معمر عطوي
لم يكن حسن الخميني، الحفيد الوحيد لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني، الذي ينضم إلى قافلة منتقدي اللجنة الموكلة قبول الترشيحات للانتخابات التشريعية المقبلة في البلاد. فقد سبقه ابنا عمته علي وزهراء إشراقي الى انتقاد هذه اللجنة التي يسيطر عليها المحافظون بسبب رفضها لعدد كبير من المرشحين الإصلاحيين.المفارقة في هذه المعارضة «الخمينية» لنظام يدعِّي حفظ خط الإمام، أن الجمهورية الإسلامية، رغم بعض القيود التي ينّص عليها الدستور والتي تجعل أبرز وأهم الصلاحيات في يد المرشد الأعلى للثورة، قد نجحت في تجنُّب اعتماد «الوراثية السياسية» على غرار العديد من الأنظمة العربية المجاورة لها.وحسن الخميني، الذي توفي والده أحمد بنوبة قلبية عام 1994 وقتل عمه مصطفى على أيدي رجال الاستخبارات الشاهنشاهية «السافاك» عام 1978، يعمل بمثابة «حارس» لمرقد الإمام ولا يملك أي منصب سياسي. لكن ضراوة المعركة الانتخابية بين المحافظين (الأصوليين) والإصلاحيين، أخرجته عن صمته ليُعرب عن سخطه من المناخ السياسي السائد، في ظل استبعاد حوالى 2000 مرشح إصلاحي عن الانتخابات التي تُجرى في 14 آذار المقبل.لعل هذه التعددية في فهم «خط الإمام»، التي تتلفّح على تنوعها بعباءة الخميني، هي دليل صحي على الممارسة السياسية في ظل النظام الإسلامي، الذي يوحي فيه المحافظون أنهم الأقرب بتشددهم الى مؤسس الثورة، فيما يتخذ حفيد هذا المؤسس خطاً مختلفاً باستقباله قادة جبهة المشاركة الإصلاحية، واصفاً ما يجري على صعيد منع ترشيحات بقوله «هذه المقصلة لم تطل رؤوسكم فقط بل طاولت أيضاً رؤوس العديد من الأصدقاء في جميع شرائح المجتمع وهذا أمر مؤسف».حسن الخميني، الذي خرج عن صمته السياسي، تجاوز بانتقاده اللجنة المشرفة على قبول المرشحين الى الحرس الثوري، إذ رفض تدخُّل العسكريين في السياسة، في ردٍّ على ما أعلنه قائد الحرس الثوري، الجنرال محمد علي جعفري عن دعمه للمحافظين. وقال «هذا هو أحد معايير الوفاء لخط الإمام الخميني. إذا أراد عسكري ما دخول السياسة، فعليه أن ينسى كل ما هو عسكري لأن وجود البندقية في السياسة يعني نهاية أي حوار».لقد أثبت النظام الإسلامي، رغم ما فيه من ثُغَر وتعقيدات، بعده عن المحسوبيات المبنية على حسابات عائلية. تجلَّى هذا البعد الأسبوع الماضي، حين استبعدت لجنة صيانة الدستور ترشيح المهندس علي إشراقي، نجل ابنة الخميني، السيدة صديقة مصطفوي زوجة آية الله شهاب الدين اشراقي.وبدا أن عائلة الخميني في ظل هذا النظام لا تتمتع بأيّ حصانة، رغم سيطرة المحافظين الذين يزايدون على غيرهم بتمسكهم بنهج المؤسس. ذلك أن حفيد هذا المؤسس نفسه خضع قبيل الانتخابات لمراقبة مشددة تتعلق بسلوكياته الفردية. «جيراني أبلغوني بأنهم سئلوا عن حياتي الخاصة بما في ذلك ... إن كنت أحلق ذقني وما إذا كنت أصوم أو أصلي أو أدخن».المهندس الشاب، الذي كان طفلاً في الثانية عشرة من عمره حين أسقاط جدّه نظام الشاه قبل 29 سنة، أوضح أنه لا يريد أن يعترض علناً على قرار مجلس صيانة الدستور كي لا يسيء الى اسم عائلته.لكن شقيقته زهراء اشراقي كانت أكثر صدامية مع المحافظين، حين دعت إلی احتجاج الإصلاحيين علی اللجان المشرفة على الانتخابات، رافضةً المقاطعة في الظروف الراهنة. وانتقدت زوجة شقيق الرئيس السابق محمد خاتمي، رضا خاتمي، التي ترأس لجنة الشباب في تحالف الإصلاحيين، حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد بإلغاء ترشيح الآلاف من الإصلاحيين، وفي مقدمتهم زوجها الذي يرأس حزب جبهة المشاركة الإسلامية.وكانت زهراء، التي استُبعِدت عن الانتخابات في دورة عام 2004، قد انتقدت بشدة في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» في حزيران العام الماضي، الرداء الأسود الذي فرضته الثورة على النساء، «التشادور، لأنه فرض على النساء ارتداؤه في الأماكن الحكومية وبعض مدارس البنات». وبدا تميُّز زهراء عن جدها حين عبّرت بكل صراحة أنها تخالف رأيه الفقهي بشأن الغناء وترقص في البيت وترنّم الأغاني.
الاخبار-الاثنين ١١ شباط ٢٠٠٨
لم يكن حسن الخميني، الحفيد الوحيد لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني، الذي ينضم إلى قافلة منتقدي اللجنة الموكلة قبول الترشيحات للانتخابات التشريعية المقبلة في البلاد. فقد سبقه ابنا عمته علي وزهراء إشراقي الى انتقاد هذه اللجنة التي يسيطر عليها المحافظون بسبب رفضها لعدد كبير من المرشحين الإصلاحيين.المفارقة في هذه المعارضة «الخمينية» لنظام يدعِّي حفظ خط الإمام، أن الجمهورية الإسلامية، رغم بعض القيود التي ينّص عليها الدستور والتي تجعل أبرز وأهم الصلاحيات في يد المرشد الأعلى للثورة، قد نجحت في تجنُّب اعتماد «الوراثية السياسية» على غرار العديد من الأنظمة العربية المجاورة لها.وحسن الخميني، الذي توفي والده أحمد بنوبة قلبية عام 1994 وقتل عمه مصطفى على أيدي رجال الاستخبارات الشاهنشاهية «السافاك» عام 1978، يعمل بمثابة «حارس» لمرقد الإمام ولا يملك أي منصب سياسي. لكن ضراوة المعركة الانتخابية بين المحافظين (الأصوليين) والإصلاحيين، أخرجته عن صمته ليُعرب عن سخطه من المناخ السياسي السائد، في ظل استبعاد حوالى 2000 مرشح إصلاحي عن الانتخابات التي تُجرى في 14 آذار المقبل.لعل هذه التعددية في فهم «خط الإمام»، التي تتلفّح على تنوعها بعباءة الخميني، هي دليل صحي على الممارسة السياسية في ظل النظام الإسلامي، الذي يوحي فيه المحافظون أنهم الأقرب بتشددهم الى مؤسس الثورة، فيما يتخذ حفيد هذا المؤسس خطاً مختلفاً باستقباله قادة جبهة المشاركة الإصلاحية، واصفاً ما يجري على صعيد منع ترشيحات بقوله «هذه المقصلة لم تطل رؤوسكم فقط بل طاولت أيضاً رؤوس العديد من الأصدقاء في جميع شرائح المجتمع وهذا أمر مؤسف».حسن الخميني، الذي خرج عن صمته السياسي، تجاوز بانتقاده اللجنة المشرفة على قبول المرشحين الى الحرس الثوري، إذ رفض تدخُّل العسكريين في السياسة، في ردٍّ على ما أعلنه قائد الحرس الثوري، الجنرال محمد علي جعفري عن دعمه للمحافظين. وقال «هذا هو أحد معايير الوفاء لخط الإمام الخميني. إذا أراد عسكري ما دخول السياسة، فعليه أن ينسى كل ما هو عسكري لأن وجود البندقية في السياسة يعني نهاية أي حوار».لقد أثبت النظام الإسلامي، رغم ما فيه من ثُغَر وتعقيدات، بعده عن المحسوبيات المبنية على حسابات عائلية. تجلَّى هذا البعد الأسبوع الماضي، حين استبعدت لجنة صيانة الدستور ترشيح المهندس علي إشراقي، نجل ابنة الخميني، السيدة صديقة مصطفوي زوجة آية الله شهاب الدين اشراقي.وبدا أن عائلة الخميني في ظل هذا النظام لا تتمتع بأيّ حصانة، رغم سيطرة المحافظين الذين يزايدون على غيرهم بتمسكهم بنهج المؤسس. ذلك أن حفيد هذا المؤسس نفسه خضع قبيل الانتخابات لمراقبة مشددة تتعلق بسلوكياته الفردية. «جيراني أبلغوني بأنهم سئلوا عن حياتي الخاصة بما في ذلك ... إن كنت أحلق ذقني وما إذا كنت أصوم أو أصلي أو أدخن».المهندس الشاب، الذي كان طفلاً في الثانية عشرة من عمره حين أسقاط جدّه نظام الشاه قبل 29 سنة، أوضح أنه لا يريد أن يعترض علناً على قرار مجلس صيانة الدستور كي لا يسيء الى اسم عائلته.لكن شقيقته زهراء اشراقي كانت أكثر صدامية مع المحافظين، حين دعت إلی احتجاج الإصلاحيين علی اللجان المشرفة على الانتخابات، رافضةً المقاطعة في الظروف الراهنة. وانتقدت زوجة شقيق الرئيس السابق محمد خاتمي، رضا خاتمي، التي ترأس لجنة الشباب في تحالف الإصلاحيين، حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد بإلغاء ترشيح الآلاف من الإصلاحيين، وفي مقدمتهم زوجها الذي يرأس حزب جبهة المشاركة الإسلامية.وكانت زهراء، التي استُبعِدت عن الانتخابات في دورة عام 2004، قد انتقدت بشدة في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» في حزيران العام الماضي، الرداء الأسود الذي فرضته الثورة على النساء، «التشادور، لأنه فرض على النساء ارتداؤه في الأماكن الحكومية وبعض مدارس البنات». وبدا تميُّز زهراء عن جدها حين عبّرت بكل صراحة أنها تخالف رأيه الفقهي بشأن الغناء وترقص في البيت وترنّم الأغاني.
الاخبار-الاثنين ١١ شباط ٢٠٠٨
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق