معمر عطوي
إذن هي حرب أضرحة في سوريا ليس إلاّ!!. ليس هناك أطماع تركية في أرض
الشام ولا هناك نية لحزب الله بتعزيز موطيء قدم الإيرانيين على حدود لبنان
الشرقية، ولا نية لـ “للداعشيين” و”النصرويين” ومن خلفهم السعودية وقطر
بتحرير أرض الرباط من نظام بشار الأسد. كل ما في الأمر أن أكثر من 5 مليون
مشرّد وعشرات آلاف القتلى والجرحى، ومئات البيوت والمصانع المُدمّرة، وكل
هذا الرعب والخوف والخراب من أجل ثلاثة أضرحة، أصبحت “عظام أصحابها مكاحل”
كما يقول المثل اللبناني.
الأتراك في سوريا من أجل الدفاع عن ضريح إبن
قتلمش والد أرطغل جد عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية سنة 1299. وحسب
معاهدة أنقرة الموقعة بين تركيا وفرنسا (في عهد الاحتلال الفرنسي لسوريا)
سنة 1921، تم الاتفاق على أن ضريح سليمان شاه هو تحت السيادة التركية في
محافظة الرقة السورية حيث يُقال إنه دفن هناك بعدما غرق في نهر الفرات،
وحالياً يُعتبر هذا المزار، الأرض الوحيدة ذات السيادة التركية خارج حدود
الدولة. يسهر على حمايته جنود أتراك.
أما قبر السيدة زينب أو “مقام الست
زينب” في ريف دمشق، فهو كما تقول الروايات يعود للسيدة زينب بنت الإمام علي
وحفيدة الرسول محمد من ابنته فاطمة. بعد واقعة كربلاء في العراق بين بني
أمية وأتباع الإمام الحسين بن علي الذي استشهد يومها، مر بنو أمية بالسبايا
وكانت زينب بينهن فأغمي عليها في هذه المنطقة من الشام ولفظت أنفاسها
ودفنت فيها.
وفي مدينة حمص السورية، قبر الصحابي خالد بن الوليد بن
المغيرة، ينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي محمد وصاحبه
الخليفة الأول أبو بكر الصديق. خالد الذي قاتل الروم والفرس وقام بمعارك
عديدة وفتوحات، تُوفِّي في حمص في سنة 642 ميلادية.
هم أشخاص ثلاثة بشر
مثلنا، لكن لكل منهم خصوصيته واحترامه الذي ينبع من موقعه الديني ودوره
التاريخي ونسبه البيولوجي. لكن أن تكون قبور هؤلاء ذريعة لدمار بلد كامل
فهي المأساة بعينها.
كيف لا تكون مأساة وجريمة بحق البشر والحجر، أن نجعل
الأموات أولى من الأحياء وقبورهم المادية أقدس من دم أي طفل سوري؟!! تركيا
تحذّر السلفيين “الجهاديين” من المس بالقبر كذريعة لتدخلها في سوريا وتحقيق
خطة عمل نسجتها مع دوائر استخباراتية لا يعلم بها الا الله والراسخون في
علم الماسونية.
“الجهاديون” يحذرون حزب الله أو “حزب الشيطان” كما يسمونه
من مس قبر “سيف الله خالد” رغم أنهم لا يؤمنون بتقديس المقابر ويحرّمون
زيارتها. لكن لا بد من ذريعة لاستكمال حربهم المشبوهة على الشيعة فقط لأنهم
شيعة “رافضة”.
وفي المنحى نفسه، يتذرع حزب الله والإيرانيون وبعض
التنظيمات الشيعية العراقية بحماية مقام حفيدة الرسول وإبنة الإمام علي،
ليشنوا حربهم على “الارهاب التكفيري” الذي أصبح لازمة يكررونها بالتناغم من
واشنطن حتى طهران مروراً ببغداد ودمشق وصنعاء والقاهرة، مع أن الهدف ليس
سوى تعزيز موطْيء قدم الفرس في بلاد الشام.
إذا تحدثنا من منظور إسلامي،
فالقاعدة الشرعية تقول بجلب المصالح ودرء المفاسد، وانطلاقاً من هذه
القاعدة يقول الحديث الشريف “أن تُهدَم الكعبة خير من أن يُهرق دم مسلم”.
إذاً المسألة ليست مقامات ولا قبور ولا مقدسات، إنما هي مصالح سياسية
مرتبطة بإمدادات وسائل الطاقة والنفط والمواقع الجيوستراتيجية لكل دولة من
دول المنطقة؛ خصوصاً ايران وتركيا وروسيا والسعودية وقطر واسرائيل.
أما
الحديث عن القبور فما هي الا كذبة أول نيسان الذي نعيشه اليوم، مادة دسمة
لإقناع البشر بالموت من أجل الفكرة ومن أجل ما يعتبرونه مقدّساً، لتحقيق
مصالحهم. أليس الانسان ودمه وحياته هي القداسة التي ينبغي أن ندافع عنها
سواء من منظر ديني أو انساني؟ بأي ذنب يقتل الشعب السوري؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق