يكرّرالتقرير "السري" الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول النشاط النووي الإيراني نفس الهواجس التي حملتها تقارير سابقة في هذا الموضوع، لجهة الخوف من عسكرة البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية. لكنه يطرح أسئلة حول قضايا تقنية بحتة تجعل موضوع هذا الخوف مشروعاً من وجهة نظرها.
27/2/2012
24/2/2012
الأحواز: الهويّة الضائعة بين الفرس والعرب
معمر عطوي
لا يختلف إثنان على أن إقليم «خوزستان» الواقع في جنوب غرب إيران، هو محل صراع تاريخي بين العرب والفرس، بحيث لا يمكن البت بمصيره أو تحديد هويته في مقالة صحافية. هو صراع يعكس وقائع ديموغرافية، وثقافية، صبغت المنطقة بملامح عربية، فيما غلب عليها الإسم الفارسي «خوزستان»، رغم أن كلمة أهواز الفارسية لا تختلف عن “أحواز” العربية، بل مجرد لفظ بحكم عدم وجود حرف الحاء بالفارسية.
21/2/2012
صحيفة ألمانيّة: الخليجيّون مستنفرون لمناقشة تسليح حزب اللّه
معمر عطوي
20/2/2012
مؤامرة ولكن...
معمر عطوي
لا
يكفي الرد السوري على منتقدي جرائم نظام دمشق بحق شعبه، بأن هناك مؤامرة
على سوريا لدعمها المقاومة في فلسطين ولبنان، ولمواقفها «الممانعة» تجاه
املاءات الدول العظمى، فحجم المجازر التي ارتكبت منذ 15 آذار العام الماضي
حتى الآن، يفوق كل ما يُحكى عن مؤامرات وخطط عدوانية غربية على عاصمة
الأمويين ومن خلفها طهران، لا سيما أن ظلم ذوي القربى أشد إيلاماً. طبعاً
لن نفتح في هذه العجالة ملفات المعتقلين والمفقودين والمظلومين منذ تسلم
حزب البعث السلطة في العام 1963 حتى الآن.
فالحديث
عن مؤامرة ليس جديداً في هذا الصدد، خصوصاً أن أنظمة الأحزاب الشمولية
العربية في العصر الحديث، ومنها نظام البعثين في سوريا والعراق، استخدمت
ذريعة المؤامرة كفزاعة في وجه أي محاولات للتحديث أو للتنمية أو الدعوات
للانتقال من نموذج الحزب الواحد «القائد» الى التعددية الحزبية
والديموقراطية. وفي الوقت نفسه كانت هذه الأنظمة تحيك المؤامرات في الدول
الصغيرة المجاورة بالاشتراك مع الدول الغربية.
ولكي
نبقى في سورياـ الأسد، لم تتوانَ دمشق أبداً عن حياكة مؤامرات بالاشتراك
مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، في ما يتعلق بالعديد من الملفات،
أبرزها لبنان، الذي دخلته القوات العسكرية السورية واستخباراتها وعاثت فيه
فساداً ومؤامرات وصفقات مالية وأمنية لدرجة يندى لها الجبين.
المفارقة
أن سوريا التي تتحدث عن مؤامرة تستهدفها منذ تسلم حزب البعث للسلطة، هي
نفسها من حاك مؤامرة السيطرة على لبنان وتدجين تنظيماته واللعب على
تناقضاته الطائفية، بالاشتراك مع الولايات المتحدة التي كانت تفضّل لاعباً
اقليمياً قوياً يضبط الأوضاع على حدود فلسطين المحتلة لحماية أمن الكيان
العبري.
وليس
خافياً على أحد تآمر دمشق مع الغرب ضد الحركة الوطنية اللبنانية التي
كانت رأس الحربة في وجه المؤامرات الدولية الكبرى، والاستيعاض عنها كحركة
يسارية غير طائفية تجمع كافة أطياف الشعب اللبناني بحركات طائفية ومذهبية
تعزز الشرخ في الداخل لمصلحة سيطرة الاستخبارات السورية على مفاصل الحكم
والأمن والاقتصاد في البلاد.
والمتابع
لحركة السياسة السورية في لبنان فترة الثمانينات يعرف كيف كانت تتم تصفية
شخصيات وإبادة تيارات أو شق أحزاب الى ملل ونحل وتلاعب بقيادات حزبية من
هنا وهناك، من اقصى اليمين الى أقصى اليسار بمن فيهم التنظيمات والفصائل
الفلسطينية التي تواجدت على الساحة اللبنانية منذ السبعينيات.
لقد
كان دعم سورياـ حافظ الأسد واضحاً للتنظيمات اليمينية المسيحية المتطرفة
على حساب الحركة الوطنية، بحجة حفظ التوازن الطائفي. سياسة اثبتت عقمها
حين ارتمت هذه التنظيمات في حضن اسرائيل وتآمرت على لبنان وفلسطين وسوريا
معاً.
من
هنا كان دعم سوريا الواضح لحركة أمل كحركة مذهبية بإزاء أحزاب مذهبية
وطائفية أخرى، على حساب الأحزاب العلمانية والقومية. والمفارقة أن دمشق
التي تتغزّل اليوم بحزب الله ومقاومته غير المسبوقة على صعيد الصراع
العربي ـ الإسرائيلي، هي أول من ارتكب مجزرة بحق عناصر هذا الحزب في ثكنة
فتح الله في غرب بيروت عام 1987، يومها قال السيد حسن نصرالله (لم يكن
اميناً عاماً للحزب بعد)، «سنبقى هنا، سنبقى في بيروت الغربية، سنبقى في
الضاحية ولن يستطيع أحد أن يقتلعنا». ثم جاءت حرب الإخوة بين حركة أمل
وحزب الله لتبين عمق التباينات بين طهران وسوريا وانعكاس هذه المؤامرة على
المقاومة الاسلامية في لبنان بحكم تفوقها ووصولها إلى مراكز متقدمة على
صعيد تحقيق مكاسب ميدانية غير مسبوقة ضد الاحتلال وعملائه. وكانت حواجز
الجيش السوري واستخباراته تضايق عناصر حزب الله اثناء تنقلاتهم بين
المناطق لا سيما بالقرب من منطقة الشريط الحدودي الذي كان محتلاً انذاك.
ولم تتخذ سوريا قرار دعم المقاومة إلاّ بعدما شعرت أن حركة أمل حليف لا
يمكن الاعتماد عليه، فجنحت الى السلم مع حزب الله بناءاً على تفاهمات مع
طهران، وكانت تلك الاستراتيجية الجديدة في دعم المقاومة والتي أدت الى
تحرير الجزء الأكبر من الجنوب اللبناني المحتل.
إلا
أن هذه السياسة التي وإن كانت في الظاهر سياسة «ممانعة» فهذا لا يعني ان
سوريا لم تكن هي المستفيد الأول من جراء التقاطها لورقة أساسية ومهمة هي
ورقة حزب الله والتي دعمتها لاحقاً بورقة المقاومة الاسلامية الفلسطينية
التي كانت بدورها تسطّر أروع الملاحم البطولية ضد الصهاينة في فلسطين
المحتلة.
نعم
قد يكون هناك مؤامرة دولية ضد سوريا لتحالفها مع ايران ولدعمها لقوى
المقاومة (ولا استسيغ بتاتاً مصطلح الممانعة في هذا الاطار كونه يؤشر على
ان الممانعة نهايتها الموافقة بعد اطراء واغراء). لكن ما هو حجم المؤامرة
الدولية أمام المؤامرات التي حاكتها سوريا ضد الدول المجاورة بحجة حماية
خاصرتها وجنبها وما الى ذلك؟ وما هو مدى استفادة المقاومة من سوريا امام ما
حققته دمشق من مكاسب مادية ومعنوية على الصعيد الاستراتيجي الدولي؟
لقد
ورطت دمشق المقاومة في لبنان بعلاقة مريبة مع نظام النيوليبرالية
الحريرية تحت شعار «المقاومة والإعمار يداً بيد»، فكانت هي المستفيد من
الطرفين الأول على الصعيد المعنوي من خلال ورقة القوة التي اضحت بيد
الأسد، والآخر على الصعيد المادي الذي فتح مزاريب أموال الشعب اللبناني
أمام ضباطه ومسؤوليه. وأوصلت هذه السياسة ـ المؤامرة لبنان الى حرب مذهبية
دفع وما زال اللبنانيون يدفعون ثمنها.
كذلك
دعم النظام السوري بكله (وليس فقط غازي كنعان او عبد الحليم خدام كما
يزعم المدعون العفة من بقايا النظام)، كل زعماء لبنان من سارقي أموال
الفقراء الى اقطاعيين قدامى وجدد ومجرمي حرب وفاسدين ومنتفعين على أبواب
عنجر(مقر الاستخبارات السورية في لبنان) وقصر المهاجرين الرئاسي في دمشق،
فكان وجوده في لبنان شرعياً من حيث الشكل الا ان ممارساته كانت تمثل
الاحتلال بكل صوره.
ألم
يسأل «الممانعون» أنفسهم، لماذا تحولت علاقات دمشق مع أنقرة نهاية
التسعينيات من علاقة عداء وتنافر إلى علاقة صداقة وتعاون؟ ألم يذكر هؤلاء
قائد حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان الذي باعته سوريا بثلاثين من
الفضة. ومن قبله المناضل الأممي كارلوس، الذي طردته الى السودان حيث كانت
الاستخبارات الفرنسية بانتظاره. وما سر خروج سوريا من عزلتها في العام
2008 بعد ثلاثة أعوام من المواجهة مع الغرب على خلفية اغتيال رئيس الحكومة
اللبناني رفيق الحريري؟ ألم يكن القائد المناضل عماد مغنية ثمناً لهذا
الانفتاح المفاجئ؟ لماذا لا يسأل المقاومون ومن خلفهم «الممانعون» أنفسهم
حول الثمن المقبل لمؤامرات تحيكها دمشق مع عواصم العالم منذ تسلم «البعث»
مقادير الأمور.
أهم
من ذلك، كيف يمكن لنظام الأسد أن يتحدث عن مؤامرات خارجية وهو بسياسته
الأمنية الإجرامية يشرّع الأبواب أمام تدخلات الفاسق والفاجر، ويعطي
المسوّغات تلو الأخرى لتبلور مؤامرات على غرار مؤامرات حكمه السالفة.
هل
الرد على المؤامرات الخارجية يكون بمصادرة أهم أهداف المقاومة، وأسمى
غاياتها وهي حرية الانسان وكرامته وحقوقه؟ ألم يكن الأجدى الرد على
المؤامرات وتهديد المسلحين والسلفيين وغيرها من «الفزّاعات» التي لا تمثل
حقيقة مطالب الشعب السوري، بمزيد من الديموقراطية والانفتاح على الناس؟
بالفعل
ظلم ذوي القربى أشد إيلاماً، وهو ما يدفع بعض السوريين للمطالبة بتدخل
دولي لانقاذ الشعب من مجازر تحصل كل يوم بإسم صد المؤامرة وحماية «قلعة
المقاومة». فتاريخ هذا النظام القمعي ضد خصومه لا يعطيه أبداً صك براءة
مهما كانت درجة استخدامه لورقة المقاومة ومهما بلغ حجم ذريعته في التصدي
لمؤامرات الخارج. لقد حفرت دمشق حفرة لأبنائها وبدأت هي نفسها بالانزلاق
اليها.
17/2/2012
ليبيا على فوهة بركان السلاح
عناصر من القوات المسلّحة الليبية خلال عرض عسكري في طرابلس (إسماعيل زيتوني ــ رويترز)
13/2/2012
يواخيم غاوك رئيساً لألمانيا: القسيس «اليساري»
معمر عطوي
لم يكن انتخاب القس السابق الناشط الحقوقي الألماني يواخيم غاوك، رئيساً لجمهورية ألمانيا الاتحادية، بالأمر الغريب أو الطارئ، فحظوظ الرجل كانت مرجّحة للفوز منذ استقالة سلفه كريستيان فولف في شباط/ فبراير الماضي على خلفية اتهامات بالفساد.
أما سبب هذا الترجيح فسنده شبه الإجماع الذي حظي به الرجل منذ استقالة فولف، حيث اعلنت الأحزاب الفاعلة على الساحة الألمانية عن تأييدها لهذا الترشيح، باستثناء حزب اليسار الذي رشّح الناشطة السابقة ضد النازية بيئاتي كلارسفيلد (73 عاماً) الى هذا المنصب الشرفي، والذي لا يُعتبر فاعلاً على مستوى الحكم في البلاد.
المراقبون وصفوا انتخاب غاوك (72 عاماً) الأحد الماضي (18 آذار/ مارس) من قبل المجلس، الذي يضم نواب البرلمان ومندوبين من عالم السياسة والمجتمع المدني، بأنه «أمر شكلي»، بعدما لقي القس السابق دعم الاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل وحليفها الحزب الديموقراطي الحر (الليبرالي) بزعامة وزير الخارجية غيدو فيسترفيله والمعارضة التي يقودها الحزب الاشتراكي الديموقراطي الى جانب حزب الخضر، فيما بقي حزب اليسار بقيادة غريغور غيزي خارج مجال التأييد للناشط الحقوقي السابق المتحدّر من شرق البلاد.
وكانت النتيجة متوقّعة حيث حصل غاوك على 991 صوتاً من إجمالي 1228 صوتاً داخل الجمعية الاتحادية في مقر البرلمان الألماني في العاصمة برلين، ليصبح بذلك الرئيس الحادي عشر للبلاد، فيما حصلت منافسته اليسارية كلارسفيلد على 126 صوتاً فقط.
الدلالة الأهم في هذا الاختيار هو أن غاوك، الذي يدخل مع صديقته الصحافية دانييلا شادت اليوم (الاثنين 19 اذار 2012) قصر Bellevue الرئاسي، متحدّر مثل المستشارة ميركل من شرق البلاد، حيث عاش الاثنان في زمن الانقسام.
ربما لهذا السبب دعمت ميركل ترشيح غاوك الذي كان مرشح خصومها في الحزب الاشتراكي عام 2010 في وجه مرشحها كريستيان فولف، الذي سبّب إحراجاً للحزب المسيحي وللمستشارة بعد أن شغل هذا المنصب عشرين شهراً من الولاية الرئاسية المحددة بخمس سنوات، بسبب اتهامه باستغلال منصبه للحصول على قروض مصرفية وقضايا اخرى وُصفت بالفساد.
ولعل الأمر الآخر الذي يشكّل قاسماً مشتركاً بين المستشارة والرئيس الجديد، هو أن غاوك ووالد ميركل أيضا كانا رجلي دين في الشطر الشرقي الذي سيطر عليه لسنوات طويلة الشيوعيون الذين لم تكن تربطهم بالمؤسسات الدينية أي علاقة ود.
المفارقة أن الرئيس الجديد ظلت مواقفه ملتبسة، فهو وإن كان قريباً من الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يتبنى طروحات أكثر ايجابية تجاه المهاجرين الأجانب، نجده يدافع عن تيلو سارازين، الكاتب الذي اثار موجة من الانتقادات ضد كتاب نشره في العام 2010 اساء الى صورة المهاجرين في ألمانيا، في حين وصفه غاوك بأنه “شجاع”.
بيد أن غاوك، وكما نقلت عنه «دويتشه فيله»، قد نأى بنفسه عن أطروحات سارازين، وأكد بأنه أرد فقط امتداح ما يتعلق بخرق العادة الدبلوماسية المألوفة في الدوائر السياسية الألمانية، وهو ما قام به السياسي سارازين عبر كتابه. وبهذا الشأن أكد غاوك أنه يرفض أي نوع من الحظر الفكري.
في الوقت نفسه، وصف غاوك نفسه ذات مرة بأنه “محافظ ليبرالي ويساري”. وانتقد حركة “احتلوا وول ستريت” في الولايات المتحدة، ووصفها بأنها “غبية”. وعلى خط موازٍ للرجل مبادرات داعمة للديموقراطية ومناهضة للعنصرية .
فيسارية القس البروتستانتي السابق التي يتغنى بها، لم تمنعه من أن ينشط حقوقياً في ألمانيا الشرقية اليسارية النظام، حيث كان مناهضاً للنظام الشيوعي وناطقاً باسم المعارضة في مدينة روستوك (شرق)، مسقط رأسه قبل انهيارجدار برلين .
وفي سيرته الذاتية “الشتاء في الصيف والربيع في الخريف”، التي صدرت في العام 2009 تحدث عن عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي للكثيرين من قبل الشرطة السياسية الألمانية الشرقية (شتازي) سابقاً، بمن فيهم والده الذي تعرّض أيضاً للاعتقال، اذ حكمت عليه محكمة عسكرية سوفياتية بالسجن 25عاماً عندما كان غاوك طفلا. وقد أمضى الأب سنوات عديدة في أحد المعتقلات في سيبيريا.
لكن غاوك الذي حلم بأن يصبح صحافياً قبل أن يصبح رجل دين، كان تحت مراقبة جهاز أمن الدولة، من دون ان يُصار الى اعتقاله.
الا أن وثيقة لجهاز «شتازي» وصفته بأنه «شخص مناهض للشيوعيين بتزمُّت ويرى الاشتراكية والشيوعية على أنها ظاهرة مؤقتة».
مسيرة غاوك النضالية هذه جعلته مرشّحاً وحيداً ليكون أول مسؤول في ألمانيا الاتحادية عن أرشيف الشرطة السرية «شتازي»، إذ عمِل مديراً لقسم توثيق سجلات “شتازي”، منذ عام 1990 وبقي في هذه الوظيفة 9 سنوات، كان خلالها مسؤولاً عن أكثر من 2700 موظف، قاموا بأرشفة وحفظ معلومات جهاز أمن الدولة الشيوعية، والمتعلقة بالملفات الشخصية لمئات الآلاف من المواطنين والمرشحين للمناصب العامة.
وقد أوردت «دويتشه فيله» أن الرجل منفصل من دون طلاق عن زوجته غيرهيلد، منذ عام 1991، ويعيش منذ اثني عشر عاماً مع صديقته الصحافية، التي أعلن استعداده للزواج منها إذا ما انتخب رئيساً لألمانيا، قبيل انتخابات الرئيس في العام 2010.
لم يكن انتخاب القس السابق الناشط الحقوقي الألماني يواخيم غاوك، رئيساً لجمهورية ألمانيا الاتحادية، بالأمر الغريب أو الطارئ، فحظوظ الرجل كانت مرجّحة للفوز منذ استقالة سلفه كريستيان فولف في شباط/ فبراير الماضي على خلفية اتهامات بالفساد.
أما سبب هذا الترجيح فسنده شبه الإجماع الذي حظي به الرجل منذ استقالة فولف، حيث اعلنت الأحزاب الفاعلة على الساحة الألمانية عن تأييدها لهذا الترشيح، باستثناء حزب اليسار الذي رشّح الناشطة السابقة ضد النازية بيئاتي كلارسفيلد (73 عاماً) الى هذا المنصب الشرفي، والذي لا يُعتبر فاعلاً على مستوى الحكم في البلاد.
المراقبون وصفوا انتخاب غاوك (72 عاماً) الأحد الماضي (18 آذار/ مارس) من قبل المجلس، الذي يضم نواب البرلمان ومندوبين من عالم السياسة والمجتمع المدني، بأنه «أمر شكلي»، بعدما لقي القس السابق دعم الاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل وحليفها الحزب الديموقراطي الحر (الليبرالي) بزعامة وزير الخارجية غيدو فيسترفيله والمعارضة التي يقودها الحزب الاشتراكي الديموقراطي الى جانب حزب الخضر، فيما بقي حزب اليسار بقيادة غريغور غيزي خارج مجال التأييد للناشط الحقوقي السابق المتحدّر من شرق البلاد.
وكانت النتيجة متوقّعة حيث حصل غاوك على 991 صوتاً من إجمالي 1228 صوتاً داخل الجمعية الاتحادية في مقر البرلمان الألماني في العاصمة برلين، ليصبح بذلك الرئيس الحادي عشر للبلاد، فيما حصلت منافسته اليسارية كلارسفيلد على 126 صوتاً فقط.
الدلالة الأهم في هذا الاختيار هو أن غاوك، الذي يدخل مع صديقته الصحافية دانييلا شادت اليوم (الاثنين 19 اذار 2012) قصر Bellevue الرئاسي، متحدّر مثل المستشارة ميركل من شرق البلاد، حيث عاش الاثنان في زمن الانقسام.
ربما لهذا السبب دعمت ميركل ترشيح غاوك الذي كان مرشح خصومها في الحزب الاشتراكي عام 2010 في وجه مرشحها كريستيان فولف، الذي سبّب إحراجاً للحزب المسيحي وللمستشارة بعد أن شغل هذا المنصب عشرين شهراً من الولاية الرئاسية المحددة بخمس سنوات، بسبب اتهامه باستغلال منصبه للحصول على قروض مصرفية وقضايا اخرى وُصفت بالفساد.
ولعل الأمر الآخر الذي يشكّل قاسماً مشتركاً بين المستشارة والرئيس الجديد، هو أن غاوك ووالد ميركل أيضا كانا رجلي دين في الشطر الشرقي الذي سيطر عليه لسنوات طويلة الشيوعيون الذين لم تكن تربطهم بالمؤسسات الدينية أي علاقة ود.
المفارقة أن الرئيس الجديد ظلت مواقفه ملتبسة، فهو وإن كان قريباً من الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يتبنى طروحات أكثر ايجابية تجاه المهاجرين الأجانب، نجده يدافع عن تيلو سارازين، الكاتب الذي اثار موجة من الانتقادات ضد كتاب نشره في العام 2010 اساء الى صورة المهاجرين في ألمانيا، في حين وصفه غاوك بأنه “شجاع”.
بيد أن غاوك، وكما نقلت عنه «دويتشه فيله»، قد نأى بنفسه عن أطروحات سارازين، وأكد بأنه أرد فقط امتداح ما يتعلق بخرق العادة الدبلوماسية المألوفة في الدوائر السياسية الألمانية، وهو ما قام به السياسي سارازين عبر كتابه. وبهذا الشأن أكد غاوك أنه يرفض أي نوع من الحظر الفكري.
في الوقت نفسه، وصف غاوك نفسه ذات مرة بأنه “محافظ ليبرالي ويساري”. وانتقد حركة “احتلوا وول ستريت” في الولايات المتحدة، ووصفها بأنها “غبية”. وعلى خط موازٍ للرجل مبادرات داعمة للديموقراطية ومناهضة للعنصرية .
فيسارية القس البروتستانتي السابق التي يتغنى بها، لم تمنعه من أن ينشط حقوقياً في ألمانيا الشرقية اليسارية النظام، حيث كان مناهضاً للنظام الشيوعي وناطقاً باسم المعارضة في مدينة روستوك (شرق)، مسقط رأسه قبل انهيارجدار برلين .
وفي سيرته الذاتية “الشتاء في الصيف والربيع في الخريف”، التي صدرت في العام 2009 تحدث عن عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي للكثيرين من قبل الشرطة السياسية الألمانية الشرقية (شتازي) سابقاً، بمن فيهم والده الذي تعرّض أيضاً للاعتقال، اذ حكمت عليه محكمة عسكرية سوفياتية بالسجن 25عاماً عندما كان غاوك طفلا. وقد أمضى الأب سنوات عديدة في أحد المعتقلات في سيبيريا.
لكن غاوك الذي حلم بأن يصبح صحافياً قبل أن يصبح رجل دين، كان تحت مراقبة جهاز أمن الدولة، من دون ان يُصار الى اعتقاله.
الا أن وثيقة لجهاز «شتازي» وصفته بأنه «شخص مناهض للشيوعيين بتزمُّت ويرى الاشتراكية والشيوعية على أنها ظاهرة مؤقتة».
مسيرة غاوك النضالية هذه جعلته مرشّحاً وحيداً ليكون أول مسؤول في ألمانيا الاتحادية عن أرشيف الشرطة السرية «شتازي»، إذ عمِل مديراً لقسم توثيق سجلات “شتازي”، منذ عام 1990 وبقي في هذه الوظيفة 9 سنوات، كان خلالها مسؤولاً عن أكثر من 2700 موظف، قاموا بأرشفة وحفظ معلومات جهاز أمن الدولة الشيوعية، والمتعلقة بالملفات الشخصية لمئات الآلاف من المواطنين والمرشحين للمناصب العامة.
وقد أوردت «دويتشه فيله» أن الرجل منفصل من دون طلاق عن زوجته غيرهيلد، منذ عام 1991، ويعيش منذ اثني عشر عاماً مع صديقته الصحافية، التي أعلن استعداده للزواج منها إذا ما انتخب رئيساً لألمانيا، قبيل انتخابات الرئيس في العام 2010.
10/2/2012
حظر النفط الإيراني: أوروبا تعاقب نفسها
يبدو أن القرار الذي اتخذته دول الاتحاد الأوروبي في الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني الماضي، بفرض حظر على استيراد النفط الإيراني، والذي أتى بعد قرار أميركي مشابه، لن يكون مضراً باقتصاد الدولة الفارسية فقط، بل سيُلحق الضرر أيضاً بدول عديدة، بينها دول فاعلة في المنظومة الأوروبية، بسبب اعتمادها بنحو كبير على هذا النفط
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)