معمر عطوي
ليست مُصادفة أن يصل إلى منصب الرئاسة في إيران رجلُ دبلوماسي موصوف بالاعتدال مدعوم من الإصلاحيين والوسطيين، رغم انبراء ثلاثة مرشحين أصوليين من الوزن الثقيل على حلبة المنافسة.
.إذا سلمنا جدلاً أن القرار النهائي في القضايا الكبرى يعود للمرشد الأعلى علي خامنئي، ألم يكن بمقدور “الولي الفقيه” أن يطلب من اثنين من المرشحين الأصوليين التنازل لحصر الأصوات المحافظة في سلة واحدة تمهيداً لوصول رئيس اصولي قريب من خامنئي؟
الواقع أن وصول كبير المفاوضين النووين الأسبق الى قصر الرئاسة، لم يكن مصادفة ولا مفاجئة، لأن كل التكتيكات التي اعتُمِدت بدءًا من قبول ترشّح كل من المرشحين الوسطيين روحاني ومحمد رضا عارف، مروراً برفض ترشّح شخصية وسطية بحجم علي أكبر هاشمي رفسنجاني، واعتكاف الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وانسحاب عارف لمصلحة روحاني، وصولاً إلى استمرار وزير الخارجية الأسبق علي ولايتي وعمدة طهران محمد باقر قاليباف وأمين المجلس الأعلى للأمن الفقومي سعيد جليلي، تصب في ايصال “الشيخ الدبلوماسي” الى الرئاسة.
أما عن السبب الذي جعل كل الظروف مساعدة لهذا الوصول، فربما يتعلق بتغيير تكتيكي في السياسة الخارجية الإيرانية، كون الرجل اشتهر أثناء تسلمه الملف النووي بين عامي 2003 و2005، في حوار مع الترويكا الأوروبية آنذاك (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بمواقف دبلوماسية مرنة وصلت بطهران الى اتخاذ قرار بتجميد العمل ببرنامجها النووي. قرار عاد وأصبح من المحرّمات في ظل ولايتي الرئيس محمود أحمدي نجاد ( 2005-2013).
لا تعني هذه المرونة والدبلوماسية أو قرب الرجل من الرئيسين السابقين خاتمي ورفسنجاني، أن روحاني خارج أطر النظام الإسلامي، بل على العكس هو بالدرجة الأولى رجل دين محسوب على الملالي بعمته الدينية وثوبه الكهنوتي. وهو ابن النظام الذي كان وفياً دائماً لمبادئ مؤسس الجمهورية الاسلامية الإمام روح الله الموسوي الخميني. جمع ولا يزال بين مهمات عديدة كلها مرتبطة بالنظام الإسلامي، بدءاً من مشاركته في الثورة مع الرعيل الأول وملاحقته من جهاز أمن الشاه (السافاك) مروراً بمشاركته في تأسيس الجيش وقوى الأمن ومؤسسات الدولة الاسلامية وتبوئه مراكز حساسة وعضويته في البرلمان لمدة خمس ولايات (1980- 2000) وشغله مهمة ممثل قائد الثورة الإسلامية لدى المجلس الأعلى للأمن القومي ثم أمانة المجلس لمدة 16 عاماً بين 1989 و2005، كما عين مستشاراً للرئيسين رفسنجاني وخاتمي للأمن القومي لمدة 13 عاماً.
ولعل ما بقي من مناصب روحاني (64 عاماً) عضويته في مجلس الخبراء، وترؤسه مركز الأبحاث الاستراتيجية في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو أحد الأجهزة الاستشارية العليا للمرشد الأعلى.
لعل شخصية الرئيس الجديد المُنفتح، المتقن لخمس لغات أجنبية (العربية والألمانية والإنغليزية والفرنسية والروسية)، ما يشيرالى إمكانيات تفاهم مع محيطه العربي ومع الروس حلفاء إيران ومع خصومها في الغرب الذي يفاوض بلاده حول برنامجها النووي. رئيس مقبول من غالبية الشعب الايراني (50 في المئة من الأصوات) بمحافظيه وإصلاحييه في ظل البحث عن مخلّص من الأزمات في رابع دولة تملك أكبر احتياطات نفطية في العالم.
إذن كل هذه الصفات تجعل روحاني الرجل المطلوب ايرانياً وعالمياً، حاجة ايرانية داخلية لتخفيف الضغط وتداعيات الحصار بما ينعكس ايجاباً على الوضع الاقتصادي، وحاجة دولية لخرق جدار الصلابة في الموقف النووي الذي يمثله جليلي.
انطلاقاً من هذه المعطيات، وفيما تحولت الأمور بين المعسكر الذي تنتمي اليه ايران والمعسكر الآخر حرباً ساخنة على أكثر من جبهة، خصوصاً سوريا، وفي ظل وصول الأمور الى حافة الهاوية وتورط أدوات مثل حزب الله والسلفيين في مستنقع الحرب الدولية الباردة، يصبح الحديث عن تسويات حاجة أكثر من مُلّحة. إذ ان الدفع الى ذروة التصعيد يعني الحصول على مكاسب أكثر في بازار توزيع المغانم.
وفيما يبدو أن الولايات المتحدة قد فككت بعض القنابل الموقوتة في علاقاتها مع الصين، وعلى وشك عقد صفقة مع روسيا تلوّمها فيها منطقة الرشق الأوسط مقابل اطلاق يدها في شرق آسيا، وبينما تصدر بين الحين والآخر اشارات عن اكثر من طرف اقليمي ودولي أن الحرب ليست من مصلحة أي دولة أو جهة، هل يكون حسن روحاني رجل التسويات المقبل؟
ليست مُصادفة أن يصل إلى منصب الرئاسة في إيران رجلُ دبلوماسي موصوف بالاعتدال مدعوم من الإصلاحيين والوسطيين، رغم انبراء ثلاثة مرشحين أصوليين من الوزن الثقيل على حلبة المنافسة.
.إذا سلمنا جدلاً أن القرار النهائي في القضايا الكبرى يعود للمرشد الأعلى علي خامنئي، ألم يكن بمقدور “الولي الفقيه” أن يطلب من اثنين من المرشحين الأصوليين التنازل لحصر الأصوات المحافظة في سلة واحدة تمهيداً لوصول رئيس اصولي قريب من خامنئي؟
الواقع أن وصول كبير المفاوضين النووين الأسبق الى قصر الرئاسة، لم يكن مصادفة ولا مفاجئة، لأن كل التكتيكات التي اعتُمِدت بدءًا من قبول ترشّح كل من المرشحين الوسطيين روحاني ومحمد رضا عارف، مروراً برفض ترشّح شخصية وسطية بحجم علي أكبر هاشمي رفسنجاني، واعتكاف الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وانسحاب عارف لمصلحة روحاني، وصولاً إلى استمرار وزير الخارجية الأسبق علي ولايتي وعمدة طهران محمد باقر قاليباف وأمين المجلس الأعلى للأمن الفقومي سعيد جليلي، تصب في ايصال “الشيخ الدبلوماسي” الى الرئاسة.
أما عن السبب الذي جعل كل الظروف مساعدة لهذا الوصول، فربما يتعلق بتغيير تكتيكي في السياسة الخارجية الإيرانية، كون الرجل اشتهر أثناء تسلمه الملف النووي بين عامي 2003 و2005، في حوار مع الترويكا الأوروبية آنذاك (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بمواقف دبلوماسية مرنة وصلت بطهران الى اتخاذ قرار بتجميد العمل ببرنامجها النووي. قرار عاد وأصبح من المحرّمات في ظل ولايتي الرئيس محمود أحمدي نجاد ( 2005-2013).
لا تعني هذه المرونة والدبلوماسية أو قرب الرجل من الرئيسين السابقين خاتمي ورفسنجاني، أن روحاني خارج أطر النظام الإسلامي، بل على العكس هو بالدرجة الأولى رجل دين محسوب على الملالي بعمته الدينية وثوبه الكهنوتي. وهو ابن النظام الذي كان وفياً دائماً لمبادئ مؤسس الجمهورية الاسلامية الإمام روح الله الموسوي الخميني. جمع ولا يزال بين مهمات عديدة كلها مرتبطة بالنظام الإسلامي، بدءاً من مشاركته في الثورة مع الرعيل الأول وملاحقته من جهاز أمن الشاه (السافاك) مروراً بمشاركته في تأسيس الجيش وقوى الأمن ومؤسسات الدولة الاسلامية وتبوئه مراكز حساسة وعضويته في البرلمان لمدة خمس ولايات (1980- 2000) وشغله مهمة ممثل قائد الثورة الإسلامية لدى المجلس الأعلى للأمن القومي ثم أمانة المجلس لمدة 16 عاماً بين 1989 و2005، كما عين مستشاراً للرئيسين رفسنجاني وخاتمي للأمن القومي لمدة 13 عاماً.
ولعل ما بقي من مناصب روحاني (64 عاماً) عضويته في مجلس الخبراء، وترؤسه مركز الأبحاث الاستراتيجية في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهو أحد الأجهزة الاستشارية العليا للمرشد الأعلى.
لعل شخصية الرئيس الجديد المُنفتح، المتقن لخمس لغات أجنبية (العربية والألمانية والإنغليزية والفرنسية والروسية)، ما يشيرالى إمكانيات تفاهم مع محيطه العربي ومع الروس حلفاء إيران ومع خصومها في الغرب الذي يفاوض بلاده حول برنامجها النووي. رئيس مقبول من غالبية الشعب الايراني (50 في المئة من الأصوات) بمحافظيه وإصلاحييه في ظل البحث عن مخلّص من الأزمات في رابع دولة تملك أكبر احتياطات نفطية في العالم.
إذن كل هذه الصفات تجعل روحاني الرجل المطلوب ايرانياً وعالمياً، حاجة ايرانية داخلية لتخفيف الضغط وتداعيات الحصار بما ينعكس ايجاباً على الوضع الاقتصادي، وحاجة دولية لخرق جدار الصلابة في الموقف النووي الذي يمثله جليلي.
انطلاقاً من هذه المعطيات، وفيما تحولت الأمور بين المعسكر الذي تنتمي اليه ايران والمعسكر الآخر حرباً ساخنة على أكثر من جبهة، خصوصاً سوريا، وفي ظل وصول الأمور الى حافة الهاوية وتورط أدوات مثل حزب الله والسلفيين في مستنقع الحرب الدولية الباردة، يصبح الحديث عن تسويات حاجة أكثر من مُلّحة. إذ ان الدفع الى ذروة التصعيد يعني الحصول على مكاسب أكثر في بازار توزيع المغانم.
وفيما يبدو أن الولايات المتحدة قد فككت بعض القنابل الموقوتة في علاقاتها مع الصين، وعلى وشك عقد صفقة مع روسيا تلوّمها فيها منطقة الرشق الأوسط مقابل اطلاق يدها في شرق آسيا، وبينما تصدر بين الحين والآخر اشارات عن اكثر من طرف اقليمي ودولي أن الحرب ليست من مصلحة أي دولة أو جهة، هل يكون حسن روحاني رجل التسويات المقبل؟
برس نت 2013/06/17
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق