معمر عطوي
يزايد المؤمنون، وخصوصاً المسلمون منهم، على من يسمونهم بالعلمانيين أو الملحدين بأنهم أحرص الناس على حفظ أنوثة المرأة وتقديمها إلى المجتمع كإنسانة لا كأنثى، مثلما يفعل الإعلام بجعل جسدها آداة لترويج البضائع، بينما الواقع يثبت أن أكثر من يُسلعن المرأة ويجعلها آداة للمتعة الحسيّة هم المتدينون وتعاليمهم وتراثهم مع النساء.
وقبل الخوض في جدلية العلاقة بين المرأة وجسدها في تصورات البعض، لا بد من الإشارة الى مصطلح «إنسي» الذي نحتته أستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتورة إلهام منصور – وهي استاذة كاتب هذه السطور- حيث تقول إن «المرأة أنس وليس أنثى، وأنس من إنسان وليس نسياناً، بمعنى أنسي وأنس ينتج عنهما ثنائية هي الإنسان». اذن إنسي هي لفظة بديلة من لفظة إمرأة. لكن الفارق أن الأنثى قد تحمل صفة تمييز بيولوجية عن الذكر، فيما الأنسي مشتقّة من إنسان.
أما كيف تتم سلعنة المرأة وتحويلها الى مجرد كيان مثير للشهوات دون الرجل، فهو الحجاب المفروض عليها تاريخياً، والذي يشير بشكل أو بآخر إلى هذه الكيانية الجسمانية التي لا علاقة لها بإنسية المرأة لا من قريب ولا من بعيد، مع ان شعر الرجل ايضا يثير شهوة بعض النساء.
وبغض النظر عن شرعية فرض الحجاب في الإسلام وعلاقة ذلك بطقوس المجتمع وتقاليده، فإن مجرد تحويل المرأة الى كائن تحيطه الحُجب يجعل منها كياناً يغذّي الخيال الذكوري بالكثير من الصور الشبقية التي ما كانت لتنوجد لو أن المرأة تصرفت بشكل طبيعي وسارت في المجتمع باحتشام من دون مبالغة في شكل الرداء أو العكوف عن مصافحة الجنس الآخر.
على سبيل المثال، تسعى المؤسسات الإسلامية الى فرض الحجاب على الأطفال الفتيات بحجة دخولهن سن التكليف – حسب التعبير الشرعي وهو قد يكون 9 سنوات – مع ان الفتاة في هذه السن هي طفلة بريئة لا تعير أهمية لـ «خطورة» جسدها وجمال شعرها الآخاذ، فتأتي عملية التحجيب وكأنها لفتح عيني الطفلة على الجانب الشهواني من كيانها، في عملية مُصادرة كريهة لبراءتها. بل قد يخلق لديها هذا الالتباس الذي تم زرعه في شخصيتها الواعدة، حالة من اللاتوازن حين ترى الفارق بينها وبين بنات جنسها ممن لم يدخلن هذا الطقس القمعي.
لذلك تتحول خطوة التحجيب من طريقة لحفظ عفة الفتاة، كما يتذرع أهلها ومن خلفهم المشايخ الموسوسون، الى حالة غير سوية تدفع الفتاة في هذه الحالة من اللاتوازن الى ممارسات خاطئة، وخصوصا اذا بقي تعاطي أهلها معها يسير وفق منطق «هذا عيب» و«هذا حرام».
خطورة ذلك أن الفتاة تصبح من سن مبكرة عرضة للتفكير بنفسها كأنثى لا إنسية، وبأن جسدها خُلق فقط للإغراء. أما لو تعاملنا معها بشكل طبيعي، من منطلق أنه، وبحسب العُرف الاجتماعي، ليس عيباً كشف الشعر مع بقاء الفتاة في مجال الاحتشام واللياقة الأدبية، فإننا بذلك نؤسس لترويج مفهوم إنسية المرأة بدلاً من أنوثتها.
فالتعاطي مع الفتاة كأنثى ليس خطيئة تجار الاعلانات ومروجي البرامج الإباحية والقوّادين فقط، بل هو خطيئة رجال الدين في تشديدهم على أن ترتدي الحجاب، بل تشجيعها على ارتداء ما هو أكثر قتامة واساءة لمظاهر التدين من الحجاب، مثل التشادور والنقاب والخمار، مدّعين انهم يتحدثون بلسان الله.
ولو عدنا إلى سيرة الأديان منذ مرحلة أنبياء بني اسرائيل حتى مرحلة خاتم الأنبياء محمد، لوجدنا كم هي المرأة مُسلعنة وكم هي مجرد آداة متعة ليس إلاّ، مهما تغنت السيرة النبوية بدور فاطمة وعائشة وخديجة وزينب وخولة بنت الأزور وغيرهن.
فما بالك بما يحكي عنه العهد القديم من أساطير عن الأنبياء، خصوصاً عمّا ارتكبه لوط مع بناته حين ثمل، أو ما قام به داوود حين أرسل قائد جيشه أوريا الى معركة لا لزوم لها، لينفرد بزوجته الجميلة،. كذلك قصص النبي محمد وزوجاته الـ 11 وتصوير زواجه من عائشة، وهي في التاسعة من عمرها، كأمر طبيعي لا يزال أغنياء الخليج وبعض بلدان العالم الاسلامي يحتذونه مثلاً، مستغلين العائلات الفقيرة في اليمن ومصر وغيره. يُضاف الى ذلك قصة زواج الرسول محمد من زوجة إبن عمه زيد بعدما أمره بتطليقها، وقصة خالد بن الوليد مع زوجة مالك بن نويرة، الذي قتله “سيف الاسلام” من أجل أن يتزوجها.
كل ذلك، الى جانب نظام الجواري وتعدد الزوجات، والزواجات التي تهدف فقط الى الحصول على اللذة مثل المسيار والمتعة والعرفي والزواج بنية الطلاق – تحدثت عنها في مقالي السابق بعنوان “قليل من الحب»، يبرهن كم هي المرأة في الدين الاسلامي مجرد خطيئة تمشي على رجليها، أو مجرد آداة لامتاع الرجل، ومن هو خبير بطبائع النساء يعرف أن نظرة المرأة للجنس ليست كنظرة الرجل، انما هي نظرة الى الحب بصورته الراقية وشكله المتكامل.
وبالتالي فإن موضوع إنسية المرأة ينبغي أن يكون دائماً على بساط البحث العقلاني في ظل استفحال ظاهرة الأصولية الدينية والسلفية التي تحمل الينا فتاوى غريبة عجيبة هدفها تسهيل جعل المرأة لقمة سائغة لمتعة المشايخ الذين لا يفكرون سوى بشهواتهم ولا يتمتعون بأي حس انساني أو أخلاقي، فإذا كان سفاح القربى مشكلة اجتماعية تربوية موجودة في مجتمعاتنا وفي الغرب ايضاً، فهذا لا يبرر للشيخ السعودي محمد العريفي، أن يفتي بعدم جواز بقاء الاب مع إبنته في البيت اذا كانت زوجته في الخارج، بذريعة مثيرة للقرف والاشمئزاز وهي أن خلوة الأب مع ابنته او الشاب مع شقيقته قد تفتح الباب أمام الشهوة.
هل هناك نظام أكثر سوءاً من نظام كهذا يحاسب على النوايا ويفترض الخطيئة استباقاً وفق ما يعمل الشيطان في رؤوس المشايخ، بينما يتبين أن حصول كوارث أخلاقية على هذا الصعيد لا علاقة له بوازع ديني ولا بمجتمعات معينة، انما هوعلى علاقة بالبيئة الاجتماعية للظاهرة والتربية الأخلاقية التي تتحكم في العائلة المُعرضّة لحالات شاذة مثل هذه. حقاً إن خير أمة أًخرجت للناس لم تبصر النور ما دامت المرأة لا تزال ذلك الكائن الملتبس الذي لم يدخل نادي البشر بعد.
يزايد المؤمنون، وخصوصاً المسلمون منهم، على من يسمونهم بالعلمانيين أو الملحدين بأنهم أحرص الناس على حفظ أنوثة المرأة وتقديمها إلى المجتمع كإنسانة لا كأنثى، مثلما يفعل الإعلام بجعل جسدها آداة لترويج البضائع، بينما الواقع يثبت أن أكثر من يُسلعن المرأة ويجعلها آداة للمتعة الحسيّة هم المتدينون وتعاليمهم وتراثهم مع النساء.
وقبل الخوض في جدلية العلاقة بين المرأة وجسدها في تصورات البعض، لا بد من الإشارة الى مصطلح «إنسي» الذي نحتته أستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتورة إلهام منصور – وهي استاذة كاتب هذه السطور- حيث تقول إن «المرأة أنس وليس أنثى، وأنس من إنسان وليس نسياناً، بمعنى أنسي وأنس ينتج عنهما ثنائية هي الإنسان». اذن إنسي هي لفظة بديلة من لفظة إمرأة. لكن الفارق أن الأنثى قد تحمل صفة تمييز بيولوجية عن الذكر، فيما الأنسي مشتقّة من إنسان.
أما كيف تتم سلعنة المرأة وتحويلها الى مجرد كيان مثير للشهوات دون الرجل، فهو الحجاب المفروض عليها تاريخياً، والذي يشير بشكل أو بآخر إلى هذه الكيانية الجسمانية التي لا علاقة لها بإنسية المرأة لا من قريب ولا من بعيد، مع ان شعر الرجل ايضا يثير شهوة بعض النساء.
وبغض النظر عن شرعية فرض الحجاب في الإسلام وعلاقة ذلك بطقوس المجتمع وتقاليده، فإن مجرد تحويل المرأة الى كائن تحيطه الحُجب يجعل منها كياناً يغذّي الخيال الذكوري بالكثير من الصور الشبقية التي ما كانت لتنوجد لو أن المرأة تصرفت بشكل طبيعي وسارت في المجتمع باحتشام من دون مبالغة في شكل الرداء أو العكوف عن مصافحة الجنس الآخر.
على سبيل المثال، تسعى المؤسسات الإسلامية الى فرض الحجاب على الأطفال الفتيات بحجة دخولهن سن التكليف – حسب التعبير الشرعي وهو قد يكون 9 سنوات – مع ان الفتاة في هذه السن هي طفلة بريئة لا تعير أهمية لـ «خطورة» جسدها وجمال شعرها الآخاذ، فتأتي عملية التحجيب وكأنها لفتح عيني الطفلة على الجانب الشهواني من كيانها، في عملية مُصادرة كريهة لبراءتها. بل قد يخلق لديها هذا الالتباس الذي تم زرعه في شخصيتها الواعدة، حالة من اللاتوازن حين ترى الفارق بينها وبين بنات جنسها ممن لم يدخلن هذا الطقس القمعي.
لذلك تتحول خطوة التحجيب من طريقة لحفظ عفة الفتاة، كما يتذرع أهلها ومن خلفهم المشايخ الموسوسون، الى حالة غير سوية تدفع الفتاة في هذه الحالة من اللاتوازن الى ممارسات خاطئة، وخصوصا اذا بقي تعاطي أهلها معها يسير وفق منطق «هذا عيب» و«هذا حرام».
خطورة ذلك أن الفتاة تصبح من سن مبكرة عرضة للتفكير بنفسها كأنثى لا إنسية، وبأن جسدها خُلق فقط للإغراء. أما لو تعاملنا معها بشكل طبيعي، من منطلق أنه، وبحسب العُرف الاجتماعي، ليس عيباً كشف الشعر مع بقاء الفتاة في مجال الاحتشام واللياقة الأدبية، فإننا بذلك نؤسس لترويج مفهوم إنسية المرأة بدلاً من أنوثتها.
فالتعاطي مع الفتاة كأنثى ليس خطيئة تجار الاعلانات ومروجي البرامج الإباحية والقوّادين فقط، بل هو خطيئة رجال الدين في تشديدهم على أن ترتدي الحجاب، بل تشجيعها على ارتداء ما هو أكثر قتامة واساءة لمظاهر التدين من الحجاب، مثل التشادور والنقاب والخمار، مدّعين انهم يتحدثون بلسان الله.
ولو عدنا إلى سيرة الأديان منذ مرحلة أنبياء بني اسرائيل حتى مرحلة خاتم الأنبياء محمد، لوجدنا كم هي المرأة مُسلعنة وكم هي مجرد آداة متعة ليس إلاّ، مهما تغنت السيرة النبوية بدور فاطمة وعائشة وخديجة وزينب وخولة بنت الأزور وغيرهن.
فما بالك بما يحكي عنه العهد القديم من أساطير عن الأنبياء، خصوصاً عمّا ارتكبه لوط مع بناته حين ثمل، أو ما قام به داوود حين أرسل قائد جيشه أوريا الى معركة لا لزوم لها، لينفرد بزوجته الجميلة،. كذلك قصص النبي محمد وزوجاته الـ 11 وتصوير زواجه من عائشة، وهي في التاسعة من عمرها، كأمر طبيعي لا يزال أغنياء الخليج وبعض بلدان العالم الاسلامي يحتذونه مثلاً، مستغلين العائلات الفقيرة في اليمن ومصر وغيره. يُضاف الى ذلك قصة زواج الرسول محمد من زوجة إبن عمه زيد بعدما أمره بتطليقها، وقصة خالد بن الوليد مع زوجة مالك بن نويرة، الذي قتله “سيف الاسلام” من أجل أن يتزوجها.
كل ذلك، الى جانب نظام الجواري وتعدد الزوجات، والزواجات التي تهدف فقط الى الحصول على اللذة مثل المسيار والمتعة والعرفي والزواج بنية الطلاق – تحدثت عنها في مقالي السابق بعنوان “قليل من الحب»، يبرهن كم هي المرأة في الدين الاسلامي مجرد خطيئة تمشي على رجليها، أو مجرد آداة لامتاع الرجل، ومن هو خبير بطبائع النساء يعرف أن نظرة المرأة للجنس ليست كنظرة الرجل، انما هي نظرة الى الحب بصورته الراقية وشكله المتكامل.
وبالتالي فإن موضوع إنسية المرأة ينبغي أن يكون دائماً على بساط البحث العقلاني في ظل استفحال ظاهرة الأصولية الدينية والسلفية التي تحمل الينا فتاوى غريبة عجيبة هدفها تسهيل جعل المرأة لقمة سائغة لمتعة المشايخ الذين لا يفكرون سوى بشهواتهم ولا يتمتعون بأي حس انساني أو أخلاقي، فإذا كان سفاح القربى مشكلة اجتماعية تربوية موجودة في مجتمعاتنا وفي الغرب ايضاً، فهذا لا يبرر للشيخ السعودي محمد العريفي، أن يفتي بعدم جواز بقاء الاب مع إبنته في البيت اذا كانت زوجته في الخارج، بذريعة مثيرة للقرف والاشمئزاز وهي أن خلوة الأب مع ابنته او الشاب مع شقيقته قد تفتح الباب أمام الشهوة.
هل هناك نظام أكثر سوءاً من نظام كهذا يحاسب على النوايا ويفترض الخطيئة استباقاً وفق ما يعمل الشيطان في رؤوس المشايخ، بينما يتبين أن حصول كوارث أخلاقية على هذا الصعيد لا علاقة له بوازع ديني ولا بمجتمعات معينة، انما هوعلى علاقة بالبيئة الاجتماعية للظاهرة والتربية الأخلاقية التي تتحكم في العائلة المُعرضّة لحالات شاذة مثل هذه. حقاً إن خير أمة أًخرجت للناس لم تبصر النور ما دامت المرأة لا تزال ذلك الكائن الملتبس الذي لم يدخل نادي البشر بعد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق