معمر عطوي
ثمة الكثير من نماذج دونكيشوت في هذا العالم، والأدهى من ذلك أن أبطال رواية الكاتب الإسباني سرفانتس موجودون في كل الدوائر الإجتماعية والسياسية حتى على أضيق النطاقات.
وهم يخوضون معاركهم الوهمية غير أبهين اذا خسروا أنفسهم وعائلاتهم.
يحدثونك في التغيير على مستويات عليا هي أقرب الى الحديث عن أمور طوباويةأقرب الى الطوباية: تحقيق النظام الاشتراكي والاستغناء عن الدول، تأسيس الخلافة الإسلامية، التمهيد لظهور دولة المهدي وتحقيق العدل الإلهي، تحقيق الحلم بدولة قومية تجمع أخوة الدم في كيان سياسي اقتصادي واحد، تأسيس دولة الحرية والديموقراطية المُطلقة، الخ.
أحلام واسعة بوسع طموحات دونكيشوت، أو أكبر من خيال سرفانتس تجدها وسط إمكانيات جد متواضعة هي أكثر ملائمة لتحقيق أمور معيشية صغيرة لكنها ضرورية جداً، مثل حاجات الأسرة من مأكل وملبس وتعليم وطبابة وتربية.
دونكيشوت هذا الذي يريد أن يغيّر العالم من مقعده في البيت، حيث أولاده يفتقدون لأبسط حقوقهم، هو نموذج الإنسان الفاشل الذي لم يستطع كسب ود أطفاله لغياب ثقافة تربوية استيعابية عن عقله، فهرب إلى الأمام على نحو غير مسبوق فبات يتحدث في السياسة ويحلل ويناقش ويجادل ويشتم وكأنه قد ملك زمام الحقيقة، على طريقة الأحمق في المثل الروسي الذي يقول دائماً “وجدت الحقيقة”.
وإذا باشرت معه حديثاً في الاقتصاد فهو أهم من مالتوس وآدم سميث وكارل ماركس. أما في الدين فهو العلامة المُحدّث الذي لا يفوته آية قرآنية أو حديث نبوي، فتراه يتحدث وقد اشتد عصبه واحمّر وجهه وعلا ضغط الدم والشرايين وكادت عروق رقبته تتفجّر، ملقياً الأحكام على غيره بالكفر والشرك والضلال، واهماُ نفسه بأنه خليفة الله على الأرض والمُوكل بمحاسبة البشر وتحقيق الدولة الدينية.
هو دونكيشوت الفاشل الذي لم يستطع أن يؤمّن أبسط متطلبات عائلته، يخرج علينا شاهراً سيف تكبّره وادّعائاته وأكاذيبه حول تاريخ حافل بالبطولات الوهمية.
هو دونكيشوت الفاشل الذي لا يستحق أن يعيش بين البشر، لأنه قد جهل أن الانسان اذا لم ينجح على صعيده الشخصي الضيق فمن المستحيل أن يكون ناجحاً على المستوى العام. وحتى لو نجح في بعض قطاعات الشأن العام فلن يكون ناجحاً على مستوى تكوين أسرة نموذجية تتحلى بدائرة علائقية راقية تعتمد التفاهم والحوار وتتحلى بالثقافة وتتمتع بأبسط الحقوق المادية والمعنوية.
نعم مصارعة الطواحين لا تجدي نفعاً أمام من هو فاشل على صعيد عائلته، لأن العائلة هي الصورة المُصغرة للكون، وهي المعيار الذي يُبنى عليه نجاح الخطط في التقدم والتغيير نحو الأفضل، فماذا نكون قد كسبنا لو ربحنا العالم وخسرنا أنفسنا. عبارة ينبغي أن تكون حاضرة دائماً قبل امتشاق سيف القتال لمصارعة الطواحين في معارك وهمية لا علاقة لها بواقعنا المُعاش.
ثمة الكثير من نماذج دونكيشوت في هذا العالم، والأدهى من ذلك أن أبطال رواية الكاتب الإسباني سرفانتس موجودون في كل الدوائر الإجتماعية والسياسية حتى على أضيق النطاقات.
وهم يخوضون معاركهم الوهمية غير أبهين اذا خسروا أنفسهم وعائلاتهم.
يحدثونك في التغيير على مستويات عليا هي أقرب الى الحديث عن أمور طوباويةأقرب الى الطوباية: تحقيق النظام الاشتراكي والاستغناء عن الدول، تأسيس الخلافة الإسلامية، التمهيد لظهور دولة المهدي وتحقيق العدل الإلهي، تحقيق الحلم بدولة قومية تجمع أخوة الدم في كيان سياسي اقتصادي واحد، تأسيس دولة الحرية والديموقراطية المُطلقة، الخ.
أحلام واسعة بوسع طموحات دونكيشوت، أو أكبر من خيال سرفانتس تجدها وسط إمكانيات جد متواضعة هي أكثر ملائمة لتحقيق أمور معيشية صغيرة لكنها ضرورية جداً، مثل حاجات الأسرة من مأكل وملبس وتعليم وطبابة وتربية.
دونكيشوت هذا الذي يريد أن يغيّر العالم من مقعده في البيت، حيث أولاده يفتقدون لأبسط حقوقهم، هو نموذج الإنسان الفاشل الذي لم يستطع كسب ود أطفاله لغياب ثقافة تربوية استيعابية عن عقله، فهرب إلى الأمام على نحو غير مسبوق فبات يتحدث في السياسة ويحلل ويناقش ويجادل ويشتم وكأنه قد ملك زمام الحقيقة، على طريقة الأحمق في المثل الروسي الذي يقول دائماً “وجدت الحقيقة”.
وإذا باشرت معه حديثاً في الاقتصاد فهو أهم من مالتوس وآدم سميث وكارل ماركس. أما في الدين فهو العلامة المُحدّث الذي لا يفوته آية قرآنية أو حديث نبوي، فتراه يتحدث وقد اشتد عصبه واحمّر وجهه وعلا ضغط الدم والشرايين وكادت عروق رقبته تتفجّر، ملقياً الأحكام على غيره بالكفر والشرك والضلال، واهماُ نفسه بأنه خليفة الله على الأرض والمُوكل بمحاسبة البشر وتحقيق الدولة الدينية.
هو دونكيشوت الفاشل الذي لم يستطع أن يؤمّن أبسط متطلبات عائلته، يخرج علينا شاهراً سيف تكبّره وادّعائاته وأكاذيبه حول تاريخ حافل بالبطولات الوهمية.
هو دونكيشوت الفاشل الذي لا يستحق أن يعيش بين البشر، لأنه قد جهل أن الانسان اذا لم ينجح على صعيده الشخصي الضيق فمن المستحيل أن يكون ناجحاً على المستوى العام. وحتى لو نجح في بعض قطاعات الشأن العام فلن يكون ناجحاً على مستوى تكوين أسرة نموذجية تتحلى بدائرة علائقية راقية تعتمد التفاهم والحوار وتتحلى بالثقافة وتتمتع بأبسط الحقوق المادية والمعنوية.
نعم مصارعة الطواحين لا تجدي نفعاً أمام من هو فاشل على صعيد عائلته، لأن العائلة هي الصورة المُصغرة للكون، وهي المعيار الذي يُبنى عليه نجاح الخطط في التقدم والتغيير نحو الأفضل، فماذا نكون قد كسبنا لو ربحنا العالم وخسرنا أنفسنا. عبارة ينبغي أن تكون حاضرة دائماً قبل امتشاق سيف القتال لمصارعة الطواحين في معارك وهمية لا علاقة لها بواقعنا المُعاش.
"برس نت" 7 كانون الثاني 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق