أكدت زيارة الرئيس الصيني، هو جينتاو، الأخيرة إلى واشنطن، أن العلاقة بين الصين والولايات المتحدة باتت تسير وفق صيغة جديدة قائمة على التعاون الاقتصادي والتفاهم في الأمور الخلافية بدل الصدام وسباق التسلح. ولعل الإشارة الأهم في هذا السياق، هي زيارة وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس إلى بكين، حيث وصل التعاون العسكري إلى ذروته
كان الرئيس الصيني، هو جينتاو، واضحاً خلال زيارته للولايات المتحدة في التاسع عشر من الشهر الجاري (دامت أياماً عدّة)، في تحديد أولويات السياسة الصينية تجاه الخصم التاريخي في شمال الكرة الأرضية. فقد أكد في خطاب أمام لجنة الأعمال الصينية الأميركية أن بلاده ملتزمة بحل سلمي للنزاعات وبموقعها العسكري «الدفاعي»، متعهداً بـ«ألا نخوض أي سباق تسلح مع الولايات المتحدة أو نمثّل أي تهديد عسكري لأي دولة، والصين لن تسعى إلى السيطرة أو التوسّع».
لكنه لدى طرحه القضايا الخلافية الرئيسية بين الصين والولايات المتحدة، أعرب عن التزام حكومته ببناء «بلد اشتراكي حديث»، رافضاً أي تدخل أجنبي في قضيتي تايوان والتيبت اللتين قال إنهما «تخصّان سيادة الصين وتماسك أراضيها وتلامسان شعور 1.3 مليار صيني».
ويبدو أن الموقف الصيني الجديد الذي بات يضع الاقتصاد في قائمة أولويات المصالح الحيوية للبلاد، قد تماهى مع التغيرات التي حدثت في السياسة الأميركية عبر مراحل بدأت مع سباق التسلح والصدام في عهد الإدارات الأميركية المتعاقبة، وخصوصاً في مراحل تصاعد نفوذ المحافظين الجدد، وبين مرحلة الرئيس الحالي باراك أوباما. مرحلة فضّل فيها الأميركيون سياسة التعاون كوسيلة للاحتواء وتجنب إثارة مناطق جديدة لاستنزاف الجيش الأميركي وراء البحار.
فلطالما ظلّت الصين الحمراء هدفاً رئيسياً للساسة الذين توالوا على الإدارات الأميركية من ديموقراطيين وجمهوريين على حد سواء، رغم تحوّل الاقتصاد الصيني، في مرحلة لاحقة، من اقتصاد اشتراكي موجّه، إلى ليبرالي يعتمد آليات السوق الرأسمالية. وتباينت خطط الإدارات الأميركية أيام ما كان يُعرف بالحرب الباردة، في التعاطي مع عدو تاريخي يهدّد مصالحها، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مروراً بالشرق الأوسط. فبعدما فشلت الولايات المتحدة في تدمير الصين، على غرار المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا، لجأت الى أساليب أخرى، منها الاحتواء الاقتصادي والتعاون العسكري.
وشهدت مرحلة الرئيس الأميركي رونالد ريغان تغييرات في التعاطي مع جمهورية الصين الشعبية، إذ لان موقفه كثيراً مع تقدّم ولايته، لتبدأ في حزيران 1981 رحلة الصداقة التي قام بها وزير الخارجية، ألكسندر هيغ، إلى بكين. سياسة معتدلة أرساها ريغان تجاه الصين تُمثّل امتداداً لسياستي الرئيسين، ريتشارد نيكسون وجيمي كارتر، اللتين وضعتا تعزيز العلاقات بين القوّتين الأميركية والصينية نصب أعينهما.
أما في عهد جورج بوش الابن، حيث بات التنين الصيني، قوة اقتصادية حقيقية، فقد أصبحت الرؤية مختلفة مع المحافظين الجدد. ولعل ما أعلنته وزيرة الخارجية آنذاك، كوندوليزا رايس، من أن الصين تتعاون والولايات المتحدة على قضايا تتراوح بين محاربة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، يشير الى اقتناع أميركي بأن التنين بدأ تحوّله نحو فخ الاحتواء، الذي نصبته واشنطن للنظام الحديدي، وخصوصاً أن هذا النظام بات مرشّحاً لأن يصبح القوة الثانية الاقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة، محتلاً موقع اليابان. لكن الليبرالية الصينية في الاقتصاد لم تكن لتُقنع واشنطن بأن النظام الشيوعي أصبح في دائرة الاحتواء. اقتناع عبّر عنه رايس في محاولة لإيجاد ذرائع أخرى تبرّر استمرار سياسة التضييق على الصين، بقولها «إن حصول أهل الصين على قدر أكبر من التعليم، من حريّة التفكير، ومن روح المبادرة، من شأنه، باعتقادنا، أن يفضي، بالضرورة، إلى قدر أكبر من الحريّة. وتبرّر هذه السياسة توظيف تعاون القوى الكبرى في حل النزاعات المتفاقمة من الشرق الأوسط إلى كشمير فالكونغو وغيرها».
الواضح أن الولايات المتحدة في ظل إدارة بوش وقفت عاجزة عن تكبيل الصين وفرض سيادتها عليها. ذلك رغم أن الإدارة الأميركية تبنّت رؤية نائب الرئيس ديك تشيني، التي تقول إن الولايات المتحدة لا تتفاوض مع الأشرار، بل تحبطهم وتلحق الهزيمة بهم.
بيد أن رؤية المحافظين الجدد في التعامل مع الصين لم تنجح، بل سرعان ما أُجهِضت بعد هجوم 11 أيلول في نيويورك، حيث سارعت بكين إلى إعلان دعمها لأميركا في حربها على الإرهاب. لكن يبدو أن انقساماً حاداً في الإدارة الأميركية قد طرأ على جدول الأعمال الخاص بالملف الصيني، إذ حذّرت، مراراً، وكالة الاستخبارات الأميركية الكونغرس من تعاظم القوى العسكرية في الصين، مهملةً أي ملاحظة عن مساندة الصين للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، وعمّا قدّمته من مساعدات في قضية كوريا الشمالية واستمرارها باستخدام الوسائل الاقتصادية السلمية من أجل توسيع نفوذها.
ويمكن أن تكون الرؤية الجديدة لواشنطن تجاه الصين جزءاً من استراتيجية جديدة في القرن الواحد والعشرين. وفي أيّ حال، كان المحافظون الجدد دائماً متيقنّين الى مدى خطورة الصين، لكن لم يكونوا ليتصوّروا صعود هذا العملاق الشيوعي إلى هذا المستوى من التفوق، بآليات رأسمالية. وهذا ما بدا من خلال موقف وزير الدفاع السابق رامسفيلد في صيف عام 2005، حين أعلن من سنغافورة، أن «قدرات بكين الصاروخية والبحرية والجوية، باتت تهدد موازين القوى ليس فقط في حوض آسيا ـــ الباسيفيك، بل أيضاً في كل العالم».
أمّا زيارة زيارة وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، إلى الصين في النصف الأول من هذا الشهر، فتحمل رسائل عديدة: الأولى تتعلق بالتحضير لمناقشات الرئيس الصيني، مع نظيره الأميركي، والتي كان التعاون العسكري في مقدمها. ثانياً، إرساء عقيدة جديدة لدى الأميركيين تنسحب من الاقتصاد والسياسة الى العسكر تحت شعار التعاون. وتعبّر الرسالة الثالثة عن خشية أميركية من تعاظم القوة البحرية للصينيين بالقرب من البحر الأصفر وبحر اليابان، حيث تنتشر حاملات الطائرات الأميركية الى جانب القوات العسكرية الكورية الجنوبية واليابانية. فقادة الولايات المتحدة يعبّرون دائماً عن قلقهم من سرية انتهاج الصين تطوير أسلحة تقليدية متطورة تبدو أنها تستهدف الولايات المتحدة.
أما الرسالة الرابعة، فهي التلويح بالعصا في وجه كوريا الشمالية، بأن بكين التي دعمت بيونغ يانغ لعقود، والتي لم تجد مانعاً من موافقة واشنطن على عقوبات دولية ضد النظام الكوري الستاليني لمرتين متتاليتين، قد تنصاع لرغبة واشنطن في المسألة الكورية إذا حقّقت لها أميركا بعض مصالحها الاستراتيجية.
في المقابل، بدا أن الصين التي حذّرت من المناورات العسكرية الأميركية الكورية الجنوبية قبالة سواحلها الجنوبية، قد تعمّدت تجربة الطائرة الشبح «جاي ــ 20» خلال زيارة غيتس الى بكين، لتوجيه رسالة إلى واشنطن بأن سياسة التعاون لا تمنعها من الاستمرار في سباق التسلح وتعزيز قدراتها العسكرية، وخصوصاً بعدما باتت حاملات الطائرات الأميركية على مرمى حجر من سواحلها. وفي السياق نفسه، كانت دعوة المسؤولين الصينيين وزير الدفاع الأميركي، لزيارة موقع نووي عسكري، في منطقة موتيانيو، مانحة إيّاه لمحة نادرة عن التحكم بالأسلحة التي يمكن يوماً ما أن تطلق على الولايات المتحدة.
من الواضح أن المحادثات الأمنية بين الجانبين الأميركي والصيني، تركز بشدة على الدفاع الصاروخي والنووي، وكذلك الحرب الإلكترونية والعسكرية واستخدامات الفضاء. إذ يمتلك الطرفان صواريخ بإمكانها الوصول الى شواطئ الطرف الآخر.
وما لم ينطق به غيتس في بكين، فاضت به قريحته بعد يومين في طوكيو، إذ رأى خلال زيارة لليابان أن القدرات العسكرية الصينية المتطورة في الحرب الإلكترونية والأقمار الاصطناعية، يمكن أن تهدّد قدرة القوات الأميركية على العمل في المحيط الهادئ. وكرر غيتس تعبيره عن قلق واشنطن من تحديث جيش التحرير الشعبي الصيني الذي عرض قوّته بإجراء أول اختبار على مقاتلة شبح.
بيت القصيد، أن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين لن تكون علاقة متينة كما توحي التصريحات الإيجابية من الجانبين، فتنافس المصالح والنفوذ ومصادر التوتر أكبر من أن تحلّها زيارات متبادلة سياسية أو عسكرية. فعمليات الرصد والمراقبة التي تقوم بها البحرية الأميركية على السواحل الصينية، ومبيعات الأسلحة الى تايوان، وعرض قوات المارينز عضلاتها في منطقتي آسيا والمحيط الهادئ، كل ذلك يشير الى أن التعاون لن يكون سوى شهر عسل قصير الأجل.
لكنه لدى طرحه القضايا الخلافية الرئيسية بين الصين والولايات المتحدة، أعرب عن التزام حكومته ببناء «بلد اشتراكي حديث»، رافضاً أي تدخل أجنبي في قضيتي تايوان والتيبت اللتين قال إنهما «تخصّان سيادة الصين وتماسك أراضيها وتلامسان شعور 1.3 مليار صيني».
ويبدو أن الموقف الصيني الجديد الذي بات يضع الاقتصاد في قائمة أولويات المصالح الحيوية للبلاد، قد تماهى مع التغيرات التي حدثت في السياسة الأميركية عبر مراحل بدأت مع سباق التسلح والصدام في عهد الإدارات الأميركية المتعاقبة، وخصوصاً في مراحل تصاعد نفوذ المحافظين الجدد، وبين مرحلة الرئيس الحالي باراك أوباما. مرحلة فضّل فيها الأميركيون سياسة التعاون كوسيلة للاحتواء وتجنب إثارة مناطق جديدة لاستنزاف الجيش الأميركي وراء البحار.
فلطالما ظلّت الصين الحمراء هدفاً رئيسياً للساسة الذين توالوا على الإدارات الأميركية من ديموقراطيين وجمهوريين على حد سواء، رغم تحوّل الاقتصاد الصيني، في مرحلة لاحقة، من اقتصاد اشتراكي موجّه، إلى ليبرالي يعتمد آليات السوق الرأسمالية. وتباينت خطط الإدارات الأميركية أيام ما كان يُعرف بالحرب الباردة، في التعاطي مع عدو تاريخي يهدّد مصالحها، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مروراً بالشرق الأوسط. فبعدما فشلت الولايات المتحدة في تدمير الصين، على غرار المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا، لجأت الى أساليب أخرى، منها الاحتواء الاقتصادي والتعاون العسكري.
وشهدت مرحلة الرئيس الأميركي رونالد ريغان تغييرات في التعاطي مع جمهورية الصين الشعبية، إذ لان موقفه كثيراً مع تقدّم ولايته، لتبدأ في حزيران 1981 رحلة الصداقة التي قام بها وزير الخارجية، ألكسندر هيغ، إلى بكين. سياسة معتدلة أرساها ريغان تجاه الصين تُمثّل امتداداً لسياستي الرئيسين، ريتشارد نيكسون وجيمي كارتر، اللتين وضعتا تعزيز العلاقات بين القوّتين الأميركية والصينية نصب أعينهما.
أما في عهد جورج بوش الابن، حيث بات التنين الصيني، قوة اقتصادية حقيقية، فقد أصبحت الرؤية مختلفة مع المحافظين الجدد. ولعل ما أعلنته وزيرة الخارجية آنذاك، كوندوليزا رايس، من أن الصين تتعاون والولايات المتحدة على قضايا تتراوح بين محاربة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، يشير الى اقتناع أميركي بأن التنين بدأ تحوّله نحو فخ الاحتواء، الذي نصبته واشنطن للنظام الحديدي، وخصوصاً أن هذا النظام بات مرشّحاً لأن يصبح القوة الثانية الاقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة، محتلاً موقع اليابان. لكن الليبرالية الصينية في الاقتصاد لم تكن لتُقنع واشنطن بأن النظام الشيوعي أصبح في دائرة الاحتواء. اقتناع عبّر عنه رايس في محاولة لإيجاد ذرائع أخرى تبرّر استمرار سياسة التضييق على الصين، بقولها «إن حصول أهل الصين على قدر أكبر من التعليم، من حريّة التفكير، ومن روح المبادرة، من شأنه، باعتقادنا، أن يفضي، بالضرورة، إلى قدر أكبر من الحريّة. وتبرّر هذه السياسة توظيف تعاون القوى الكبرى في حل النزاعات المتفاقمة من الشرق الأوسط إلى كشمير فالكونغو وغيرها».
الواضح أن الولايات المتحدة في ظل إدارة بوش وقفت عاجزة عن تكبيل الصين وفرض سيادتها عليها. ذلك رغم أن الإدارة الأميركية تبنّت رؤية نائب الرئيس ديك تشيني، التي تقول إن الولايات المتحدة لا تتفاوض مع الأشرار، بل تحبطهم وتلحق الهزيمة بهم.
بيد أن رؤية المحافظين الجدد في التعامل مع الصين لم تنجح، بل سرعان ما أُجهِضت بعد هجوم 11 أيلول في نيويورك، حيث سارعت بكين إلى إعلان دعمها لأميركا في حربها على الإرهاب. لكن يبدو أن انقساماً حاداً في الإدارة الأميركية قد طرأ على جدول الأعمال الخاص بالملف الصيني، إذ حذّرت، مراراً، وكالة الاستخبارات الأميركية الكونغرس من تعاظم القوى العسكرية في الصين، مهملةً أي ملاحظة عن مساندة الصين للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، وعمّا قدّمته من مساعدات في قضية كوريا الشمالية واستمرارها باستخدام الوسائل الاقتصادية السلمية من أجل توسيع نفوذها.
ويمكن أن تكون الرؤية الجديدة لواشنطن تجاه الصين جزءاً من استراتيجية جديدة في القرن الواحد والعشرين. وفي أيّ حال، كان المحافظون الجدد دائماً متيقنّين الى مدى خطورة الصين، لكن لم يكونوا ليتصوّروا صعود هذا العملاق الشيوعي إلى هذا المستوى من التفوق، بآليات رأسمالية. وهذا ما بدا من خلال موقف وزير الدفاع السابق رامسفيلد في صيف عام 2005، حين أعلن من سنغافورة، أن «قدرات بكين الصاروخية والبحرية والجوية، باتت تهدد موازين القوى ليس فقط في حوض آسيا ـــ الباسيفيك، بل أيضاً في كل العالم».
أمّا زيارة زيارة وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، إلى الصين في النصف الأول من هذا الشهر، فتحمل رسائل عديدة: الأولى تتعلق بالتحضير لمناقشات الرئيس الصيني، مع نظيره الأميركي، والتي كان التعاون العسكري في مقدمها. ثانياً، إرساء عقيدة جديدة لدى الأميركيين تنسحب من الاقتصاد والسياسة الى العسكر تحت شعار التعاون. وتعبّر الرسالة الثالثة عن خشية أميركية من تعاظم القوة البحرية للصينيين بالقرب من البحر الأصفر وبحر اليابان، حيث تنتشر حاملات الطائرات الأميركية الى جانب القوات العسكرية الكورية الجنوبية واليابانية. فقادة الولايات المتحدة يعبّرون دائماً عن قلقهم من سرية انتهاج الصين تطوير أسلحة تقليدية متطورة تبدو أنها تستهدف الولايات المتحدة.
أما الرسالة الرابعة، فهي التلويح بالعصا في وجه كوريا الشمالية، بأن بكين التي دعمت بيونغ يانغ لعقود، والتي لم تجد مانعاً من موافقة واشنطن على عقوبات دولية ضد النظام الكوري الستاليني لمرتين متتاليتين، قد تنصاع لرغبة واشنطن في المسألة الكورية إذا حقّقت لها أميركا بعض مصالحها الاستراتيجية.
في المقابل، بدا أن الصين التي حذّرت من المناورات العسكرية الأميركية الكورية الجنوبية قبالة سواحلها الجنوبية، قد تعمّدت تجربة الطائرة الشبح «جاي ــ 20» خلال زيارة غيتس الى بكين، لتوجيه رسالة إلى واشنطن بأن سياسة التعاون لا تمنعها من الاستمرار في سباق التسلح وتعزيز قدراتها العسكرية، وخصوصاً بعدما باتت حاملات الطائرات الأميركية على مرمى حجر من سواحلها. وفي السياق نفسه، كانت دعوة المسؤولين الصينيين وزير الدفاع الأميركي، لزيارة موقع نووي عسكري، في منطقة موتيانيو، مانحة إيّاه لمحة نادرة عن التحكم بالأسلحة التي يمكن يوماً ما أن تطلق على الولايات المتحدة.
من الواضح أن المحادثات الأمنية بين الجانبين الأميركي والصيني، تركز بشدة على الدفاع الصاروخي والنووي، وكذلك الحرب الإلكترونية والعسكرية واستخدامات الفضاء. إذ يمتلك الطرفان صواريخ بإمكانها الوصول الى شواطئ الطرف الآخر.
وما لم ينطق به غيتس في بكين، فاضت به قريحته بعد يومين في طوكيو، إذ رأى خلال زيارة لليابان أن القدرات العسكرية الصينية المتطورة في الحرب الإلكترونية والأقمار الاصطناعية، يمكن أن تهدّد قدرة القوات الأميركية على العمل في المحيط الهادئ. وكرر غيتس تعبيره عن قلق واشنطن من تحديث جيش التحرير الشعبي الصيني الذي عرض قوّته بإجراء أول اختبار على مقاتلة شبح.
بيت القصيد، أن العلاقة بين الولايات المتحدة والصين لن تكون علاقة متينة كما توحي التصريحات الإيجابية من الجانبين، فتنافس المصالح والنفوذ ومصادر التوتر أكبر من أن تحلّها زيارات متبادلة سياسية أو عسكرية. فعمليات الرصد والمراقبة التي تقوم بها البحرية الأميركية على السواحل الصينية، ومبيعات الأسلحة الى تايوان، وعرض قوات المارينز عضلاتها في منطقتي آسيا والمحيط الهادئ، كل ذلك يشير الى أن التعاون لن يكون سوى شهر عسل قصير الأجل.
الصين بين رؤيتين أميركيتين
يطرح روبرت كيغان، أحد منظّري المحافظين الجدد، في كتابه «عودة التاريخ ونهاية الأحلام»، فكرة إنشاء «رابطة للدول الديموقراطية» غايتها الدفاع والمحافظة على مصالح هذه الدول في وجه الصعود المتزايد «للديكتاتوريات الكبرى»، وبخاصة روسيا والصين. أما روبرت كابلان فقد توقع في «أتلانتيك مانثلي»، «حرباً أميركية ساخنة كبيرة مع الصين، أو سلسلة من المجابهات على نمط الحرب الباردة التي ستستمر عقوداً طويلة».
في المقابل، يقول الباحث لدى معهد «بروكينغز»، كين بولاك، إنه يجب على الولايات المتحدة دعوة الصين إلى الانخراط في قضايا الشرق الأوسط ـــ من إيران إلى العراق، إلى النزاع العربي الإسرائيلي»، واصفاً الصينيّين بأنهم «نجوم الروك بالنسبة إلى الشرق الأوسط»، وخاطب بولاك الساسة الأميركيّين، قائلاً «عليكم أن تسمحوا لهم (للصينيين) بالدخول، وعليكم أن تجعلوا منهم شريكنا».
في المقابل، يقول الباحث لدى معهد «بروكينغز»، كين بولاك، إنه يجب على الولايات المتحدة دعوة الصين إلى الانخراط في قضايا الشرق الأوسط ـــ من إيران إلى العراق، إلى النزاع العربي الإسرائيلي»، واصفاً الصينيّين بأنهم «نجوم الروك بالنسبة إلى الشرق الأوسط»، وخاطب بولاك الساسة الأميركيّين، قائلاً «عليكم أن تسمحوا لهم (للصينيين) بالدخول، وعليكم أن تجعلوا منهم شريكنا».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق