معمر عطوي
يمكن وصف كتاب «قيادات وهزائم» للكاتب الصحافي نهاد حشيشو، الصادر عن دار عشتروت في بيروت، بالسيرة الذاتية التي تؤرّخ لمراحل سياسية وتحوّلات ليس فقط على الساحة اللبنانية التي كان حشيشو أحد الناشطين في «معمعتها»، بل أيضاً على المستوى الدولي من خلال معايشته لظروف بعض دول المعسكر الاشتراكي، ولا سيما ألمانيا (الشرقية)، التي درس في جامعاتها، وتزوّج فيها ريناتا، التي أنجبت ابنهما زياد.يبدو حشيشو في كتابه السردي التأريخي، الذي يقترب من نوع الرواية من دون أن يتمتّع بتقنيّتها الأدبية، ذلك المناضل الذي مُني مثل الكثيرين من أقرانه بهزائم القيادات «الوطنية والقومية» وسقوط أحلام الماركسية، لينتقل من يسار الوسط إلى اليمين، ليصبح السؤال الأساسي، الذي يمكن استشفافه عند كل محطة من محطات الهزيمة العربية، وعند كل سقطة من سقطات القادة «سؤال كبير ومحير، ومثير، كما العديد من الجنسيات: لماذا نحن محكومون بهذا القدر الكبير المتواصل والمتمادي من الهزائم؟ وإلى متى؟ ومن هم المسؤولون عن كل ما جرى ويجري لبلداننا وشعوبنا، خلال هذه العقود الطويلة والمملّة من الزمن؟».تجربة غنيّة تتأرجح بين البعد الإنساني الحميمي العاطفي والبعد السياسي الحزبي وتحوّلاته. تجربة عرّفته على قيادات وشخصيات كان مصيرها السقوط، من بينها صدام حسين وبعض قادة اليسار العربي والأوروبي.ينشأ الكاتب في بيئة صيداوية محافطة، ليعايش أحداثاً وتحوّلات عصفت بالعالم بدءاً من نكبة فلسطين وتداعياتها، مروراً بسقوط الاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الاشتراكي، وصولاً إلى أزمات لبنان المتتالية وقضية تحرير جنوب لبنان في عام 2000.يحاول الكاتب من خلال عرض أبرز محطّات نضاله مع الحزب الشيوعي اللبناني وعلاقاته مع تيارات يسارية عديدة، رسم مسار طويل لم يوفَّق أحياناً في الحفاظ على سياقه، يبدأ من رؤية ماركسية ثورية للتغيير ثم ما يلبث أن يتذبذب بين أممية شيوعية وقومية عربية، كان أحد تجلّياتها عمله مع التنظيم الشعبي الناصري رغم تأكيده أنه لم يكن ناصرياً، وصولاً إلى انخراطه في الحملة الانتخابية للنائبة بهية الحريري.كان نهاد حشيشو واضحاً في سرديته، لجهة عدم خضوعه لسطوة الأيديولوجيا، بل بدا أنّه كان يسعى إلى العمل والنشاط السياسي، برؤية نقدية لن توفّر حتى أقرب المقرّبين منه. لهذا كان في مراحل عديدة مثال الحزبي الناشط على مستوى العلاقات والاتصالات والمبادرات السياسية رغم عدم التزامه تنطيمياً بالحزب الشيوعي الذي غادره مبكراً كعضو، لكنه ظلّ ملازماً له في فكره وعلاقاته ونشاطاته. ربما وفّرت له هذه العلاقات مناخات مكّنته من رصد الأداء السياسي للقيّمين على التجربة الشيوعية التي كانت محلّ نقده في أحيان كثيرة، ولا سيما خلال إقامته في ألمانيا الشرقية، قبل أن يتحوّل إلى عضو ناشط في الحركة الوطنية اللبنانية أثناء الحرب الأهلية، حيث بدأت تظهر التحولات الجذرية في قناعاته السياسية
يمكن وصف كتاب «قيادات وهزائم» للكاتب الصحافي نهاد حشيشو، الصادر عن دار عشتروت في بيروت، بالسيرة الذاتية التي تؤرّخ لمراحل سياسية وتحوّلات ليس فقط على الساحة اللبنانية التي كان حشيشو أحد الناشطين في «معمعتها»، بل أيضاً على المستوى الدولي من خلال معايشته لظروف بعض دول المعسكر الاشتراكي، ولا سيما ألمانيا (الشرقية)، التي درس في جامعاتها، وتزوّج فيها ريناتا، التي أنجبت ابنهما زياد.يبدو حشيشو في كتابه السردي التأريخي، الذي يقترب من نوع الرواية من دون أن يتمتّع بتقنيّتها الأدبية، ذلك المناضل الذي مُني مثل الكثيرين من أقرانه بهزائم القيادات «الوطنية والقومية» وسقوط أحلام الماركسية، لينتقل من يسار الوسط إلى اليمين، ليصبح السؤال الأساسي، الذي يمكن استشفافه عند كل محطة من محطات الهزيمة العربية، وعند كل سقطة من سقطات القادة «سؤال كبير ومحير، ومثير، كما العديد من الجنسيات: لماذا نحن محكومون بهذا القدر الكبير المتواصل والمتمادي من الهزائم؟ وإلى متى؟ ومن هم المسؤولون عن كل ما جرى ويجري لبلداننا وشعوبنا، خلال هذه العقود الطويلة والمملّة من الزمن؟».تجربة غنيّة تتأرجح بين البعد الإنساني الحميمي العاطفي والبعد السياسي الحزبي وتحوّلاته. تجربة عرّفته على قيادات وشخصيات كان مصيرها السقوط، من بينها صدام حسين وبعض قادة اليسار العربي والأوروبي.ينشأ الكاتب في بيئة صيداوية محافطة، ليعايش أحداثاً وتحوّلات عصفت بالعالم بدءاً من نكبة فلسطين وتداعياتها، مروراً بسقوط الاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الاشتراكي، وصولاً إلى أزمات لبنان المتتالية وقضية تحرير جنوب لبنان في عام 2000.يحاول الكاتب من خلال عرض أبرز محطّات نضاله مع الحزب الشيوعي اللبناني وعلاقاته مع تيارات يسارية عديدة، رسم مسار طويل لم يوفَّق أحياناً في الحفاظ على سياقه، يبدأ من رؤية ماركسية ثورية للتغيير ثم ما يلبث أن يتذبذب بين أممية شيوعية وقومية عربية، كان أحد تجلّياتها عمله مع التنظيم الشعبي الناصري رغم تأكيده أنه لم يكن ناصرياً، وصولاً إلى انخراطه في الحملة الانتخابية للنائبة بهية الحريري.كان نهاد حشيشو واضحاً في سرديته، لجهة عدم خضوعه لسطوة الأيديولوجيا، بل بدا أنّه كان يسعى إلى العمل والنشاط السياسي، برؤية نقدية لن توفّر حتى أقرب المقرّبين منه. لهذا كان في مراحل عديدة مثال الحزبي الناشط على مستوى العلاقات والاتصالات والمبادرات السياسية رغم عدم التزامه تنطيمياً بالحزب الشيوعي الذي غادره مبكراً كعضو، لكنه ظلّ ملازماً له في فكره وعلاقاته ونشاطاته. ربما وفّرت له هذه العلاقات مناخات مكّنته من رصد الأداء السياسي للقيّمين على التجربة الشيوعية التي كانت محلّ نقده في أحيان كثيرة، ولا سيما خلال إقامته في ألمانيا الشرقية، قبل أن يتحوّل إلى عضو ناشط في الحركة الوطنية اللبنانية أثناء الحرب الأهلية، حيث بدأت تظهر التحولات الجذرية في قناعاته السياسية
الأخبار17-10-07
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق