بدت بكين حذرة في ما يتعلق بإطلاق مواقف تجاه «ربيع العرب»، رغم أهميتها السياسية على المسرح الدولي، وعلاقاتها الاقتصادية العميقة مع بعض الدول العربية، فالموقف الصيني الصامت حاول أن يكون وسطياً، أقلّه في ليبيا
عوامل عديدة تقف خلف هذا الصمت في الموقف الصيني تجاه ثورات «ربيع العرب»، ربما يكون أهمها الخوف من انتقال هذا الحراك الشعبي من دول المنطقة الى حضن التنين، الذي لا يقل جبروت نظامه الديكتاتوري عن أي نظام عربي، رغم اعتماده الليبرالية وفتح الأسواق على الصعيد الاقتصادي.
فمنذ بدء ثورة تونس في كانون الأول الماضي، نظر المسؤولون الصينيون بحذر الى «الموت القادم من الشرق الأوسط»، وإمكان تأثيره على الجيل الصاعد في بلادهم الشهيرة بالتكنولوجيا والاتصالات. لهذا كان تحذير رئيس الحزب الشيوعي في إقليم شينجيانغ، تشانغ تشون شيان، الشهر الماضي من أنه «ينبغي أن نعي الدروس من الشرق الأوسط على المستوى التقني».
مصداق فرضية الخوف من استيراد الثورات، يكمن في الإجراءات التي قامت بها الحكومة الصينية على مستوى حظر مواد في الإنترنت مثل عبارة «زهرة الياسمين»، رمز الثورة التونسية، و«مصر»، وخصوصاً بعد اشتباكات وقعت بين متظاهرين لبّوا دعوات إلى التظاهر، نشرت على الإنترنت، والشرطة الصينية في هونغ كونغ في 27 شباط الماضي، أي بعد أيام من اندلاع ثورتي ليبيا واليمن.
وبدا هذا الخوف أكثر وضوحاً حين أصدرت الشرطة الصينية بياناً قالت فيه إن «الأمن والاستقرار هما ما يبغيهما الشعب الصيني كله، أما هؤلاء الذين يريدون نشر الفوضى فهم واهمون، ومن يستلهمون الثورات العربية محكوم عليهم بالفشل».
عامل الخوف من انتشار نيران الثورة العربية في هشيم التنين الصيني، يُضاف الى عوامل أخرى بعضها سياسي يتعلق بتمسك بكين بسياسة الموقع القطب في مواجهة الولايات المتحدة، وبعضها الآخر على علاقة بمصالح اقتصادية قد تكون امتداداً لتبلور الموقف السياسي بشكل أو بآخر.
صمت المسؤولين الصينيين عن التعليق على ثورات العرب، لم يمنعهم من اتخاذ موقف حيال المسألة الليبية. لقد أُجبرت الصين على عدم استخدام حق النقض في مجلس الأمن أثناء التصويت على القرار 1973، وفضلت الانضمام الى روسيا وألمانيا والهند والبرازيل في الامتناع عن التصويت. موقف حاولت من خلاله أن تضمن استمرار العلاقة مع النظام الليبي، في ظل إشارات قوية الى إمكان صموده لفترة طويلة، ولا سيما أن العقيد معمر القذافي فتح أمام الشركات الصينية أبواب الهضبة الأفريقية للاستثمار في قطاعات عديدة.
وحاولت الدولة الآسيوية تبرير هذه الخطوة الوسطية بأنها تأخذ بعين الاعتبار الإنصات جيداً لآراء الدول العربية والأفريقية عند اتخاذ أي قرار أو إجراءات بشأن ليبيا، حسبما أوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، جيانغ يوي. مع الإصرار على «تحفظها الشديد» على التحرك العسكري في الجماهيرية.
لكن الجنوح الصيني نحو معارضة أو منافسة قرارات دولية، لم يمنعها من التصويت لمصلحة القرار 1970 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي يوم 26 شباط الماضي، ويحظر تصدير الأسلحة لليبيا ويفرض عقوبات أخرى تستهدف العقيد القذافي وأفراد أسرته والمقربين منه.
أما الصحف الصينية التي تعكس دائماً الموقف الرسمي، فقد انتقدت بشدة الغارات التي يشنها حلف شمالي الأطلسي على ليبيا، متهمة الدول التي تدعم الضربات بانتهاك الأحكام الدولية والمغامرة بإحداث اضطرابات جديدة في الشرق الأوسط.
وظهرت أعنف إدانة للهجمات الجوية الغربية على قوات القذافي في صحيفة «الشعب» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني. وكشفت كيف يمكن الصراع أن يصبح نقطة توتر جديدة بين بكين وواشنطن.
كذلك، لم تصمت الصين إزاء خطوة بريطانيا وبعض الدول إرسال مستشارين عسكريّين الى بنغازي، حيث معقل المعارضة الليبية، معتبرة على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية، هونغ لي، أنها لا توافق على أي تصرف يتخطى تفويض مجلس الأمن الدولي، الذي «يتحمل المسؤولية الأولى في حماية السلام والأمن في العالم»، مشدداً على أن «الأطراف ذات الصلة، عليها الالتزام التام بقرارات مجلس الأمن الدولي».
في أي حال، حفظت بكين خط الرجعة، إذ إن موقفها هذا قد يجعل لها حظوة في الكعكة العربية، إذا استمرت الغارات الجوية وأوقعت المزيد من الضحايا.
وفي ما يتعلق باليمن، رأت بكين في معرض مناقشات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، أن المسألة تخص الشعب اليمني نفسه، في خياراته الديموقراطية وحل مشاكله بالحوار الوطني.
اللافت أن الصين التي اعتصمت بالصمت والحذر أيضاً تجاه قضايا تونس ومصر، لم تقصّر في المبادرة الى تحسين صورتها لدى المعارضة التي انتصرت في كلا البلدين، فقد منحت هبة مالية لتونس بقيمة 40 مليون يوان (6.065 ملايين دولار)، على شكل استثمارات في مشاريع تنموية. وفي موضوع الثورة المصريّة، استقبلت لجنة العلاقات الدولية في اتحاد الصناعات المصرية وفداً من المستثمرين الصينيين يضم ممثلين من الشركات والمؤسسات التمويلية، في إطار برنامج لزيادة مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، حسبما ذكرت صحيفة «اليوم السابع» المصرية.
خطوات تؤكد الى جانب العديد من المشاريع التي أُعلنت والتي لم تُعلن بعد، أن الصين الخائفة من التغيير لن تتجنب الخوض في علاقات جديدة مع نتائج الثورات إذا اقتضت مصلحتها ذلك. وفي كل حال، لن يدع التنين الآسيوي الولايات المتحدة ودول أوروبا تستأثر بخيرات هذه البلاد، التي تُسيّل لعاب الدول العظمى.
مصداق فرضية الخوف من استيراد الثورات، يكمن في الإجراءات التي قامت بها الحكومة الصينية على مستوى حظر مواد في الإنترنت مثل عبارة «زهرة الياسمين»، رمز الثورة التونسية، و«مصر»، وخصوصاً بعد اشتباكات وقعت بين متظاهرين لبّوا دعوات إلى التظاهر، نشرت على الإنترنت، والشرطة الصينية في هونغ كونغ في 27 شباط الماضي، أي بعد أيام من اندلاع ثورتي ليبيا واليمن.
وبدا هذا الخوف أكثر وضوحاً حين أصدرت الشرطة الصينية بياناً قالت فيه إن «الأمن والاستقرار هما ما يبغيهما الشعب الصيني كله، أما هؤلاء الذين يريدون نشر الفوضى فهم واهمون، ومن يستلهمون الثورات العربية محكوم عليهم بالفشل».
عامل الخوف من انتشار نيران الثورة العربية في هشيم التنين الصيني، يُضاف الى عوامل أخرى بعضها سياسي يتعلق بتمسك بكين بسياسة الموقع القطب في مواجهة الولايات المتحدة، وبعضها الآخر على علاقة بمصالح اقتصادية قد تكون امتداداً لتبلور الموقف السياسي بشكل أو بآخر.
صمت المسؤولين الصينيين عن التعليق على ثورات العرب، لم يمنعهم من اتخاذ موقف حيال المسألة الليبية. لقد أُجبرت الصين على عدم استخدام حق النقض في مجلس الأمن أثناء التصويت على القرار 1973، وفضلت الانضمام الى روسيا وألمانيا والهند والبرازيل في الامتناع عن التصويت. موقف حاولت من خلاله أن تضمن استمرار العلاقة مع النظام الليبي، في ظل إشارات قوية الى إمكان صموده لفترة طويلة، ولا سيما أن العقيد معمر القذافي فتح أمام الشركات الصينية أبواب الهضبة الأفريقية للاستثمار في قطاعات عديدة.
وحاولت الدولة الآسيوية تبرير هذه الخطوة الوسطية بأنها تأخذ بعين الاعتبار الإنصات جيداً لآراء الدول العربية والأفريقية عند اتخاذ أي قرار أو إجراءات بشأن ليبيا، حسبما أوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، جيانغ يوي. مع الإصرار على «تحفظها الشديد» على التحرك العسكري في الجماهيرية.
لكن الجنوح الصيني نحو معارضة أو منافسة قرارات دولية، لم يمنعها من التصويت لمصلحة القرار 1970 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي يوم 26 شباط الماضي، ويحظر تصدير الأسلحة لليبيا ويفرض عقوبات أخرى تستهدف العقيد القذافي وأفراد أسرته والمقربين منه.
أما الصحف الصينية التي تعكس دائماً الموقف الرسمي، فقد انتقدت بشدة الغارات التي يشنها حلف شمالي الأطلسي على ليبيا، متهمة الدول التي تدعم الضربات بانتهاك الأحكام الدولية والمغامرة بإحداث اضطرابات جديدة في الشرق الأوسط.
وظهرت أعنف إدانة للهجمات الجوية الغربية على قوات القذافي في صحيفة «الشعب» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني. وكشفت كيف يمكن الصراع أن يصبح نقطة توتر جديدة بين بكين وواشنطن.
كذلك، لم تصمت الصين إزاء خطوة بريطانيا وبعض الدول إرسال مستشارين عسكريّين الى بنغازي، حيث معقل المعارضة الليبية، معتبرة على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية، هونغ لي، أنها لا توافق على أي تصرف يتخطى تفويض مجلس الأمن الدولي، الذي «يتحمل المسؤولية الأولى في حماية السلام والأمن في العالم»، مشدداً على أن «الأطراف ذات الصلة، عليها الالتزام التام بقرارات مجلس الأمن الدولي».
في أي حال، حفظت بكين خط الرجعة، إذ إن موقفها هذا قد يجعل لها حظوة في الكعكة العربية، إذا استمرت الغارات الجوية وأوقعت المزيد من الضحايا.
وفي ما يتعلق باليمن، رأت بكين في معرض مناقشات مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، أن المسألة تخص الشعب اليمني نفسه، في خياراته الديموقراطية وحل مشاكله بالحوار الوطني.
اللافت أن الصين التي اعتصمت بالصمت والحذر أيضاً تجاه قضايا تونس ومصر، لم تقصّر في المبادرة الى تحسين صورتها لدى المعارضة التي انتصرت في كلا البلدين، فقد منحت هبة مالية لتونس بقيمة 40 مليون يوان (6.065 ملايين دولار)، على شكل استثمارات في مشاريع تنموية. وفي موضوع الثورة المصريّة، استقبلت لجنة العلاقات الدولية في اتحاد الصناعات المصرية وفداً من المستثمرين الصينيين يضم ممثلين من الشركات والمؤسسات التمويلية، في إطار برنامج لزيادة مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، حسبما ذكرت صحيفة «اليوم السابع» المصرية.
خطوات تؤكد الى جانب العديد من المشاريع التي أُعلنت والتي لم تُعلن بعد، أن الصين الخائفة من التغيير لن تتجنب الخوض في علاقات جديدة مع نتائج الثورات إذا اقتضت مصلحتها ذلك. وفي كل حال، لن يدع التنين الآسيوي الولايات المتحدة ودول أوروبا تستأثر بخيرات هذه البلاد، التي تُسيّل لعاب الدول العظمى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق