معمر عطوي
هل تستطيع مبادرات السلام وقف التسلّح النوويّ؟
هل صحيح أنّ تشجيع مبادرات السلام وتحريكها بين الدول المتخاصمة، يحدّان من انتشار أسلحة الدمار الشامل، أم أن هناك أساليب أخرى يمكن من خلالها التوصّل إلى عالم نظيف خالٍ من الترسانات النووية والكيميائية والبيولوجية؟سؤال من المهم طرحه أمام ما يجري في العالم من سباق محموم لامتلاك كل ما يؤدّي إلى التدمير وفناء البشرية.مناسبة هذا السؤال ترجمة كتاب صدر عن اللجنة المعنية بأسلحة الدمار الشامل، التي يرأسها السويدي هانز بليكس، تحت عنوان «أسلحة الرعب ــــ إخلاء العالم من الأسلحة النوويّة والبيولوجية والكيميائية»، والتي قام بها مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.ربما كانت أهمية الكتاب نابعة من المهمّة الصعبة التي أوكلت إلى بليكس قبل غزو العراق، حين كان رئيساً لهيئة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل هناك. لذلك يحاول الدبلوماسي السويدي أن يعطي نظرة شاملة عن مسار العمل الدولي بشأن إخلاء العالم من أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى دور رائد لوزيرة الخارجية السويديّة التي اغتيلت في أيلول من عام 2003، آنا ليند، في إنشاء اللجنة السويدية التي يرأسها اليوم، والتي قامت بوضع هذا الكتاب. يقول عن ظروف تأسيس هذه اللجنة إنه في حزيران من عام 2003، «اتصلت آنا ليند بي وأعربت عن اعتقادها بأنّ الوقت لم يحن فقط لاتّباع السياسات الأوروبية الجديدة، بل أيضاً لفكرة إنشاء لجنة دولية مستقلة لدراسة الكيفية التي يمكن أن يعالج بها العالم مشكلة أسلحة الدمار الشامل. وتساءلت ليند (الحديث هنا أيضاً لبليكس) عما إذا كنت أودّ أن أتولى رئاسة لجنة من هذا القبيل. وقد أجبت بأنني مستعدّ لذلك».ويُحذّّر الدبلوماسي السويدي، الذي عمل وزيراً لخارجية بلاده، من الدرع الصاروخية التي تنوي الولايات المتحدة إقامتها في أوروبا، مشيراً إلى ركود الجهود المبذولة لدعم معاهدات عالمية مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقية الأسلحة البيولوجية والسامّة، والمماطلة في تصديق معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.ويوضح في تمهيده للكتاب أنّ الدرع الصاروخية الأميركية قد تدفع الصين وروسيا لتدابير مضادّة في مجال الأسلحة النووية، «وربما يجري تطوير أسلحة نووية ذات مهمات جديدة في الولايات المتحدة وأنحاء أخرى».ويشير المدير العام الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية (1981 ــــ 1997) إلى أنّ استراتيجية الولايات المتحدة للأمن القومي في عام 2002 أوضحت أنّ واشنطن لها حرية استخدام القوة المسلّحة من دون إذن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، «ليس فقط لصد هجوم وشيك... بل أيضاً لمواجهة تهديد باستخدام أسلحة الدمار الشامل».ويوجز التقرير الذي أعدّته اللجنة السويدية بأنه يستحيل إبطال اختراع أسلحة الدمار الشامل، لكن يمكن تحريمها مثلما حُرّمت الأسلحة البيولوجية والكيميائية، وأصبح استخدامها لا يمكن تصوّره. لذلك، يحاول التقرير تقديم أفكار وتوصيات عن إمكانات المجتمع الدولي والحكومات الوطنية والمجتمع المدني في ترسيخ فكرة منع انتشار الرعب النووي.لقد نجحت معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1968 في جذب عدد كبير من المؤيدين لطروحاتها، بعد اعترافها بالموجة الأولى لخمس دول تمتلك أسلحة نووية، هي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، التي تمتلك حق الفيتو (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا). ولكنها من جهة أخرى لم تمنع إسرائيل والهند وباكستان من تشكيل موجة ثانية، ثم أتت الموجة الثالثة لتحمل دولاً مثل ليبيا والعراق وكوريا الشمالية. أمام هذه الموجات المرشّحة للتزايد، نعود إلى السؤال المشروع عن جدوى تشجيع السلام في ظل سياسة المعايير المزدوجة، التي أسهمت إلى حد كبير في صناعة مناخات الرعب النووي وهاجس الخوف المدمِّر.
هل تستطيع مبادرات السلام وقف التسلّح النوويّ؟
هل صحيح أنّ تشجيع مبادرات السلام وتحريكها بين الدول المتخاصمة، يحدّان من انتشار أسلحة الدمار الشامل، أم أن هناك أساليب أخرى يمكن من خلالها التوصّل إلى عالم نظيف خالٍ من الترسانات النووية والكيميائية والبيولوجية؟سؤال من المهم طرحه أمام ما يجري في العالم من سباق محموم لامتلاك كل ما يؤدّي إلى التدمير وفناء البشرية.مناسبة هذا السؤال ترجمة كتاب صدر عن اللجنة المعنية بأسلحة الدمار الشامل، التي يرأسها السويدي هانز بليكس، تحت عنوان «أسلحة الرعب ــــ إخلاء العالم من الأسلحة النوويّة والبيولوجية والكيميائية»، والتي قام بها مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.ربما كانت أهمية الكتاب نابعة من المهمّة الصعبة التي أوكلت إلى بليكس قبل غزو العراق، حين كان رئيساً لهيئة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل هناك. لذلك يحاول الدبلوماسي السويدي أن يعطي نظرة شاملة عن مسار العمل الدولي بشأن إخلاء العالم من أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى دور رائد لوزيرة الخارجية السويديّة التي اغتيلت في أيلول من عام 2003، آنا ليند، في إنشاء اللجنة السويدية التي يرأسها اليوم، والتي قامت بوضع هذا الكتاب. يقول عن ظروف تأسيس هذه اللجنة إنه في حزيران من عام 2003، «اتصلت آنا ليند بي وأعربت عن اعتقادها بأنّ الوقت لم يحن فقط لاتّباع السياسات الأوروبية الجديدة، بل أيضاً لفكرة إنشاء لجنة دولية مستقلة لدراسة الكيفية التي يمكن أن يعالج بها العالم مشكلة أسلحة الدمار الشامل. وتساءلت ليند (الحديث هنا أيضاً لبليكس) عما إذا كنت أودّ أن أتولى رئاسة لجنة من هذا القبيل. وقد أجبت بأنني مستعدّ لذلك».ويُحذّّر الدبلوماسي السويدي، الذي عمل وزيراً لخارجية بلاده، من الدرع الصاروخية التي تنوي الولايات المتحدة إقامتها في أوروبا، مشيراً إلى ركود الجهود المبذولة لدعم معاهدات عالمية مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقية الأسلحة البيولوجية والسامّة، والمماطلة في تصديق معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.ويوضح في تمهيده للكتاب أنّ الدرع الصاروخية الأميركية قد تدفع الصين وروسيا لتدابير مضادّة في مجال الأسلحة النووية، «وربما يجري تطوير أسلحة نووية ذات مهمات جديدة في الولايات المتحدة وأنحاء أخرى».ويشير المدير العام الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية (1981 ــــ 1997) إلى أنّ استراتيجية الولايات المتحدة للأمن القومي في عام 2002 أوضحت أنّ واشنطن لها حرية استخدام القوة المسلّحة من دون إذن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، «ليس فقط لصد هجوم وشيك... بل أيضاً لمواجهة تهديد باستخدام أسلحة الدمار الشامل».ويوجز التقرير الذي أعدّته اللجنة السويدية بأنه يستحيل إبطال اختراع أسلحة الدمار الشامل، لكن يمكن تحريمها مثلما حُرّمت الأسلحة البيولوجية والكيميائية، وأصبح استخدامها لا يمكن تصوّره. لذلك، يحاول التقرير تقديم أفكار وتوصيات عن إمكانات المجتمع الدولي والحكومات الوطنية والمجتمع المدني في ترسيخ فكرة منع انتشار الرعب النووي.لقد نجحت معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1968 في جذب عدد كبير من المؤيدين لطروحاتها، بعد اعترافها بالموجة الأولى لخمس دول تمتلك أسلحة نووية، هي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، التي تمتلك حق الفيتو (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا). ولكنها من جهة أخرى لم تمنع إسرائيل والهند وباكستان من تشكيل موجة ثانية، ثم أتت الموجة الثالثة لتحمل دولاً مثل ليبيا والعراق وكوريا الشمالية. أمام هذه الموجات المرشّحة للتزايد، نعود إلى السؤال المشروع عن جدوى تشجيع السلام في ظل سياسة المعايير المزدوجة، التي أسهمت إلى حد كبير في صناعة مناخات الرعب النووي وهاجس الخوف المدمِّر.
*من أسرة الأخبار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق