في غير محله، أو هوس مُدمّر قاتل للإنسان في دواخلنا لمصلحة المجرم القذر الذي يجلس على عرش الحكم ويتحكم بالشارع لمصلحة بقائه واستمراره في ممارسة الاستبداد.
23/10/2012
7 ايار
معمر عطوي
يفهم المراقب أن تاريخ 7 أيار عام 2008 كان تاريخ شؤم بالنسبة للعديد من اللبنانيين، ولم يكن مجيداً كما وصفه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، إلاّ بنظر من اعتبر عملية اقتحام بيروت عسكرياً، بأنها كانت ضرورة من أجل حفظ شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة الإسلامية.
يفهم المراقب أن تاريخ 7 أيار عام 2008 كان تاريخ شؤم بالنسبة للعديد من اللبنانيين، ولم يكن مجيداً كما وصفه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، إلاّ بنظر من اعتبر عملية اقتحام بيروت عسكرياً، بأنها كانت ضرورة من أجل حفظ شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة الإسلامية.
7/10/2012
قطبا الحرب الباردة في لبنان
عطوي
هنيئاً للشعب اللبناني البطل دخوله عالم القطبية الدولية، فقد أضحى طرفا
النزاع على الأرض اللبنانية قطبين اقليميين بامتياز يديران حرباً باردة بينهما بدم
شعب آخر وبوقود يجعلهما يظنان انهما خارجان من اللعبة بأقل الخسائر المُمكنة.
4/10/2012
مسؤوليات «مقدّسة»
معمر عطوي
كثيراً ما نسمع بكلمة مسؤولية، وأكثر من ذلك نتغنىّ بالقيام بتنفيذها
على أكمل وجه حين ننجح في حملها، بينما نهرب منها حين نجد أن عبأها أكبر من طاقاتنا
على الاحتمال. وفي اي حال، المسؤوليات ليست مقتصرة على موضوع معين أو قضية واحدة،
بل هناك لكل فرد منا مسؤوليات عديدة قد ينجح في بعضها وقد يفشل في بعضها الآخر وقد
يسيطر على الوضع في جوانب معينة من دون أن يتمّ تنفيذ المطلوب منه تماماً.
3/10/2012
حكومة أم أشلاء حكم في لبنان
معمر عطوي
ما الذي يميز الحكومة اللبنانية الحالية عن سابقاتها سوى العنتريات التي يخرج بها علينا الوزراء وكأنهم “من شال الزير من البير” مدعين الشطارة وخدمة المواطن وتحقيق المُنجزات، بينما في الواقع تسير الأمور نحو آخر المُنحدر اقتصادياً وتربوياً وسياسياً وأخلاقياً.
ما الذي يميز الحكومة اللبنانية الحالية عن سابقاتها سوى العنتريات التي يخرج بها علينا الوزراء وكأنهم “من شال الزير من البير” مدعين الشطارة وخدمة المواطن وتحقيق المُنجزات، بينما في الواقع تسير الأمور نحو آخر المُنحدر اقتصادياً وتربوياً وسياسياً وأخلاقياً.
14/9/2012
أولادنا بلا أدب
معمر عطوي
يستغرق اللبنانيون جلّ وقتهم في الحديث عن السياسة والدين ويزايدون على
بعضهم في التحليل السياسي الذي يصب في أكثر الأحيان في مصلحة النزعة المذهبية
الضيقة أو الحزبية المُتحجّرة، لكن جلّهم للأسف لا يهتم بتربية أولاده وتعليمهم
آداب السلوك والتصرف الذي يجعل منهم جيلاً متحضّراً.
13/9/2012
“جمّول” في عيدها الثلاثين: لا للطائفيّة
معمر عطوي
في السادس عشر من أيلول عام 1982، وحين كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي
تغزو ثاني عاصمة عربية بعد القدس، انطلقت من بيروت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية
(جمول)، التي تميزت بشباب وضع نصب عينيه مقارعة أقوى كيان عسكري في المنطقة من أجل
تحرير الأرض والإنسان.
27/8/2012
جبل محسن ــ باب التبانة: خطوط التماس المجبولة بعرق الفقراء
البعض
يعتبر طرابلس بوصلة الأحداث في لبنان
وسوريا. الهدوء
في أحيائها يعني هدنة على الجبهات الكبيرة.
وسكان
طرابلس تعودوا على استغلال كل فرصة هادئة
ليعيشوا "حياة
طبيعية"
22/8/2012
اللاجئون السوريون في لبنان بين المخيمات والفنادق
لم يقتصر النزوح السوري إلى لبنان على الأماكن الجماعية أو ما يشبه المخيمات، بل تجاوز ذلك إلى أشكال أخرى من النزوح تتفاوت بحسب الوضع المادي للنازح أوعلاقات الصداقة والقربى والمصاهرة والنسب الممتدة تاريخياً بين البلدين
15/8/2012
رمضان في لبنان: إفطارات عابرة للطوائف
للإفطار الرمضاني في لبنان طعم آخر: موائد عابرة للطوائف، فغالباً ما تجد على المائدة أشخاصاً من طوائف متعددة. إفطارات يتم تنظيمها إما بدعوة من حزب سياسي أو جمعية خيرية، أو بتنظيم محدود على صعيد طلاب و طالبات أو زملاء عمل.
25/7/2012
"سوريون بلا أسماء" يبحثون عن ملجأ في لبنان
تختفي أسماؤهم خوفا من الانتقام إذ يلاحقهم هاجس الأمن إلى ما وراء الحدود. لكن حين لا يكون هناك تصوير يتحدثون طويلا عن رحلة مشقّة وألم إلى لبنان، حيث أصوات قذائف النظام تصل إلى ملجئهم القسري القريب من نقطة المصنع الحدودية.
21/7/2012
الشعب "لا ينأى بنفسه" ـ الأزمة السورية بعيون لبنانية
تركت
الأزمة السوريّة بصمات واضحة على الوضع
اللبناني، فبينما يتفاعل لبنان الشعبي
مع ما يحدث على أرض "الشقيقة"
بقوة،
لا يزال لبنان الرسمي يُكرّر سياسة النأي
بالنفس، رغم تجاوز عدد اللاجئين السوريين
إليه الثلاثين ألف شخص.
12/4/2012
الطائفية المقدّسة
- 2012/04/12
باستثناء الحزب الشيوعي اللبناني والحزب القومي السوري الاجتماعي، لا
يمكن لأي حزب لبناني من الأحزاب الفاعلة أن يدّعي أنه حزب غير طائفي، بل من غير
المنطقي أن يتحدث هؤلاء عن مواطنية صحيحة، بينما يغرقون في انتماءاتهم العقائدية
الدينية حتى آذانهم.
المشكلة لا تنحصر بهذا الادّعاء الكاذب لكل حزب من الأحزاب الطائفية
بأنه حريص على بناء الدولة المدنية العصرية، بقدر ما تكمن خطورتها في تداعيات أي
مشكلة أو قضية تتحول الى موضوع انقسام بين الأحزاب، حيث تصبح المشكلة طائفية
بامتياز متجاوزة لما هو سياسي أو حزبي او حتى اجتماعي اقتصادي معيشي.
لعل القضية الأكثر حساسية اليوم هي قضية كتاب التاريخ وما يثيره من
انقسامات عميقة مع تحوّل بعض «الزعامات» السياسية الطائفية الى “مقدّسات لا يجوز
المس بها”.
فكيف يمكن للشعب اللبناني أن يقرأ تاريخه على نحو مغاير للأخلاق
الوطنية، ويقبل بأن يكون أحد الخونة الكبار من عملاء العدو الاسرائيلي في لبنان،
رمزاً من رموز البلد؟ فقط لأنه مدعوم من ابناء طائفته ومن كهنوت يفسّر الخيانة وفق
مصالحه السياسية والديموغرافية. تسويغ غريب غير منطقي ولا أخلاقي.
إذن المشكلة الطائفية تعرقل أبسط الأمور المتعلقة ببناء الدولة، وهي عمل
القضاء من أجل اجتثاث أقذر جريمة عرفها التاريخ وهي الخيانة للوطن وتجاهل الدم الذي
أُريق أو الخسائر التي حلّت بالبلد نتيجة هذه العمالة للعدو.
إذن تبرير الخيانة بمعايير طائفية هو أحد جوانب المشكلة، أمّا الجانب
الآخر من المشكلة فيكمن في هوية المقاومة التي أخذت على عاتقها تحرير الأرض ودحر
العدو عن الجزء الأكبر من لبنان.
فلو كانت هذه المقاومة وطنية حقيقية غير منتمية الى فكر مذهبي أحادي،
لكانت بعد تحرير القسم الأكبر من جنوب لبنان استطاعت اقامة محاكمات ميدانية لكل
الخونة ومن كل الطوائف من دون أن يهتز لها جفن.
لكن هذه الهوية “المقدّسة” هي التي أعاقت اتمام عملية التحرير بشكل
كامل. لأن التحرير لا يمكن إنهاء فصوله مع بقاء الخونة من دون حساب أو بمحاكمات
تافهة لا قيمة لها على مستوى ردع هذه الجريمة في المستقبل.
القضية نفسها يمكن قياسها على الموضوع السوري وما أحدثه من انشقاقات في
لبنان، فوقوف حزب الله الى جانب سوريا في وقت يتقدّم فيه أكبر تنظيم اسلامي عالمي
(الإخوان المسلمون) لاستلام السلطة في أكثر من بلد عربي، هو غباء سياسي بامتياز،
حتى ولو كان مسوّغ الموقف هو دعم سوريا الطويل للمقاومة وما تجود به حناجر جهابذة
عملاء الاستخبارات السورية في لبنان على شاشات التلفزة حول الموقع الاستراتيجي لهذه
الدولة “الممانعة” وصد المؤامرة.
فمن ناحية لا يجوز لحزب يدّعي الطهرانية الأخلاقية أن يقف مع المجرم ضد
شعبه، فيما هو يحتفل كل عام بثورة الإمام الحسين على يزيد بن معاوية الظالم والشبيه
الى حد كبير ببشار الأسد وبغيره من الحكام العرب.
ومن ناحية ثانية لن يكون موقف الحزب، في ظل هذه الاصطفافات المذهبية
وانخراط الجزء الأكبر من الأحزاب المحسوبة على الطائفة المسلمة السنية في صفوف
الثورات العربية، موقفاً ذكياً خصوصاً أنه يغذّي الهواجس حول ما كان حتى يوم الأمس
مجرد «مؤامرة»، وهو ما صرّح به الملك الأردني عبدالله الثاني منذ سنوات عن هلال
شيعي من ايران الى لبنان مروراً بالعراق وسوريا.
لا أظن أن من مصلحة حزب الله معاداة شريحة واسعة من التيارات السياسية
والدينية التي كان بالأمس يتغنى بالتعاون معها تحت شعار الوحدة الإسلامية، فيما
يبدو أن المستقبل لهذه الأحزاب. وبالتالي هذه الأحزاب التي وصلت الى السلطة في مصر
وتونس، والى حد ما في المغرب، ليست علمانية ولا وطنية انما هي مذهبية بامتياز، وهي
لا تنظر الى النظام السوري إلاّ من منطلق كونه نظاماً علوياً «حاقداً على اهل
السنة» حتى لو كان كل أهالي دمشق وحلب من أهل السنة الى جانبه. هذا العامل أيضاً
يغذّي حرباً مستقبلية بين السنة والشيعة، إذا لم يع الجانبان خطورة مواقفهما
المستندة الى أدبيات حرب الجمل وموقعة كربلاء، بدلاً من فهم واقع الأطماع والمصالح
ولعبة السلطة.
إذن، الهوية الطائفية لأي جهة من الجهات، هي هوية قاتلة– على حد وصف
الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف- ومن لا يع تأثير هويته الطائفية على طبيعة
مواقفه السياسية، فالأفضل ألاّ يعمل في السياسة ويبقى أسير المحراب وحلقات الذكر
وجلسات المساجد، لأن ذلك أسلم له ولغيره.
أما الحديث عن بناء دولة مدنية عصرية في ظل أحزاب معظمها طائفي، (حتى
العلماني منها التحف غطاء الطائفيين)، فهو من أكثر الأمور خيالاً، ومن أصعبها
تحققاً، ولن يكون هذا التمسك بعمائم رجال الدين وهذه العنجهية المذهبية سوى هويات
قاتلة لطوائف تدّعي لنفسها القداسة، فيما هي من أكثر الظواهر تخلفاً وبعداً عن قيم
الأخلاق والدولة المدنية.
11/4/2012
"دموع غزة" تنهمر في بيروت
- 2012/04/11
معمر عطوي
جميل أن توثق الأحداث وتصورها في شريط واقعي ينقل التفاصيل، حتى المملة منها، لكن أن تنقل تفاصيل كارثة حلّت بمجموعة من البشر إلى الجمهور في شريط تسجيلي، فإن جهدك كمخرج ومصوّر سيتضاعف، وتقديرك لن يكون كافياً بمجرد جائزة يمنحها أحد مهرجانات السينما المعروفة.
هذا ما يمكنك قوله حين تشاهد فيلم «دموع غزة» للمخرجة النروجية، فيبيكا لوكيبرغ، الذي عُرض الأسبوع الماضي في صالة مسرح المدينة في بيروت، ضمن نشاطات «الأسبوع الثقافي اللبناني النروجي» الذي نظمتة جمعية “نحن” بالتعاون مع السفارة النروجية في لبنان ومؤسسة «نورلا» النروجية.
هذا الشريط الذي أنتجه النروجي تيريا كريستيانسن، يشكل وثيقة أساسية لإدانة الإجرام الصهيوني بحق الفلسطينيين العُزّل، حيث ينقل سيرة قطاع غزة منذ ما قبل الحرب التي شنتها عليه إسرائيل في نهاية العام 2008، والحصار المفروض عليه منذ سنوات طويلة.
يبدأ الشريط بنقل آراء مجموعة من الفتيان الذكور والإناث، يتحدثون حول طموحاتهم التي تشبه واقعهم، هواجسهم وحاجاتهم. يطلّ بنا على واقع الحياة اليومية في غزة وعلاقتها بالبحر، المتنفس الوحيد للسكان والذي لم يسلم من عمليات التضييق والتنغيص.
بحر غزة تجوبه بوارج حربية تابعة لقوات الاحتلال تمنع الصيادين من الإبحار لمسافات ليست بعيدة في الواقع، وتهدّد كل من يخرق قواعدهم الجائرة بوابل من رشقات سلاح رشاش يبعث الرعب في قلوب الأطفال ويجعل مهمة تحصيل الرغيف مجبولة بالدم.
أما أحلام الأطفال فهي نابعة من صلب المعاناة، حيث يكون طموح أحدهم دراسة الطب «لمداواة جرحى الاعتداءات الاسرائيلية»، بينما تعبّر رفيقته التي لا يتجاوز عمرها العشر سنوات عن رغبتها بأن تصبح محامية لتدافع عن قضية فلسطين.
تنتهي الحوارات عن الطموحات وصور الحياة اليومية للانسان الغزّي فجأة حين تستلم القنابل «الغبية» محور الحديث فتسيطر النار والدخان والأشلاء والدماء على المشهد راسمة لوحة تراجيدية واقعية، لا هي من بنات أفكار كاتب سيناريو، ولا هي ايعازات من منتج أو شطحات خيالية من مخرج.
تلك هي حرب غزة التي وقف العالم مشدوهاً أمام هولها ومصائبها لمدة 22 يوماً، كانت كفيلة بتحقيق انجاز كبير في عالم الإجرام، من حيث عدد القتلى والجرحى الأطفال، لكنها فشلت في اخضاع المقاومة الفلسطينية لشروط العدو.
200 ساعة، هي مدة هذه الوثيقة المصوّرة التي تجاهلتها جامعة الدول العربية، حسبما أكدت المخرجة والمنتج في حوارهما مع الجمهور في صالة المسرح، لكنهما أكدّا أن هذا الشريط المشحون بعواطف إنسانية وبصور مؤذية أحياناً لفظاعتها ودمويتها هو موجّه الى الرأي العام الغربي، «الذي تغيّب عنه مشاهد معاناة الفلسطينيين» حسب قول كريستيانسن.
المنتج النروجي سخر من «حرية التعبير التي يتباهى بها الغرب بالدفاع عنها في ظل واقع تعمل فيه أجهزة الرقابة على منع إطلاعه على مأساة شعب».
أما المخرجة، فتطرقت إلى مسألة هامة تتعلق بأخلاقية عرض مشاهد الأشلاء والدماء والأجساد المثقوبة بالشظايا والقذائف، كما أظهرها الفيلم لحظة بلحظة، فاعتبرت لوكيبرغ أن «منع هذه المشاهد عن المشاهدين الغربيين لا يهدف إلى حمايتهم من الأذى النفسي الذي من الممكن أن تسببه لهم بل هي سياسة ينتهجها الغرب لحماية نفسه».
لقد نجح الفيلم النروجي بتقديم شريط توثيقي نقل حرب غزة يوماً بيوم، الى الجمهور العالمي، ونجحت المخرجة في أنسنة شريطها، فلم نر فيه أي شعار سياسي أو حزبي حتى لم يظهر في الشريط أي مقاتل لا من حركة حماس ولا من بقية الفصائل الفلسطينية، فكان جلّ تركيزها على الانسان في غزة بحياته اليومية ومعاناته مع الاحتلال والحصار وطموحاته وهواجسه، ثم انتقل الزمن بالفيلم الى مشهدية الحرب القاسية فكانت الضحية تصرخ بأشد الألم الذي جعل «دموع غزة» تنهمر في بيروت، لا في مسرح المدينة فقط كما ارتأى القيمون على مهرجان “الأسبوع الثقافي اللبناني النروجي”، حسبما كان عنوان ملخصّهم عن الفيلم.
ربما حفل الأسبوع الثقافي المذكور بالعديد من النشاطات الفنية والموسيقية والشعرية والأدبية والحوارات الفكرية التي جسدتها شخصيات من حضارتين مختلفتين، لكن فيلم «دموع غزة» كان الأكثر حضوراً بالمعنى الانساني والأخلاقي، بل شكّل المنعطف الرئيس في سياق ما يمكن أن نصفه بنظرة الآخر للأنا.
"أخبار بووم"
10/4/2012
غونترغراس و"ما ينبغي قوله"
- معمر عطوي
ليست المرة الأولى التي تثير فيها تصريحات الكاتب الألماني غونتر
غراس (84 عاماً)، ردود فعل واسعة من دوائر الصهيونية العالمية ومن يدور في فلكها
ويتبع مصالحها. فتهمة ”معاداة السامية” جاهزة لكل من ينتقد سياسة اسرائيل
ومسؤوليها، حتى طالت العديد من الكتاب والمفكرين ونجوم سينما وفنانين كان لهم رأيهم
الصريح في هذه السياسة القمعية الاستيطانية.
فحامل جائزة نوبل للآداب الاشتراكي اليساري الألماني بقي وفياً لمبادئ حزبه، «الاشتراكي الديموقراطي»، فيما انخرط سياسيون من الحزب نفسه في لعبة «عقدة الذنب» وانضموا الى مسايرة الصهاينة في اطار موجة البكائين على ضحايا الهولوكوست وفق تلك المعزوفة التي أصبح معظم الأوروبيين يملّون تكرارها.
في المرة السابقة منذ نحو ست سنوات خرج صاحب ”الطبل الصفيح” ليعترف في مذكراته بأنه خدم في عداد شبيبة هتلر المسلّحة ”إس إس” خلال الحرب العالمية الثانية وأُسر على أيدي الأميركيين. كان هذا الاعتراف الذي لا يشير الا الى واقع فرضته النازية على أبناء الشعب الألماني قسراً، بمثابة ذريعة لهجوم واسع ومنظّم من دوائر الصهيونية العالمية على الأديب اليساري الذي كان دائماً نصيراً للمظلومين ومنتقداً للظلم حتى لو أتى من كيان يحمّل بلده الأم عقدة ذنب أبدية عن ممارسات النازية بحق اليهود.
لقد طفح كيل غونتر غراس أخيراً ليتفجّر قصيدة نثرية قال فيها «ما ينبغي قوله».
لهذا كان من المفيد ترجمة هذه القصيدة السياسية بامتياز، والتي دافع فيها صاحب “الرقصات الأخيرة” عن برنامج نووي سلمي لإيران وانتقد بحدة ”نفاق الغرب” في المسألة الاسرائيلية. لهذا انقل هذه القصيدة الى العربية عن صحيفة ”زود دويتشه” الألمانية، حيث نشرت في الرابع من نيسان الحالي بالتزامن مع صحف أخرى مثل "ريبوبليكا" الايطالية و"البايس" الإسبانية.
ما ينبغي قوله
لماذا أصمت؟، أخفي طويلاً ما هو جليّ ومُحاكى
هل أصمت الى حين نكون نحن الناجين،
في أحسن الأحوال، مجرد حواشي؟
حتماً ستدمّر الضربة الأولى المزعومة، التي يثرثرون حولها،
الشعب الإيراني،
لمجرد اشتباه أصحاب النفوذ ببناء قنبلة ذريّة.
ولماذا أحظر على نفسي،
تسمية بلد آخر يملك قدرات نووية متنامية ومتاحة منذ سنوات..
لكنها خارج السيطرة، والتفتيش محظور؟
هذا الصمت المعمّم على هذه الوقائع، والذي يُخضعني للسكوت،
أشعر بأنه كذبة ثقيلة وإكراه،
ومن يخرق هذا الصمت، العقوبة جاهزة:
مألوف هي تهمة ”معاداة السامية”.
لكن اليوم، لأن من بلدي،
وهو المُلاحق مرة إثر أخرى
بجرائم فطرية،
من جديد ومن أجل أهداف تجارية بحتة
يناقشون بشفاه رشيقة التعويض.
ينبغي أن تُسلمّ غواصة أخرى إلى إسرائيل،
مع ميزة خاصة بإمكانية حملها رؤوساً مدمّرة،
إلى هناك، حيث لا دليل على وجود
قنبلة نووية واحدة
لكن الخوف يحتل مكان قوة الدليل،
لكن لماذا سكتت حتى هذا الوقت؟،
لأني فكرّت، بأن خلفيتي، التي أُبتليت بلطخة العار،
حظرت هذه الواقعة كحقيقة واضحة،
إسرائيل التي أتضامن معها وأريد أن أبقى كذلك.
لماذا أقول الآن، وقد بلغت من العمر عتياً وبما تبقى من حبر قلمي،
بأن القوة النووية الإسرائيلية تهّدد السلام الهش في العالم؟
لأن ما ينبغي قوله الآن قد يصبح متأخراً غداً.
أيضاً لأننا نحن الألمان تحملنا بما فيه الكفاية
يمكن أن نصبح مورّدين لجريمة يمكن توقعها،
ولهذا قد لا يمكن التكفير
عن اشتراكنا في الذنب ساعتها
بكل الأعذار المعتادة.
وأضيف: لن أصمت بعد الآن،
لأني سئمت من نفاق الغرب مثلما لدي الأمل
بأن يتحرر الكثيرون من صمتهم
ويطالبوا المتسبب في الخطر المحدق
بنبذ العنف.
ينبغي على حكومتي اسرائيل وايران السماح لعمليات مراقبة دائمة وبلا عراقيل
للترسانة النووية الاسرائيلية والمنشآت النووية الإيرانية
بهذه الطريقة فقط
على الإسرائيليين والفلسطينيين
وعلى كل من يعيشون
مكدسين في مناطق متجاورة حياة عدائية
أن يساعدونا في النهاية.
SüddeutscheZeitung 4-4-2012
فحامل جائزة نوبل للآداب الاشتراكي اليساري الألماني بقي وفياً لمبادئ حزبه، «الاشتراكي الديموقراطي»، فيما انخرط سياسيون من الحزب نفسه في لعبة «عقدة الذنب» وانضموا الى مسايرة الصهاينة في اطار موجة البكائين على ضحايا الهولوكوست وفق تلك المعزوفة التي أصبح معظم الأوروبيين يملّون تكرارها.
في المرة السابقة منذ نحو ست سنوات خرج صاحب ”الطبل الصفيح” ليعترف في مذكراته بأنه خدم في عداد شبيبة هتلر المسلّحة ”إس إس” خلال الحرب العالمية الثانية وأُسر على أيدي الأميركيين. كان هذا الاعتراف الذي لا يشير الا الى واقع فرضته النازية على أبناء الشعب الألماني قسراً، بمثابة ذريعة لهجوم واسع ومنظّم من دوائر الصهيونية العالمية على الأديب اليساري الذي كان دائماً نصيراً للمظلومين ومنتقداً للظلم حتى لو أتى من كيان يحمّل بلده الأم عقدة ذنب أبدية عن ممارسات النازية بحق اليهود.
لقد طفح كيل غونتر غراس أخيراً ليتفجّر قصيدة نثرية قال فيها «ما ينبغي قوله».
لهذا كان من المفيد ترجمة هذه القصيدة السياسية بامتياز، والتي دافع فيها صاحب “الرقصات الأخيرة” عن برنامج نووي سلمي لإيران وانتقد بحدة ”نفاق الغرب” في المسألة الاسرائيلية. لهذا انقل هذه القصيدة الى العربية عن صحيفة ”زود دويتشه” الألمانية، حيث نشرت في الرابع من نيسان الحالي بالتزامن مع صحف أخرى مثل "ريبوبليكا" الايطالية و"البايس" الإسبانية.
ما ينبغي قوله
لماذا أصمت؟، أخفي طويلاً ما هو جليّ ومُحاكى
هل أصمت الى حين نكون نحن الناجين،
في أحسن الأحوال، مجرد حواشي؟
حتماً ستدمّر الضربة الأولى المزعومة، التي يثرثرون حولها،
الشعب الإيراني،
لمجرد اشتباه أصحاب النفوذ ببناء قنبلة ذريّة.
ولماذا أحظر على نفسي،
تسمية بلد آخر يملك قدرات نووية متنامية ومتاحة منذ سنوات..
لكنها خارج السيطرة، والتفتيش محظور؟
هذا الصمت المعمّم على هذه الوقائع، والذي يُخضعني للسكوت،
أشعر بأنه كذبة ثقيلة وإكراه،
ومن يخرق هذا الصمت، العقوبة جاهزة:
مألوف هي تهمة ”معاداة السامية”.
لكن اليوم، لأن من بلدي،
وهو المُلاحق مرة إثر أخرى
بجرائم فطرية،
من جديد ومن أجل أهداف تجارية بحتة
يناقشون بشفاه رشيقة التعويض.
ينبغي أن تُسلمّ غواصة أخرى إلى إسرائيل،
مع ميزة خاصة بإمكانية حملها رؤوساً مدمّرة،
إلى هناك، حيث لا دليل على وجود
قنبلة نووية واحدة
لكن الخوف يحتل مكان قوة الدليل،
لكن لماذا سكتت حتى هذا الوقت؟،
لأني فكرّت، بأن خلفيتي، التي أُبتليت بلطخة العار،
حظرت هذه الواقعة كحقيقة واضحة،
إسرائيل التي أتضامن معها وأريد أن أبقى كذلك.
لماذا أقول الآن، وقد بلغت من العمر عتياً وبما تبقى من حبر قلمي،
بأن القوة النووية الإسرائيلية تهّدد السلام الهش في العالم؟
لأن ما ينبغي قوله الآن قد يصبح متأخراً غداً.
أيضاً لأننا نحن الألمان تحملنا بما فيه الكفاية
يمكن أن نصبح مورّدين لجريمة يمكن توقعها،
ولهذا قد لا يمكن التكفير
عن اشتراكنا في الذنب ساعتها
بكل الأعذار المعتادة.
وأضيف: لن أصمت بعد الآن،
لأني سئمت من نفاق الغرب مثلما لدي الأمل
بأن يتحرر الكثيرون من صمتهم
ويطالبوا المتسبب في الخطر المحدق
بنبذ العنف.
ينبغي على حكومتي اسرائيل وايران السماح لعمليات مراقبة دائمة وبلا عراقيل
للترسانة النووية الاسرائيلية والمنشآت النووية الإيرانية
بهذه الطريقة فقط
على الإسرائيليين والفلسطينيين
وعلى كل من يعيشون
مكدسين في مناطق متجاورة حياة عدائية
أن يساعدونا في النهاية.
SüddeutscheZeitung 4-4-2012
2/4/2012
المرأة أنثى أم إنسيّة؟
معمر عطوي
يزايد المؤمنون، وخصوصاً المسلمون منهم، على من يسمونهم بالعلمانيين أو الملحدين بأنهم أحرص الناس على حفظ أنوثة المرأة وتقديمها إلى المجتمع كإنسانة لا كأنثى، مثلما يفعل الإعلام بجعل جسدها آداة لترويج البضائع، بينما الواقع يثبت أن أكثر من يُسلعن المرأة ويجعلها آداة للمتعة الحسيّة هم المتدينون وتعاليمهم وتراثهم مع النساء.
وقبل الخوض في جدلية العلاقة بين المرأة وجسدها في تصورات البعض، لا بد من الإشارة الى مصطلح «إنسي» الذي نحتته أستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتورة إلهام منصور – وهي استاذة كاتب هذه السطور- حيث تقول إن «المرأة أنس وليس أنثى، وأنس من إنسان وليس نسياناً، بمعنى أنسي وأنس ينتج عنهما ثنائية هي الإنسان». اذن إنسي هي لفظة بديلة من لفظة إمرأة. لكن الفارق أن الأنثى قد تحمل صفة تمييز بيولوجية عن الذكر، فيما الأنسي مشتقّة من إنسان.
أما كيف تتم سلعنة المرأة وتحويلها الى مجرد كيان مثير للشهوات دون الرجل، فهو الحجاب المفروض عليها تاريخياً، والذي يشير بشكل أو بآخر إلى هذه الكيانية الجسمانية التي لا علاقة لها بإنسية المرأة لا من قريب ولا من بعيد، مع ان شعر الرجل ايضا يثير شهوة بعض النساء.
وبغض النظر عن شرعية فرض الحجاب في الإسلام وعلاقة ذلك بطقوس المجتمع وتقاليده، فإن مجرد تحويل المرأة الى كائن تحيطه الحُجب يجعل منها كياناً يغذّي الخيال الذكوري بالكثير من الصور الشبقية التي ما كانت لتنوجد لو أن المرأة تصرفت بشكل طبيعي وسارت في المجتمع باحتشام من دون مبالغة في شكل الرداء أو العكوف عن مصافحة الجنس الآخر.
على سبيل المثال، تسعى المؤسسات الإسلامية الى فرض الحجاب على الأطفال الفتيات بحجة دخولهن سن التكليف – حسب التعبير الشرعي وهو قد يكون 9 سنوات – مع ان الفتاة في هذه السن هي طفلة بريئة لا تعير أهمية لـ «خطورة» جسدها وجمال شعرها الآخاذ، فتأتي عملية التحجيب وكأنها لفتح عيني الطفلة على الجانب الشهواني من كيانها، في عملية مُصادرة كريهة لبراءتها. بل قد يخلق لديها هذا الالتباس الذي تم زرعه في شخصيتها الواعدة، حالة من اللاتوازن حين ترى الفارق بينها وبين بنات جنسها ممن لم يدخلن هذا الطقس القمعي.
لذلك تتحول خطوة التحجيب من طريقة لحفظ عفة الفتاة، كما يتذرع أهلها ومن خلفهم المشايخ الموسوسون، الى حالة غير سوية تدفع الفتاة في هذه الحالة من اللاتوازن الى ممارسات خاطئة، وخصوصا اذا بقي تعاطي أهلها معها يسير وفق منطق «هذا عيب» و«هذا حرام».
خطورة ذلك أن الفتاة تصبح من سن مبكرة عرضة للتفكير بنفسها كأنثى لا إنسية، وبأن جسدها خُلق فقط للإغراء. أما لو تعاملنا معها بشكل طبيعي، من منطلق أنه، وبحسب العُرف الاجتماعي، ليس عيباً كشف الشعر مع بقاء الفتاة في مجال الاحتشام واللياقة الأدبية، فإننا بذلك نؤسس لترويج مفهوم إنسية المرأة بدلاً من أنوثتها.
فالتعاطي مع الفتاة كأنثى ليس خطيئة تجار الاعلانات ومروجي البرامج الإباحية والقوّادين فقط، بل هو خطيئة رجال الدين في تشديدهم على أن ترتدي الحجاب، بل تشجيعها على ارتداء ما هو أكثر قتامة واساءة لمظاهر التدين من الحجاب، مثل التشادور والنقاب والخمار، مدّعين انهم يتحدثون بلسان الله.
ولو عدنا إلى سيرة الأديان منذ مرحلة أنبياء بني اسرائيل حتى مرحلة خاتم الأنبياء محمد، لوجدنا كم هي المرأة مُسلعنة وكم هي مجرد آداة متعة ليس إلاّ، مهما تغنت السيرة النبوية بدور فاطمة وعائشة وخديجة وزينب وخولة بنت الأزور وغيرهن.
فما بالك بما يحكي عنه العهد القديم من أساطير عن الأنبياء، خصوصاً عمّا ارتكبه لوط مع بناته حين ثمل، أو ما قام به داوود حين أرسل قائد جيشه أوريا الى معركة لا لزوم لها، لينفرد بزوجته الجميلة،. كذلك قصص النبي محمد وزوجاته الـ 11 وتصوير زواجه من عائشة، وهي في التاسعة من عمرها، كأمر طبيعي لا يزال أغنياء الخليج وبعض بلدان العالم الاسلامي يحتذونه مثلاً، مستغلين العائلات الفقيرة في اليمن ومصر وغيره. يُضاف الى ذلك قصة زواج الرسول محمد من زوجة إبن عمه زيد بعدما أمره بتطليقها، وقصة خالد بن الوليد مع زوجة مالك بن نويرة، الذي قتله “سيف الاسلام” من أجل أن يتزوجها.
كل ذلك، الى جانب نظام الجواري وتعدد الزوجات، والزواجات التي تهدف فقط الى الحصول على اللذة مثل المسيار والمتعة والعرفي والزواج بنية الطلاق – تحدثت عنها في مقالي السابق بعنوان “قليل من الحب»، يبرهن كم هي المرأة في الدين الاسلامي مجرد خطيئة تمشي على رجليها، أو مجرد آداة لامتاع الرجل، ومن هو خبير بطبائع النساء يعرف أن نظرة المرأة للجنس ليست كنظرة الرجل، انما هي نظرة الى الحب بصورته الراقية وشكله المتكامل.
وبالتالي فإن موضوع إنسية المرأة ينبغي أن يكون دائماً على بساط البحث العقلاني في ظل استفحال ظاهرة الأصولية الدينية والسلفية التي تحمل الينا فتاوى غريبة عجيبة هدفها تسهيل جعل المرأة لقمة سائغة لمتعة المشايخ الذين لا يفكرون سوى بشهواتهم ولا يتمتعون بأي حس انساني أو أخلاقي، فإذا كان سفاح القربى مشكلة اجتماعية تربوية موجودة في مجتمعاتنا وفي الغرب ايضاً، فهذا لا يبرر للشيخ السعودي محمد العريفي، أن يفتي بعدم جواز بقاء الاب مع إبنته في البيت اذا كانت زوجته في الخارج، بذريعة مثيرة للقرف والاشمئزاز وهي أن خلوة الأب مع ابنته او الشاب مع شقيقته قد تفتح الباب أمام الشهوة.
هل هناك نظام أكثر سوءاً من نظام كهذا يحاسب على النوايا ويفترض الخطيئة استباقاً وفق ما يعمل الشيطان في رؤوس المشايخ، بينما يتبين أن حصول كوارث أخلاقية على هذا الصعيد لا علاقة له بوازع ديني ولا بمجتمعات معينة، انما هوعلى علاقة بالبيئة الاجتماعية للظاهرة والتربية الأخلاقية التي تتحكم في العائلة المُعرضّة لحالات شاذة مثل هذه. حقاً إن خير أمة أًخرجت للناس لم تبصر النور ما دامت المرأة لا تزال ذلك الكائن الملتبس الذي لم يدخل نادي البشر بعد.
يزايد المؤمنون، وخصوصاً المسلمون منهم، على من يسمونهم بالعلمانيين أو الملحدين بأنهم أحرص الناس على حفظ أنوثة المرأة وتقديمها إلى المجتمع كإنسانة لا كأنثى، مثلما يفعل الإعلام بجعل جسدها آداة لترويج البضائع، بينما الواقع يثبت أن أكثر من يُسلعن المرأة ويجعلها آداة للمتعة الحسيّة هم المتدينون وتعاليمهم وتراثهم مع النساء.
وقبل الخوض في جدلية العلاقة بين المرأة وجسدها في تصورات البعض، لا بد من الإشارة الى مصطلح «إنسي» الذي نحتته أستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتورة إلهام منصور – وهي استاذة كاتب هذه السطور- حيث تقول إن «المرأة أنس وليس أنثى، وأنس من إنسان وليس نسياناً، بمعنى أنسي وأنس ينتج عنهما ثنائية هي الإنسان». اذن إنسي هي لفظة بديلة من لفظة إمرأة. لكن الفارق أن الأنثى قد تحمل صفة تمييز بيولوجية عن الذكر، فيما الأنسي مشتقّة من إنسان.
أما كيف تتم سلعنة المرأة وتحويلها الى مجرد كيان مثير للشهوات دون الرجل، فهو الحجاب المفروض عليها تاريخياً، والذي يشير بشكل أو بآخر إلى هذه الكيانية الجسمانية التي لا علاقة لها بإنسية المرأة لا من قريب ولا من بعيد، مع ان شعر الرجل ايضا يثير شهوة بعض النساء.
وبغض النظر عن شرعية فرض الحجاب في الإسلام وعلاقة ذلك بطقوس المجتمع وتقاليده، فإن مجرد تحويل المرأة الى كائن تحيطه الحُجب يجعل منها كياناً يغذّي الخيال الذكوري بالكثير من الصور الشبقية التي ما كانت لتنوجد لو أن المرأة تصرفت بشكل طبيعي وسارت في المجتمع باحتشام من دون مبالغة في شكل الرداء أو العكوف عن مصافحة الجنس الآخر.
على سبيل المثال، تسعى المؤسسات الإسلامية الى فرض الحجاب على الأطفال الفتيات بحجة دخولهن سن التكليف – حسب التعبير الشرعي وهو قد يكون 9 سنوات – مع ان الفتاة في هذه السن هي طفلة بريئة لا تعير أهمية لـ «خطورة» جسدها وجمال شعرها الآخاذ، فتأتي عملية التحجيب وكأنها لفتح عيني الطفلة على الجانب الشهواني من كيانها، في عملية مُصادرة كريهة لبراءتها. بل قد يخلق لديها هذا الالتباس الذي تم زرعه في شخصيتها الواعدة، حالة من اللاتوازن حين ترى الفارق بينها وبين بنات جنسها ممن لم يدخلن هذا الطقس القمعي.
لذلك تتحول خطوة التحجيب من طريقة لحفظ عفة الفتاة، كما يتذرع أهلها ومن خلفهم المشايخ الموسوسون، الى حالة غير سوية تدفع الفتاة في هذه الحالة من اللاتوازن الى ممارسات خاطئة، وخصوصا اذا بقي تعاطي أهلها معها يسير وفق منطق «هذا عيب» و«هذا حرام».
خطورة ذلك أن الفتاة تصبح من سن مبكرة عرضة للتفكير بنفسها كأنثى لا إنسية، وبأن جسدها خُلق فقط للإغراء. أما لو تعاملنا معها بشكل طبيعي، من منطلق أنه، وبحسب العُرف الاجتماعي، ليس عيباً كشف الشعر مع بقاء الفتاة في مجال الاحتشام واللياقة الأدبية، فإننا بذلك نؤسس لترويج مفهوم إنسية المرأة بدلاً من أنوثتها.
فالتعاطي مع الفتاة كأنثى ليس خطيئة تجار الاعلانات ومروجي البرامج الإباحية والقوّادين فقط، بل هو خطيئة رجال الدين في تشديدهم على أن ترتدي الحجاب، بل تشجيعها على ارتداء ما هو أكثر قتامة واساءة لمظاهر التدين من الحجاب، مثل التشادور والنقاب والخمار، مدّعين انهم يتحدثون بلسان الله.
ولو عدنا إلى سيرة الأديان منذ مرحلة أنبياء بني اسرائيل حتى مرحلة خاتم الأنبياء محمد، لوجدنا كم هي المرأة مُسلعنة وكم هي مجرد آداة متعة ليس إلاّ، مهما تغنت السيرة النبوية بدور فاطمة وعائشة وخديجة وزينب وخولة بنت الأزور وغيرهن.
فما بالك بما يحكي عنه العهد القديم من أساطير عن الأنبياء، خصوصاً عمّا ارتكبه لوط مع بناته حين ثمل، أو ما قام به داوود حين أرسل قائد جيشه أوريا الى معركة لا لزوم لها، لينفرد بزوجته الجميلة،. كذلك قصص النبي محمد وزوجاته الـ 11 وتصوير زواجه من عائشة، وهي في التاسعة من عمرها، كأمر طبيعي لا يزال أغنياء الخليج وبعض بلدان العالم الاسلامي يحتذونه مثلاً، مستغلين العائلات الفقيرة في اليمن ومصر وغيره. يُضاف الى ذلك قصة زواج الرسول محمد من زوجة إبن عمه زيد بعدما أمره بتطليقها، وقصة خالد بن الوليد مع زوجة مالك بن نويرة، الذي قتله “سيف الاسلام” من أجل أن يتزوجها.
كل ذلك، الى جانب نظام الجواري وتعدد الزوجات، والزواجات التي تهدف فقط الى الحصول على اللذة مثل المسيار والمتعة والعرفي والزواج بنية الطلاق – تحدثت عنها في مقالي السابق بعنوان “قليل من الحب»، يبرهن كم هي المرأة في الدين الاسلامي مجرد خطيئة تمشي على رجليها، أو مجرد آداة لامتاع الرجل، ومن هو خبير بطبائع النساء يعرف أن نظرة المرأة للجنس ليست كنظرة الرجل، انما هي نظرة الى الحب بصورته الراقية وشكله المتكامل.
وبالتالي فإن موضوع إنسية المرأة ينبغي أن يكون دائماً على بساط البحث العقلاني في ظل استفحال ظاهرة الأصولية الدينية والسلفية التي تحمل الينا فتاوى غريبة عجيبة هدفها تسهيل جعل المرأة لقمة سائغة لمتعة المشايخ الذين لا يفكرون سوى بشهواتهم ولا يتمتعون بأي حس انساني أو أخلاقي، فإذا كان سفاح القربى مشكلة اجتماعية تربوية موجودة في مجتمعاتنا وفي الغرب ايضاً، فهذا لا يبرر للشيخ السعودي محمد العريفي، أن يفتي بعدم جواز بقاء الاب مع إبنته في البيت اذا كانت زوجته في الخارج، بذريعة مثيرة للقرف والاشمئزاز وهي أن خلوة الأب مع ابنته او الشاب مع شقيقته قد تفتح الباب أمام الشهوة.
هل هناك نظام أكثر سوءاً من نظام كهذا يحاسب على النوايا ويفترض الخطيئة استباقاً وفق ما يعمل الشيطان في رؤوس المشايخ، بينما يتبين أن حصول كوارث أخلاقية على هذا الصعيد لا علاقة له بوازع ديني ولا بمجتمعات معينة، انما هوعلى علاقة بالبيئة الاجتماعية للظاهرة والتربية الأخلاقية التي تتحكم في العائلة المُعرضّة لحالات شاذة مثل هذه. حقاً إن خير أمة أًخرجت للناس لم تبصر النور ما دامت المرأة لا تزال ذلك الكائن الملتبس الذي لم يدخل نادي البشر بعد.
26/3/2012
قليل من الحب
معمر عطوي
جميل أن يخرج المرء من رتابة الهموم السياسية وغمومها إلى منطقة إنسانية أكثر رحابة وسلاسة فيتحدث عن الجمال والعطر والحب والزهور.
نعم الحب، أقوى من السياسة. والحب في زماننا صار مثل الأشياء النادرة الوجود، فهو إن وُجد نراه يكون لمصلحة ما، أو خضوعاً لضرورات معينة أو استجابة لرغبات محددة، ليس إلاّ.
أما ذاك الكيمياء الذي يجعل الانسان يرتعش لحظة التفكير بمحبوبته، فهو ينبغي أن يخضع الانسان لتجارب واختبارات ويواجه انفعالات معينة تؤكد صدق هذه التركيبة الكيميائية من عدمها.
فكثير من العلاقات العاطفية أو الزوجية التي نشهدها في حياتنا، تستمر إما بدافع المصلحة المادية أو الضرورات الاجتماعية أو لعدم جرح مشاعر الأطفال وتحميلهم تداعيات الانفصال. لذلك يصبح الحب هنا تلك الكيمياء المفقودة التي تفتح الباب أمام توترات دائمة وخيانات متتالية وممارسات لا أخلاقية ناجمة عن ردات فعل عشوائية.
لست طبيباً نفسانياً ولا أرغب بالقيام بتحليل شخصيات وتشخيص حالات طالما أنها ليست من عملي، لكن من خلال نظرة موضوعية للأمور يكتشف المراقب حجم الخلل الحاصل في المجتمع نتيجة غياب الحب أو المتاجرة بهذه القيمة العظيمة لتحقيق رغبات آنية ومصالح مادية أو معنوية ضيقة.
قد يجد المتابع علاقات عاطفية غير مبنية على حب، بل هي مسيئة للانسان بحد ذاته كونها تتناول الجانب الغرائزي من شخصيته، فنجد من يتزوج امرأة فقط من أجل أن يتزوج ويُنجب أطفالاً، أو حتى لا يعيّره المجتمع بالعزوبية. ونجد من يتزوج لمصلحة مادية أو إرضاءً لنظام اجتماعي أو طقس ديني معين، بقطع النظر عن تواجد الكيمياء أو عدمه في هكذا علاقات.
الأخطر من ذلك شرعنة هذه العلاقات باسم الدين أو المجتمع، مع أن الحب والكيمياء بين شخصين هي الشرعية الوحيدة التي تغني عن ورقة الشيخ أو الكنيسة أو البلدية في النظام المدني.
فمن المفارقات العجيبة أن تتزوج الفتاة من شخص لا ترغب حتى برؤيته، بسبب تهديد أهلها لها بالقتل أو العزلة، فيما هي تعيش مع حبيبها الذي لا يرغب الأهل بمصاهرته، أجمل أوقاتها، فهل هذه العلاقة “المسروقة” القائمة على حب صادق، أفضل وأكثر شرعية أم علاقة الجبر والترويع؟.
مفارقات عجيبة يحملها الينا الدين تارة والأمثال الاجتماعية تارة أخرى، وكل هدفها مصادرة ما تبقّى لدينا من حب ومودة. مثل منع الزواج المختلط في بعض المجتمعات، والإصرار على إيجاد عريس للبنت من نفس الطائفة والجماعة وقد يصرّ الأهل على انتقاء شخص من نفس التيار السياسي الذي يلتزمونه.
نعم قد يكون الانسجام في الأفكار شرطاً ضرورياً لاستقرار الأسرة وعدم تشتت الأطفال بين مذهبين أو طائفتين، لكن هذا قد يكون في حالة الشخص الملتزم بدين معين ولا امكانية ان يحيد عن تعاليمه. لكن الشخص المنفتح المتحرر من ضغط الطقوس الدينية وتهويمات الايديولوجيات في حال وجد نصفه الآخر وحلّت كيمياء الغرام بينهما فهنا يصبح الاستقرار أفضل والبيئة المناسبة لتربية أطفال وفق ذهنية عقلانية تتيح لهم الاختيار بدل الخضوع والجبر.
ثمة علاقات عاطفية غرائزية بحت قد تستخدم الحب كوسيلة للوصول الى المُشتهى، وبعض هذه العلاقات مُشرعن دينياً، مع أنه لا يؤمّن الاستقرار والود المطلوبين للارتباط. من هذه العلاقات زواج المتعة الذي يحمل اسمه دلالات مقززة تشير الى أن الشخص الذي يقوم بهذا النوع من العلاقات لا يختلف عن فتيات الهوى اللواتي يتقاضين أجوراً لقاء وقت معين من المتعة الجسدية. في السياق نفسه يدخل زواج المسيار عند السنّة الذي لا يشكل للرجل سوى محطة “يغيّر من خلالها طعمة ضرسه”. فما بالك بالزواجات الأخرى مثل العرفي و”الزواج فريند” والزواج بنية الطلاق المنتشرة بين أغنياء المسلمين، وهذا الزواج الأخير ليس الا حيلة شرعية تشبه الزواج المؤقت.
اللافت انه بعد وصول الاسلاميين الى مراكز الحكم في تونس وليبيا ومصر يبدو أن هناك من عاد ليشجع الزواج التعددي، ومنهم من ذهب أبعد من ذلك بطرح فكرة العودة الى نظام الجواري التي كانت ملكاً للسلاطين والخلفاء “ما ملكت أيمانهم”.
حقاً إن رائحة الشبق الجنسي تفوح من الدين، والتفكير بالغريزة على حساب الحب لا يعطي لأي علاقة شرعية رغم أنف رجال الدين والمحاكم الشرعية التي بات الزواج أحد أهم مصادر إثراء مشايخها وموظفيها.
وبالنتيجة نجد أن الطبقية هي التي تتحكم بنوعية العلاقات فأغنياء المسلمين هم من يحق لهم بالزواج المتعدد ومن يحق لهم شراء البنات الأطفال من البلدان الفقيرة والزواج منهن، وهم من يحق لهم العقد على فتاة لفترة معينة يتم بعدها تطليقها وفق الفقه السني أو يهبها المدة كما هو حاصل في الفقه الجعفري.
نعم الحب أقوى من السياسة لكن الحب لا يمكن أن يكون سلعة للشراء أو للايجار، هنا ينغمس الحب في ألاعيب السياسة ويفقد قيمته الانسانية النبيلة. بالنتيجة الفتاة في مجتمعاتنا هي أول من يدفع ثمن هذه الأنانية التي تتحكم بغرائز الرجال. لعل ما نحتاجه بالفعل قليلاً من الحب.
جميل أن يخرج المرء من رتابة الهموم السياسية وغمومها إلى منطقة إنسانية أكثر رحابة وسلاسة فيتحدث عن الجمال والعطر والحب والزهور.
نعم الحب، أقوى من السياسة. والحب في زماننا صار مثل الأشياء النادرة الوجود، فهو إن وُجد نراه يكون لمصلحة ما، أو خضوعاً لضرورات معينة أو استجابة لرغبات محددة، ليس إلاّ.
أما ذاك الكيمياء الذي يجعل الانسان يرتعش لحظة التفكير بمحبوبته، فهو ينبغي أن يخضع الانسان لتجارب واختبارات ويواجه انفعالات معينة تؤكد صدق هذه التركيبة الكيميائية من عدمها.
فكثير من العلاقات العاطفية أو الزوجية التي نشهدها في حياتنا، تستمر إما بدافع المصلحة المادية أو الضرورات الاجتماعية أو لعدم جرح مشاعر الأطفال وتحميلهم تداعيات الانفصال. لذلك يصبح الحب هنا تلك الكيمياء المفقودة التي تفتح الباب أمام توترات دائمة وخيانات متتالية وممارسات لا أخلاقية ناجمة عن ردات فعل عشوائية.
لست طبيباً نفسانياً ولا أرغب بالقيام بتحليل شخصيات وتشخيص حالات طالما أنها ليست من عملي، لكن من خلال نظرة موضوعية للأمور يكتشف المراقب حجم الخلل الحاصل في المجتمع نتيجة غياب الحب أو المتاجرة بهذه القيمة العظيمة لتحقيق رغبات آنية ومصالح مادية أو معنوية ضيقة.
قد يجد المتابع علاقات عاطفية غير مبنية على حب، بل هي مسيئة للانسان بحد ذاته كونها تتناول الجانب الغرائزي من شخصيته، فنجد من يتزوج امرأة فقط من أجل أن يتزوج ويُنجب أطفالاً، أو حتى لا يعيّره المجتمع بالعزوبية. ونجد من يتزوج لمصلحة مادية أو إرضاءً لنظام اجتماعي أو طقس ديني معين، بقطع النظر عن تواجد الكيمياء أو عدمه في هكذا علاقات.
الأخطر من ذلك شرعنة هذه العلاقات باسم الدين أو المجتمع، مع أن الحب والكيمياء بين شخصين هي الشرعية الوحيدة التي تغني عن ورقة الشيخ أو الكنيسة أو البلدية في النظام المدني.
فمن المفارقات العجيبة أن تتزوج الفتاة من شخص لا ترغب حتى برؤيته، بسبب تهديد أهلها لها بالقتل أو العزلة، فيما هي تعيش مع حبيبها الذي لا يرغب الأهل بمصاهرته، أجمل أوقاتها، فهل هذه العلاقة “المسروقة” القائمة على حب صادق، أفضل وأكثر شرعية أم علاقة الجبر والترويع؟.
مفارقات عجيبة يحملها الينا الدين تارة والأمثال الاجتماعية تارة أخرى، وكل هدفها مصادرة ما تبقّى لدينا من حب ومودة. مثل منع الزواج المختلط في بعض المجتمعات، والإصرار على إيجاد عريس للبنت من نفس الطائفة والجماعة وقد يصرّ الأهل على انتقاء شخص من نفس التيار السياسي الذي يلتزمونه.
نعم قد يكون الانسجام في الأفكار شرطاً ضرورياً لاستقرار الأسرة وعدم تشتت الأطفال بين مذهبين أو طائفتين، لكن هذا قد يكون في حالة الشخص الملتزم بدين معين ولا امكانية ان يحيد عن تعاليمه. لكن الشخص المنفتح المتحرر من ضغط الطقوس الدينية وتهويمات الايديولوجيات في حال وجد نصفه الآخر وحلّت كيمياء الغرام بينهما فهنا يصبح الاستقرار أفضل والبيئة المناسبة لتربية أطفال وفق ذهنية عقلانية تتيح لهم الاختيار بدل الخضوع والجبر.
ثمة علاقات عاطفية غرائزية بحت قد تستخدم الحب كوسيلة للوصول الى المُشتهى، وبعض هذه العلاقات مُشرعن دينياً، مع أنه لا يؤمّن الاستقرار والود المطلوبين للارتباط. من هذه العلاقات زواج المتعة الذي يحمل اسمه دلالات مقززة تشير الى أن الشخص الذي يقوم بهذا النوع من العلاقات لا يختلف عن فتيات الهوى اللواتي يتقاضين أجوراً لقاء وقت معين من المتعة الجسدية. في السياق نفسه يدخل زواج المسيار عند السنّة الذي لا يشكل للرجل سوى محطة “يغيّر من خلالها طعمة ضرسه”. فما بالك بالزواجات الأخرى مثل العرفي و”الزواج فريند” والزواج بنية الطلاق المنتشرة بين أغنياء المسلمين، وهذا الزواج الأخير ليس الا حيلة شرعية تشبه الزواج المؤقت.
اللافت انه بعد وصول الاسلاميين الى مراكز الحكم في تونس وليبيا ومصر يبدو أن هناك من عاد ليشجع الزواج التعددي، ومنهم من ذهب أبعد من ذلك بطرح فكرة العودة الى نظام الجواري التي كانت ملكاً للسلاطين والخلفاء “ما ملكت أيمانهم”.
حقاً إن رائحة الشبق الجنسي تفوح من الدين، والتفكير بالغريزة على حساب الحب لا يعطي لأي علاقة شرعية رغم أنف رجال الدين والمحاكم الشرعية التي بات الزواج أحد أهم مصادر إثراء مشايخها وموظفيها.
وبالنتيجة نجد أن الطبقية هي التي تتحكم بنوعية العلاقات فأغنياء المسلمين هم من يحق لهم بالزواج المتعدد ومن يحق لهم شراء البنات الأطفال من البلدان الفقيرة والزواج منهن، وهم من يحق لهم العقد على فتاة لفترة معينة يتم بعدها تطليقها وفق الفقه السني أو يهبها المدة كما هو حاصل في الفقه الجعفري.
نعم الحب أقوى من السياسة لكن الحب لا يمكن أن يكون سلعة للشراء أو للايجار، هنا ينغمس الحب في ألاعيب السياسة ويفقد قيمته الانسانية النبيلة. بالنتيجة الفتاة في مجتمعاتنا هي أول من يدفع ثمن هذه الأنانية التي تتحكم بغرائز الرجال. لعل ما نحتاجه بالفعل قليلاً من الحب.
27/2/2012
هاجس القنبلة الذريّة الايرانيّة في عالم القطب الواحد
- معمر عطوي
يكرّرالتقرير "السري" الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول النشاط النووي الإيراني نفس الهواجس التي حملتها تقارير سابقة في هذا الموضوع، لجهة الخوف من عسكرة البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية. لكنه يطرح أسئلة حول قضايا تقنية بحتة تجعل موضوع هذا الخوف مشروعاً من وجهة نظرها.
24/2/2012
الأحواز: الهويّة الضائعة بين الفرس والعرب
معمر عطوي
لا يختلف إثنان على أن إقليم «خوزستان» الواقع في جنوب غرب إيران، هو محل صراع تاريخي بين العرب والفرس، بحيث لا يمكن البت بمصيره أو تحديد هويته في مقالة صحافية. هو صراع يعكس وقائع ديموغرافية، وثقافية، صبغت المنطقة بملامح عربية، فيما غلب عليها الإسم الفارسي «خوزستان»، رغم أن كلمة أهواز الفارسية لا تختلف عن “أحواز” العربية، بل مجرد لفظ بحكم عدم وجود حرف الحاء بالفارسية.
21/2/2012
صحيفة ألمانيّة: الخليجيّون مستنفرون لمناقشة تسليح حزب اللّه
معمر عطوي
20/2/2012
مؤامرة ولكن...
معمر عطوي
لا
يكفي الرد السوري على منتقدي جرائم نظام دمشق بحق شعبه، بأن هناك مؤامرة
على سوريا لدعمها المقاومة في فلسطين ولبنان، ولمواقفها «الممانعة» تجاه
املاءات الدول العظمى، فحجم المجازر التي ارتكبت منذ 15 آذار العام الماضي
حتى الآن، يفوق كل ما يُحكى عن مؤامرات وخطط عدوانية غربية على عاصمة
الأمويين ومن خلفها طهران، لا سيما أن ظلم ذوي القربى أشد إيلاماً. طبعاً
لن نفتح في هذه العجالة ملفات المعتقلين والمفقودين والمظلومين منذ تسلم
حزب البعث السلطة في العام 1963 حتى الآن.
فالحديث
عن مؤامرة ليس جديداً في هذا الصدد، خصوصاً أن أنظمة الأحزاب الشمولية
العربية في العصر الحديث، ومنها نظام البعثين في سوريا والعراق، استخدمت
ذريعة المؤامرة كفزاعة في وجه أي محاولات للتحديث أو للتنمية أو الدعوات
للانتقال من نموذج الحزب الواحد «القائد» الى التعددية الحزبية
والديموقراطية. وفي الوقت نفسه كانت هذه الأنظمة تحيك المؤامرات في الدول
الصغيرة المجاورة بالاشتراك مع الدول الغربية.
ولكي
نبقى في سورياـ الأسد، لم تتوانَ دمشق أبداً عن حياكة مؤامرات بالاشتراك
مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، في ما يتعلق بالعديد من الملفات،
أبرزها لبنان، الذي دخلته القوات العسكرية السورية واستخباراتها وعاثت فيه
فساداً ومؤامرات وصفقات مالية وأمنية لدرجة يندى لها الجبين.
المفارقة
أن سوريا التي تتحدث عن مؤامرة تستهدفها منذ تسلم حزب البعث للسلطة، هي
نفسها من حاك مؤامرة السيطرة على لبنان وتدجين تنظيماته واللعب على
تناقضاته الطائفية، بالاشتراك مع الولايات المتحدة التي كانت تفضّل لاعباً
اقليمياً قوياً يضبط الأوضاع على حدود فلسطين المحتلة لحماية أمن الكيان
العبري.
وليس
خافياً على أحد تآمر دمشق مع الغرب ضد الحركة الوطنية اللبنانية التي
كانت رأس الحربة في وجه المؤامرات الدولية الكبرى، والاستيعاض عنها كحركة
يسارية غير طائفية تجمع كافة أطياف الشعب اللبناني بحركات طائفية ومذهبية
تعزز الشرخ في الداخل لمصلحة سيطرة الاستخبارات السورية على مفاصل الحكم
والأمن والاقتصاد في البلاد.
والمتابع
لحركة السياسة السورية في لبنان فترة الثمانينات يعرف كيف كانت تتم تصفية
شخصيات وإبادة تيارات أو شق أحزاب الى ملل ونحل وتلاعب بقيادات حزبية من
هنا وهناك، من اقصى اليمين الى أقصى اليسار بمن فيهم التنظيمات والفصائل
الفلسطينية التي تواجدت على الساحة اللبنانية منذ السبعينيات.
لقد
كان دعم سورياـ حافظ الأسد واضحاً للتنظيمات اليمينية المسيحية المتطرفة
على حساب الحركة الوطنية، بحجة حفظ التوازن الطائفي. سياسة اثبتت عقمها
حين ارتمت هذه التنظيمات في حضن اسرائيل وتآمرت على لبنان وفلسطين وسوريا
معاً.
من
هنا كان دعم سوريا الواضح لحركة أمل كحركة مذهبية بإزاء أحزاب مذهبية
وطائفية أخرى، على حساب الأحزاب العلمانية والقومية. والمفارقة أن دمشق
التي تتغزّل اليوم بحزب الله ومقاومته غير المسبوقة على صعيد الصراع
العربي ـ الإسرائيلي، هي أول من ارتكب مجزرة بحق عناصر هذا الحزب في ثكنة
فتح الله في غرب بيروت عام 1987، يومها قال السيد حسن نصرالله (لم يكن
اميناً عاماً للحزب بعد)، «سنبقى هنا، سنبقى في بيروت الغربية، سنبقى في
الضاحية ولن يستطيع أحد أن يقتلعنا». ثم جاءت حرب الإخوة بين حركة أمل
وحزب الله لتبين عمق التباينات بين طهران وسوريا وانعكاس هذه المؤامرة على
المقاومة الاسلامية في لبنان بحكم تفوقها ووصولها إلى مراكز متقدمة على
صعيد تحقيق مكاسب ميدانية غير مسبوقة ضد الاحتلال وعملائه. وكانت حواجز
الجيش السوري واستخباراته تضايق عناصر حزب الله اثناء تنقلاتهم بين
المناطق لا سيما بالقرب من منطقة الشريط الحدودي الذي كان محتلاً انذاك.
ولم تتخذ سوريا قرار دعم المقاومة إلاّ بعدما شعرت أن حركة أمل حليف لا
يمكن الاعتماد عليه، فجنحت الى السلم مع حزب الله بناءاً على تفاهمات مع
طهران، وكانت تلك الاستراتيجية الجديدة في دعم المقاومة والتي أدت الى
تحرير الجزء الأكبر من الجنوب اللبناني المحتل.
إلا
أن هذه السياسة التي وإن كانت في الظاهر سياسة «ممانعة» فهذا لا يعني ان
سوريا لم تكن هي المستفيد الأول من جراء التقاطها لورقة أساسية ومهمة هي
ورقة حزب الله والتي دعمتها لاحقاً بورقة المقاومة الاسلامية الفلسطينية
التي كانت بدورها تسطّر أروع الملاحم البطولية ضد الصهاينة في فلسطين
المحتلة.
نعم
قد يكون هناك مؤامرة دولية ضد سوريا لتحالفها مع ايران ولدعمها لقوى
المقاومة (ولا استسيغ بتاتاً مصطلح الممانعة في هذا الاطار كونه يؤشر على
ان الممانعة نهايتها الموافقة بعد اطراء واغراء). لكن ما هو حجم المؤامرة
الدولية أمام المؤامرات التي حاكتها سوريا ضد الدول المجاورة بحجة حماية
خاصرتها وجنبها وما الى ذلك؟ وما هو مدى استفادة المقاومة من سوريا امام ما
حققته دمشق من مكاسب مادية ومعنوية على الصعيد الاستراتيجي الدولي؟
لقد
ورطت دمشق المقاومة في لبنان بعلاقة مريبة مع نظام النيوليبرالية
الحريرية تحت شعار «المقاومة والإعمار يداً بيد»، فكانت هي المستفيد من
الطرفين الأول على الصعيد المعنوي من خلال ورقة القوة التي اضحت بيد
الأسد، والآخر على الصعيد المادي الذي فتح مزاريب أموال الشعب اللبناني
أمام ضباطه ومسؤوليه. وأوصلت هذه السياسة ـ المؤامرة لبنان الى حرب مذهبية
دفع وما زال اللبنانيون يدفعون ثمنها.
كذلك
دعم النظام السوري بكله (وليس فقط غازي كنعان او عبد الحليم خدام كما
يزعم المدعون العفة من بقايا النظام)، كل زعماء لبنان من سارقي أموال
الفقراء الى اقطاعيين قدامى وجدد ومجرمي حرب وفاسدين ومنتفعين على أبواب
عنجر(مقر الاستخبارات السورية في لبنان) وقصر المهاجرين الرئاسي في دمشق،
فكان وجوده في لبنان شرعياً من حيث الشكل الا ان ممارساته كانت تمثل
الاحتلال بكل صوره.
ألم
يسأل «الممانعون» أنفسهم، لماذا تحولت علاقات دمشق مع أنقرة نهاية
التسعينيات من علاقة عداء وتنافر إلى علاقة صداقة وتعاون؟ ألم يذكر هؤلاء
قائد حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان الذي باعته سوريا بثلاثين من
الفضة. ومن قبله المناضل الأممي كارلوس، الذي طردته الى السودان حيث كانت
الاستخبارات الفرنسية بانتظاره. وما سر خروج سوريا من عزلتها في العام
2008 بعد ثلاثة أعوام من المواجهة مع الغرب على خلفية اغتيال رئيس الحكومة
اللبناني رفيق الحريري؟ ألم يكن القائد المناضل عماد مغنية ثمناً لهذا
الانفتاح المفاجئ؟ لماذا لا يسأل المقاومون ومن خلفهم «الممانعون» أنفسهم
حول الثمن المقبل لمؤامرات تحيكها دمشق مع عواصم العالم منذ تسلم «البعث»
مقادير الأمور.
أهم
من ذلك، كيف يمكن لنظام الأسد أن يتحدث عن مؤامرات خارجية وهو بسياسته
الأمنية الإجرامية يشرّع الأبواب أمام تدخلات الفاسق والفاجر، ويعطي
المسوّغات تلو الأخرى لتبلور مؤامرات على غرار مؤامرات حكمه السالفة.
هل
الرد على المؤامرات الخارجية يكون بمصادرة أهم أهداف المقاومة، وأسمى
غاياتها وهي حرية الانسان وكرامته وحقوقه؟ ألم يكن الأجدى الرد على
المؤامرات وتهديد المسلحين والسلفيين وغيرها من «الفزّاعات» التي لا تمثل
حقيقة مطالب الشعب السوري، بمزيد من الديموقراطية والانفتاح على الناس؟
بالفعل
ظلم ذوي القربى أشد إيلاماً، وهو ما يدفع بعض السوريين للمطالبة بتدخل
دولي لانقاذ الشعب من مجازر تحصل كل يوم بإسم صد المؤامرة وحماية «قلعة
المقاومة». فتاريخ هذا النظام القمعي ضد خصومه لا يعطيه أبداً صك براءة
مهما كانت درجة استخدامه لورقة المقاومة ومهما بلغ حجم ذريعته في التصدي
لمؤامرات الخارج. لقد حفرت دمشق حفرة لأبنائها وبدأت هي نفسها بالانزلاق
اليها.
17/2/2012
ليبيا على فوهة بركان السلاح
عناصر من القوات المسلّحة الليبية خلال عرض عسكري في طرابلس (إسماعيل زيتوني ــ رويترز)
13/2/2012
يواخيم غاوك رئيساً لألمانيا: القسيس «اليساري»
معمر عطوي
لم يكن انتخاب القس السابق الناشط الحقوقي الألماني يواخيم غاوك، رئيساً لجمهورية ألمانيا الاتحادية، بالأمر الغريب أو الطارئ، فحظوظ الرجل كانت مرجّحة للفوز منذ استقالة سلفه كريستيان فولف في شباط/ فبراير الماضي على خلفية اتهامات بالفساد.
أما سبب هذا الترجيح فسنده شبه الإجماع الذي حظي به الرجل منذ استقالة فولف، حيث اعلنت الأحزاب الفاعلة على الساحة الألمانية عن تأييدها لهذا الترشيح، باستثناء حزب اليسار الذي رشّح الناشطة السابقة ضد النازية بيئاتي كلارسفيلد (73 عاماً) الى هذا المنصب الشرفي، والذي لا يُعتبر فاعلاً على مستوى الحكم في البلاد.
المراقبون وصفوا انتخاب غاوك (72 عاماً) الأحد الماضي (18 آذار/ مارس) من قبل المجلس، الذي يضم نواب البرلمان ومندوبين من عالم السياسة والمجتمع المدني، بأنه «أمر شكلي»، بعدما لقي القس السابق دعم الاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل وحليفها الحزب الديموقراطي الحر (الليبرالي) بزعامة وزير الخارجية غيدو فيسترفيله والمعارضة التي يقودها الحزب الاشتراكي الديموقراطي الى جانب حزب الخضر، فيما بقي حزب اليسار بقيادة غريغور غيزي خارج مجال التأييد للناشط الحقوقي السابق المتحدّر من شرق البلاد.
وكانت النتيجة متوقّعة حيث حصل غاوك على 991 صوتاً من إجمالي 1228 صوتاً داخل الجمعية الاتحادية في مقر البرلمان الألماني في العاصمة برلين، ليصبح بذلك الرئيس الحادي عشر للبلاد، فيما حصلت منافسته اليسارية كلارسفيلد على 126 صوتاً فقط.
الدلالة الأهم في هذا الاختيار هو أن غاوك، الذي يدخل مع صديقته الصحافية دانييلا شادت اليوم (الاثنين 19 اذار 2012) قصر Bellevue الرئاسي، متحدّر مثل المستشارة ميركل من شرق البلاد، حيث عاش الاثنان في زمن الانقسام.
ربما لهذا السبب دعمت ميركل ترشيح غاوك الذي كان مرشح خصومها في الحزب الاشتراكي عام 2010 في وجه مرشحها كريستيان فولف، الذي سبّب إحراجاً للحزب المسيحي وللمستشارة بعد أن شغل هذا المنصب عشرين شهراً من الولاية الرئاسية المحددة بخمس سنوات، بسبب اتهامه باستغلال منصبه للحصول على قروض مصرفية وقضايا اخرى وُصفت بالفساد.
ولعل الأمر الآخر الذي يشكّل قاسماً مشتركاً بين المستشارة والرئيس الجديد، هو أن غاوك ووالد ميركل أيضا كانا رجلي دين في الشطر الشرقي الذي سيطر عليه لسنوات طويلة الشيوعيون الذين لم تكن تربطهم بالمؤسسات الدينية أي علاقة ود.
المفارقة أن الرئيس الجديد ظلت مواقفه ملتبسة، فهو وإن كان قريباً من الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يتبنى طروحات أكثر ايجابية تجاه المهاجرين الأجانب، نجده يدافع عن تيلو سارازين، الكاتب الذي اثار موجة من الانتقادات ضد كتاب نشره في العام 2010 اساء الى صورة المهاجرين في ألمانيا، في حين وصفه غاوك بأنه “شجاع”.
بيد أن غاوك، وكما نقلت عنه «دويتشه فيله»، قد نأى بنفسه عن أطروحات سارازين، وأكد بأنه أرد فقط امتداح ما يتعلق بخرق العادة الدبلوماسية المألوفة في الدوائر السياسية الألمانية، وهو ما قام به السياسي سارازين عبر كتابه. وبهذا الشأن أكد غاوك أنه يرفض أي نوع من الحظر الفكري.
في الوقت نفسه، وصف غاوك نفسه ذات مرة بأنه “محافظ ليبرالي ويساري”. وانتقد حركة “احتلوا وول ستريت” في الولايات المتحدة، ووصفها بأنها “غبية”. وعلى خط موازٍ للرجل مبادرات داعمة للديموقراطية ومناهضة للعنصرية .
فيسارية القس البروتستانتي السابق التي يتغنى بها، لم تمنعه من أن ينشط حقوقياً في ألمانيا الشرقية اليسارية النظام، حيث كان مناهضاً للنظام الشيوعي وناطقاً باسم المعارضة في مدينة روستوك (شرق)، مسقط رأسه قبل انهيارجدار برلين .
وفي سيرته الذاتية “الشتاء في الصيف والربيع في الخريف”، التي صدرت في العام 2009 تحدث عن عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي للكثيرين من قبل الشرطة السياسية الألمانية الشرقية (شتازي) سابقاً، بمن فيهم والده الذي تعرّض أيضاً للاعتقال، اذ حكمت عليه محكمة عسكرية سوفياتية بالسجن 25عاماً عندما كان غاوك طفلا. وقد أمضى الأب سنوات عديدة في أحد المعتقلات في سيبيريا.
لكن غاوك الذي حلم بأن يصبح صحافياً قبل أن يصبح رجل دين، كان تحت مراقبة جهاز أمن الدولة، من دون ان يُصار الى اعتقاله.
الا أن وثيقة لجهاز «شتازي» وصفته بأنه «شخص مناهض للشيوعيين بتزمُّت ويرى الاشتراكية والشيوعية على أنها ظاهرة مؤقتة».
مسيرة غاوك النضالية هذه جعلته مرشّحاً وحيداً ليكون أول مسؤول في ألمانيا الاتحادية عن أرشيف الشرطة السرية «شتازي»، إذ عمِل مديراً لقسم توثيق سجلات “شتازي”، منذ عام 1990 وبقي في هذه الوظيفة 9 سنوات، كان خلالها مسؤولاً عن أكثر من 2700 موظف، قاموا بأرشفة وحفظ معلومات جهاز أمن الدولة الشيوعية، والمتعلقة بالملفات الشخصية لمئات الآلاف من المواطنين والمرشحين للمناصب العامة.
وقد أوردت «دويتشه فيله» أن الرجل منفصل من دون طلاق عن زوجته غيرهيلد، منذ عام 1991، ويعيش منذ اثني عشر عاماً مع صديقته الصحافية، التي أعلن استعداده للزواج منها إذا ما انتخب رئيساً لألمانيا، قبيل انتخابات الرئيس في العام 2010.
لم يكن انتخاب القس السابق الناشط الحقوقي الألماني يواخيم غاوك، رئيساً لجمهورية ألمانيا الاتحادية، بالأمر الغريب أو الطارئ، فحظوظ الرجل كانت مرجّحة للفوز منذ استقالة سلفه كريستيان فولف في شباط/ فبراير الماضي على خلفية اتهامات بالفساد.
أما سبب هذا الترجيح فسنده شبه الإجماع الذي حظي به الرجل منذ استقالة فولف، حيث اعلنت الأحزاب الفاعلة على الساحة الألمانية عن تأييدها لهذا الترشيح، باستثناء حزب اليسار الذي رشّح الناشطة السابقة ضد النازية بيئاتي كلارسفيلد (73 عاماً) الى هذا المنصب الشرفي، والذي لا يُعتبر فاعلاً على مستوى الحكم في البلاد.
المراقبون وصفوا انتخاب غاوك (72 عاماً) الأحد الماضي (18 آذار/ مارس) من قبل المجلس، الذي يضم نواب البرلمان ومندوبين من عالم السياسة والمجتمع المدني، بأنه «أمر شكلي»، بعدما لقي القس السابق دعم الاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل وحليفها الحزب الديموقراطي الحر (الليبرالي) بزعامة وزير الخارجية غيدو فيسترفيله والمعارضة التي يقودها الحزب الاشتراكي الديموقراطي الى جانب حزب الخضر، فيما بقي حزب اليسار بقيادة غريغور غيزي خارج مجال التأييد للناشط الحقوقي السابق المتحدّر من شرق البلاد.
وكانت النتيجة متوقّعة حيث حصل غاوك على 991 صوتاً من إجمالي 1228 صوتاً داخل الجمعية الاتحادية في مقر البرلمان الألماني في العاصمة برلين، ليصبح بذلك الرئيس الحادي عشر للبلاد، فيما حصلت منافسته اليسارية كلارسفيلد على 126 صوتاً فقط.
الدلالة الأهم في هذا الاختيار هو أن غاوك، الذي يدخل مع صديقته الصحافية دانييلا شادت اليوم (الاثنين 19 اذار 2012) قصر Bellevue الرئاسي، متحدّر مثل المستشارة ميركل من شرق البلاد، حيث عاش الاثنان في زمن الانقسام.
ربما لهذا السبب دعمت ميركل ترشيح غاوك الذي كان مرشح خصومها في الحزب الاشتراكي عام 2010 في وجه مرشحها كريستيان فولف، الذي سبّب إحراجاً للحزب المسيحي وللمستشارة بعد أن شغل هذا المنصب عشرين شهراً من الولاية الرئاسية المحددة بخمس سنوات، بسبب اتهامه باستغلال منصبه للحصول على قروض مصرفية وقضايا اخرى وُصفت بالفساد.
ولعل الأمر الآخر الذي يشكّل قاسماً مشتركاً بين المستشارة والرئيس الجديد، هو أن غاوك ووالد ميركل أيضا كانا رجلي دين في الشطر الشرقي الذي سيطر عليه لسنوات طويلة الشيوعيون الذين لم تكن تربطهم بالمؤسسات الدينية أي علاقة ود.
المفارقة أن الرئيس الجديد ظلت مواقفه ملتبسة، فهو وإن كان قريباً من الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يتبنى طروحات أكثر ايجابية تجاه المهاجرين الأجانب، نجده يدافع عن تيلو سارازين، الكاتب الذي اثار موجة من الانتقادات ضد كتاب نشره في العام 2010 اساء الى صورة المهاجرين في ألمانيا، في حين وصفه غاوك بأنه “شجاع”.
بيد أن غاوك، وكما نقلت عنه «دويتشه فيله»، قد نأى بنفسه عن أطروحات سارازين، وأكد بأنه أرد فقط امتداح ما يتعلق بخرق العادة الدبلوماسية المألوفة في الدوائر السياسية الألمانية، وهو ما قام به السياسي سارازين عبر كتابه. وبهذا الشأن أكد غاوك أنه يرفض أي نوع من الحظر الفكري.
في الوقت نفسه، وصف غاوك نفسه ذات مرة بأنه “محافظ ليبرالي ويساري”. وانتقد حركة “احتلوا وول ستريت” في الولايات المتحدة، ووصفها بأنها “غبية”. وعلى خط موازٍ للرجل مبادرات داعمة للديموقراطية ومناهضة للعنصرية .
فيسارية القس البروتستانتي السابق التي يتغنى بها، لم تمنعه من أن ينشط حقوقياً في ألمانيا الشرقية اليسارية النظام، حيث كان مناهضاً للنظام الشيوعي وناطقاً باسم المعارضة في مدينة روستوك (شرق)، مسقط رأسه قبل انهيارجدار برلين .
وفي سيرته الذاتية “الشتاء في الصيف والربيع في الخريف”، التي صدرت في العام 2009 تحدث عن عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي للكثيرين من قبل الشرطة السياسية الألمانية الشرقية (شتازي) سابقاً، بمن فيهم والده الذي تعرّض أيضاً للاعتقال، اذ حكمت عليه محكمة عسكرية سوفياتية بالسجن 25عاماً عندما كان غاوك طفلا. وقد أمضى الأب سنوات عديدة في أحد المعتقلات في سيبيريا.
لكن غاوك الذي حلم بأن يصبح صحافياً قبل أن يصبح رجل دين، كان تحت مراقبة جهاز أمن الدولة، من دون ان يُصار الى اعتقاله.
الا أن وثيقة لجهاز «شتازي» وصفته بأنه «شخص مناهض للشيوعيين بتزمُّت ويرى الاشتراكية والشيوعية على أنها ظاهرة مؤقتة».
مسيرة غاوك النضالية هذه جعلته مرشّحاً وحيداً ليكون أول مسؤول في ألمانيا الاتحادية عن أرشيف الشرطة السرية «شتازي»، إذ عمِل مديراً لقسم توثيق سجلات “شتازي”، منذ عام 1990 وبقي في هذه الوظيفة 9 سنوات، كان خلالها مسؤولاً عن أكثر من 2700 موظف، قاموا بأرشفة وحفظ معلومات جهاز أمن الدولة الشيوعية، والمتعلقة بالملفات الشخصية لمئات الآلاف من المواطنين والمرشحين للمناصب العامة.
وقد أوردت «دويتشه فيله» أن الرجل منفصل من دون طلاق عن زوجته غيرهيلد، منذ عام 1991، ويعيش منذ اثني عشر عاماً مع صديقته الصحافية، التي أعلن استعداده للزواج منها إذا ما انتخب رئيساً لألمانيا، قبيل انتخابات الرئيس في العام 2010.
10/2/2012
حظر النفط الإيراني: أوروبا تعاقب نفسها
يبدو أن القرار الذي اتخذته دول الاتحاد الأوروبي في الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني الماضي، بفرض حظر على استيراد النفط الإيراني، والذي أتى بعد قرار أميركي مشابه، لن يكون مضراً باقتصاد الدولة الفارسية فقط، بل سيُلحق الضرر أيضاً بدول عديدة، بينها دول فاعلة في المنظومة الأوروبية، بسبب اعتمادها بنحو كبير على هذا النفط
1/1/2012
القراصنة يُبحِرون نحو السياسة
تعد كلمة القراصنة في القاموس السياسي تحمل المعنى نفسه الذي ينطبق على رجال البحر الباحثين عن طرائد بين السفن المُسافرة، فهذه الصورة النمطية لشكل القرصان الذي يربط منديلاً على رأسه ويغطي إحدى عينيه بقماشة سوداء،
قد تغيرت مع ظهور مجموعة جديدة من جيل الشبكة العنكبوتية الذين ينظرون إلى السياسة كمدىً رحب يشبه البحر في شفافيته
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)